الموضوع: محمد الزرقطوني
عرض مشاركة واحدة
Nadosh
موقوف
المشاركات: 9,263
تاريخ التسجيل: Mar 2011
الدولة: بلاد الكفار
Nadosh غير متواجد حالياً  
قديم 2011-12-07, 10:44 PM
 
محمد الزرقطوني

ولد محمد الزرقطوني سنة 1925 بمدينة الدارالبيضاء وقد ترعرع في أحضان الحركة الوطنية واحتك بالاستعمار منذ نعومة اظافره، واستطاع سنة 1950 تكوين شعبة صغيرة من الفدائيين وقام بتدريبها وامدادها بالسلاح.









قول المقاوم الحسين برادة عن الشهيد : تعرفت على محمد الزرقطوني في أوائل شهر آذار مارس 1951 عن طريق التهامي نعمان صاحب مكتبة 'الإخوان' بدرب السلطان بحي 'الأحباس' بمدينة الدارالبيضاء، وكنا آنذاك نفكر في القيام بالعمل المسلح ضد الاحتلال الفرنسي، بتنسيق مع نخبة من الوطنيين المخلصين . وخلال حوارنا بخصوص الوضع السياسي بالمغرب، لمسنا استعدادا كاملا وصادقا من طرف محمد الزرقطوني للمشاركة في تنظيم المقاومة المسلحة، وقد كلفنا التهامي نعمان ليفاتحه في الموضوع ويدعوه للاتصال بجماعتنا وكان أول لقاء لنا بمنزل التهامي نعمان، بحضور الإخوان حسن العرايشي وسليمان رضا عباس العرايشي، وكنا مقنعين بأقنعة سوداء، باستثناء التهامي نعمان ومحمد الزرقطوني اللذين كانا مكشوفي الوجه.
وبعد توضيح وشرح الأهداف والمهام التي سنقدم عليها، خدمة للقضية الوطنية، حيث كانت المناقشات جادة ودقيقة ومعمقة فيما بيننا، امتلأت على إثرها عينا محمد الزرقطوني بالدموع، وأخبرنا بأنه يتوفر على ثلاثة مسدسات، مؤكدا لنا استعداده لكل ما يستوجبه العمل، وكان بحوزتنا آنذاك مسدس من

خشب، طرحناه أمامنا فوق الطاولة، وأدينا فوقه يمين الإخلاص لمنظمتنا . وانفض الاجتماع على أن يتجدد اللقاء بيننا فيما بعد، إذ ذاك قال الأخ الزرقطوني : 'إنني مطمئن لوجود أناس بالبلاد يفكرون بمثل هذا التفكير' وتبادلنا العناق وتوادعنا دون أن يتعرف علينا


بعد انصرام ثلاثة أيام، التقينا عند التهامي نعمان لنتذاكر في الشؤون السياسية وعن الحالة في المغرب، من غير أن يعلم الزرقطوني أننا نحن أولئك الأشخاص الذين سبق له اللقاء معهم، واتفقنا مع التهامي فيما بعد على أن نخصص موعدا للتعارف حيث قدمنا لمحمد الزرقطوني أنفسنا واحدا واحدا، ومكثنا طوال تلك الليلة بمنزل التهامي نعمان


وفي تلك الليلة ذهبنا إلى محل لبيع الخشب كان محمد الزرقطوني شريكا فيه، وحفرنا به حيزا لاستخراج صندوق خشبي كانت بداخله ثلاثة مسدسات، وأخذ كل واحد منا مسدسا، محمد الزرقطوني، سليمان رضا عباس العرايشي وعبد ربه . وفي اليوم الموالي ذهبنا إلى الواد المالح قرب المحمدية بهدف القيام باختبار المسدسات، وذلك بإطلاق طلقة واحدة . وعند العودة استوقف محمد الزرقطوني سيارة كان يعرف صاحبها وهو 'المسيو مازوني' صاحب شركة الخشب الموجودة بشارع الحاج عمر الريفي، وركبنا معه فأوصلنا ونحن حاملين لمسدساتنا وبواسطته سهل علينا تجاوز حاجز الدرك دون الخضوع لأي تفتيش في مساء ذلك اليوم اجتمعنا لدى التهامي نعمان وأسفر هذا الاجتماع عن إطلاق اسم 'المنظمة السرية' على جماعتنا وقررنا الشروع في كتابة مناشير مخطوطة، تحث التجار المغاربة على إقفال دكاكينهم وكان ذلك يوم 7 نيسان
أبريل 1951 وأمضينا هذا المنشور باسم المتطوعين

كان الشهيد محمد الزرقطوني مثالا للشاب المقدام والشجاع كان سباقا إلى العمل يختار أصعب المهام وكان عمره آنذاك لا يتجاوز 27 عاما كما كان متعطشا لتحرير المغرب وتخليصه من الاحتلال بأي ثمن، وهو يدرك أنه لتحقيق هذا الهدف لا بد من القضاء على المتعاونين مع الاستعمار، وقد حرص محمد الزرقطوني حرصا شديدا لتكون حركة المقاومة منسقة ومنظمة وتشمل كل المدن المغربية، لذلك كان كثير التنقل بين المدن والقرى في سرية تامة مع أنه لم يكن يدعي لنفسه قيادة المقاومة والعمل الفدائي بصفة رسمية وعلنية، إلا أنه كان مع ذلك يحمل صفات القائد، وكمسؤول أول كان يسعى للتنسيق بين الجماعات المسلحة كشبكة واحدة، والدليل على ذلك أنه كان يربط الاتصال بجماعة فاس عن طريق عبد الله الشفشاوني، والجماعة الثانية التي كان يشرف عليها أحمد الجاي حيث كان الاتصال بهما عن طريق البشير شجاعدين، أما جماعة مراكش فكان الاتصال بها عن طريق حمان الفطواكي


لقد كان محمد الزرقطوني قوي المراوغة والمناورة حيال الفرنسيين، شديد الانتباه والحذر من أولئك الذين كانوا يتعقبونه ويفتشون عنه، خاصة بعد افتضاح أمر بعض منفذي عملية السوق المركزي بالدارالبيضاء في كانون الأول ديسمبر 1953 الذين اعتقلوا من طرف الشرطة الفرنسية، والتي بدا لها أن الزرقطوني قد يكون أحد العناصر المدبرة الرئيسية والمحرك الأساسي لأعمال المقاومة والفداء . وأمام البحث المستمر الذي قام به البوليس الفرنسي ظل الزرقطوني يتنقل من مكان إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى


وواصل عملية توسيع نطاق خلايا المقاومة السرية وتأسيسها، إلى أن اعتقل أحد أعز أصدقائه بمدينة فاس وهو البشير شجاعدين حيث تم افتضاح أمره أمام البوليس الفرنسي، وقد سبق للزرقطوني أن صرح أمام زملائه المقاومين ' أعدكم أنه في حالة إلقاء القبض علي فسيلقون القبض على جثة هامدة ' وكذلك كان حينما ألقي عليه القبض بعد اقتحام الشرطة الفرنسية لمنزله بحي سيدي معروف بالدارالبيضاء يوم الجمعة 18 حزيران يونيو 1954 على الساعة الخامسة صباحا، ابتلع حبة السم التي كان يحملها، وفتح الباب بدون مقاومة، وما أن وصل إلى مركز الشرطة، حتى كان جثة هامدة... وصار هذا اليوم تاريخا للذكرى ويوما وطنيا للمقاومة في المغرب
.