عرض مشاركة واحدة
ابو عبدالله
مزعوط نشيط
المشاركات: 130
تاريخ التسجيل: Nov 2011
ابو عبدالله غير متواجد حالياً  
قديم 2011-12-08, 08:31 PM
 
المغرب والكويت وتجربة الريادة


30/07/2011

المغرب والكويت وتجربة الريادة


بقلم - محمد بلعيش:
في أقصى العالم العربي, وعلى ضفاف البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي, قامت تجربة فريدة في مغرب التحديات حققت السبق على مسارات الحريات العامة وبناء الدولة الحديثة, دولة المؤسسات. وفي الجهة الأخرى من العالم العربي, على أرض الكويت, انتصبت تجربة شبيهة حققت انجازات عز نظيرها على درب التطور والحداثة وتبوأت مكانة متقدمة في مجالات الإعلام والممارسة الديمقراطية والتربية والتعليم, وبذلك نشأت تجربتان من أعرق التجارب في ممارسة الديمقراطية في العالم العربي, فكان من الطبيعي أن تلتقي التجربتان وتنسجا علاقات قوية ومتينة بفضل التواصل المستمر بين قيادتي البلدين الحكيمتين.
وهكذا عرفت العلاقات المغربية - الكويتية تطورا مستمرا عبر التاريخ من خلال المبادرات المتتالية الهادفة إلى تقوية نسيج الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية والإنسانية. فهي علاقات متينة ومتجذرة, مبنية على روابط الأخوة والمحبة والتعاون المثمر. وتعد الزيارة التي قام بها إلى دولة الكويت المغفور له جلالة الملك محمد الخامس, (طيب الله ثراه) مطلع العام 1960, أول محطة لانطلاق علاقات التعاون السياسي بين البلدين الشقيقين. وهي العلاقات التي ترسخت بفضل الروابط الحميمة والمتينة التي جمعت على الدوام بين قائدي البلدين, فأسست لمصالح مشتركة ومنافع متبادلة شكلت حافزا لعلاقاتهما الثنائية التي زانها الإخاء والود, وطبعها التنسيق والدعم المتبادل لقضاياهما الوطنية, ثنائيا كما هو الشأن في المحافل الدولية.
فعلى المستوى الثنائي, كانت المملكة المغربية سباقة إلى مساندة الكويت في محنتها إبان الغزو العراقي بتاريخ 2 أغسطس .1990 فقد عقد العاهل الراحل الملك الحسن الثاني, تغمده الله برحمته, في الساعات الأولى للاحتلال, مجلسا للوزراء, حضره في سابقة سياسية وتاريخية سفير دولة الكويت في الرباط, ليعلن موقف المملكة المغربية الرافض لغزو الأراضي الكويتية, فكان المغرب بذلك أول دولة عربية تندد بهذا الاحتلال, وتدعم الحقوق المشروعة للكويت في استعادة سيادتها على أراضيها, وضمان وحدتها الترابية, وتسوية مسألة الأسرى الكويتيين.
وفي ما يخص قضيتنا الوطنية المقدسة الصحراء المغربية, فقد ساندت الكويت, ولا تزال, تساند بشكل ثابت ومطلق الحقوق المشروعة للمملكة المغربية في استكمال وحدتها الترابية, وضمان سيادتها على أراضيها.
وقد تعززت علاقات التعاون بين البلدين أكثر بعد إنشاء اللجنة العليا المشتركة المغربية - الكويتية العام 2001 برئاسة وزيري خارجية البلدين, فشكلت اجتماعاتها - في الدورات الست السابقة - نقطة تحول في العلاقات الثنائية بين الجانبين, حيث أثمرت العديد من الاتفاقيات وإقامة المشاريع الاستثمارية الكويتية في المغرب.
وعلى المستوى المتعدد الأطراف, عرف العمل الحكومي المشترك تنسيقاً مسبقاً في المحافل الدولية, ودعماً متبادلاً لقضايا واختيارات البلدين في المنظمات الدولية والإقليمية, ساعد عليهما تطابق رؤاهما حول مختلف القضايا الدولية والإقليمية, بفضل التواصل المستمر والتشاور الدائم بين قائدي البلدين الملهمين حضرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس وحضرة صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح, حفظهما الله.
واسترشاداً بالعلاقات السياسية العميقة والمتينة بين كل من المغرب والكويت, تواصلت الجهود الحثيثة للدفع بالعلاقات الاقتصادية بينهما نحو مزيد من التطور. فقد تدفقت الاستثمارات الكويتية على المغرب, سواء كانت عمومية, من خلال استثمارات الهيئة العامة للاستثمار وذراعها التنفيذية في المغرب, المجموعة المغربية الكويتية, أو في شكل استثمارات للقطاع الخاص الكويتي الذي وجد في السوق المغربية ملاذا آمنا وسوقا واعدة للاستثمار الدولي بفضل المحفزات الجبائية, والحكامة الاقتصادية, والإصلاحات البنيوية الرامية إلى تأهيل الاقتصاد المغربي للاندماج في السوق العالمية, وكلها عوامل جذب للاستثمار الأجنبي, من دون أن ننسى الدور المهم للمؤسسات التمويلية الكويتية, وعلى رأسها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وكذلك الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي في المساهمة في تمويل العديد من المشاريع الإنمائية في المغرب ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي والصناعي والزراعي.
ويبقى قائما تطلع الجانبين إلى الارتقاء بهذه العلاقات نحو شراكة ستراتيجية تفتح آفاق تعاون أرحب يلبي احتياجات التنمية المشتركة, ويخدم المصالح العليا للبلدين من خلال منظور شمولي يقوم على تبادل المنافع والمصالح وفق فلسفة وروح إعلان مراكش الذي ضمنه قائدا البلدين, بمناسبة زيارة أمير دولة الكويت المفدى إلى المغرب يومي 13 و 14 ديسمبر 2006, ورؤيتهما السديدة لتطوير علاقات التعاون الستراتيجي بين الدولتين بما يخدم مصالحهما المشتركة في سياق المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن للقطاع الخاص سواء المغربي او الكويتي, ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة دورا مهما يتعين عليها الاضطلاع به كروافد للعمل الرسمي, وذلك بالانفتاح أكثر بالنسبة للجانب المغربي على السوق الخليجية عموما, والكويتية على وجه الخصوص لما توفره من فرص حقيقية وإمكانيات جيدة لتسويق المنتوج الوطني المغربي سواء كان صناعيا أو فلاحيا أو سياحيا أو ثقافيا أو فكريا, والامر نفسه بالنسبة للطرف الكويتي للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتنوعة والمجدية التي يزخر بها الاقتصاد المغربي.
وفي الختام أود أن أعرب عن شكري وامتناني البالغين للكويت قيادة وحكومة وشعبا لحسن الضيافة والاستقبال, ولمناخ الأمن والاستقرار الذي تؤمنه دولة الكويت للمغتربين, المغاربة منهم بصورة خاصة, على الأراضي الكويتية.
* سفير المملكة المغربية
رد مع اقتباس