عرض مشاركة واحدة
أخبار المغرب
موقوف
المشاركات: 868
تاريخ التسجيل: Jul 2010
أخبار المغرب غير متواجد حالياً  
قديم 2011-02-07, 02:40 PM
 
مصر، أم الدنيا .. وعقوق أبنائها




زكرياء حميد- باحث مغربي:

عودنا التاريخ أن نسمع بطولات الشعب المصري، الذي لم يتقبل في كل الظروف السياسات الداخلية والخارجية لبلاده، المنهزمة كلها إن لم نخطأ، والمسارعة للتطبيع مع كيان العدو الصهيوني، بل والتفنن في التنكيل بالشعب الفلسطيني، خاصة المرابط في أرض غزة.
نظام مستبد، يضحي بالكل للحفاظ على كرسيه، لم تعد الكرامات والأنسال والأرحام تهمه، كيف يعقل في عز القصف الهمجي على قطاع غزة، والنظام المصري يشد الخناق على معبر رفح الشريان الوحيد والأوحد والملجأ إلى النجاة، ضاربا بالحائط صوت شعبه المرابط في الشوارع، مدينا ومتوسلا، وقابله نظام مبارك بسياسة الأذن الصماء بل بصياغة بلاغات وبيانات تحمل التنكيل والوعيد.
عودتنا أم الدنيا بثقافاتها، ورجالات دينها، وعلمائها، وأفلامها التي غزت الدنيا، كانت رائدة الدول العربية والإسلامية في شتى المجالات، كيف ننسى نهر النيل وما فعل بأراض مصر حين حولها لأراضي خصبة صالحة للفلاحة؟ وكيف ننسى الأهرامات ومآثر الفراعنة التي حولت مصر إلى القبلة الأولى للسياحة؟ كيف ننسى … وكيف ننسى … ؟ لكن الشعب ظل فقيرا مهمشا، لكنه ظل مجاهدا مناضلا، صابرا … متحملا كل أشكال الضغوط والإستبداد.
لقد مورست عليه ديكتاتورية صامتة، فضل صابرا، لكن اليوم، فقد حان وقت الحساب، كيف ينسون لمبارك سجونه المظلمة، وهراواته المحطمة، ولطماته الدامية، وسياسته الفاسقة، وحكرته التي لم تعد تقبل وتطاق، لقد جاء وقت العقاب، بدأت بالمظاهرات والاحتجاجات، وتحولت إلى يوم الغضب، لكن الظلم تجسد مرة أخرى وصار “مبارك”، والشعب يناديه بالرحيل، رغم الإفراط بالعنف في حقه، رغم استعمال كل أشكال التنكيل، قنابل مسيلة للدموع، وخراطيم الماء، قطع لكل أنواع الإتصال، لكنهم تجمعوا…
طالب الشعب المصري منذ 30 سنة بإصلاحات شاملة، لم تلبى ولا واحدة منها، ففهم الوضع وعرف أن رئيسه لم يعد قادر، وأراد أن يريحه، فخرج لينسى كل تلك المطالب ويحولها لمطلب واحد ووحيد ألا وهو إزاحة مبارك، الغريب أن المعني بالأمر، خرج إلى التلفاز بخطابين ركيكين، فُهم منهما أن الحكومة استقالت بطلب منه، وأنه لن يترشح للرئاسة مرة أخرى، معيدا نفس خطاب 1981 يوم وعدهم بعدم الترشح لولاية ثانية، فنافق وتشبت بالكرسي، ونسي مرة أخرى صوت الشعب بل تناساها كعادته، يكف الآن، أن المنادي يناديه في جو الموت والألم والقهر وتحت غدر “بلطجيته” بالرحيل،
لنتصور أن “مبارك” بقي فوق كرسي الرئاسة، كيف ينسى الشعب آهات مئات الجرحى، والاعتقالات وعشرات الشهداء، “لقد فقد مبارك شعبه”، إن المعادلة مختلفة، وتونس ليست كمصر، سواء مقارنة بعدد سكانها أو من حيث المساحة، وليست في حجم جهازها القمعي المخزني، وذيله المخابراتي، ولا ننسى حجم المساندة الغربية التي اختارت النظام قبل الشعب، خصوصا منها الأميريكية والصهيونية، التي لها الفضل الأول في تحقيق أهدافها بالشرق الأوسط.
لقد قطع الشعب المصري المناضل نصف الطريق، وعليه أن يصمد أكثر، ويقدم تضحيات أكثر، ويرابط بالشوارع أكثر وأكثر، ولا تفاوض إلا بعد خروج مبارك، لكن للحية رأسيين، وسليمان تاريخه أسود أيضا، ويعتبر من أكبر المهندسين لسياسات مبارك، لكن الشعب المصري أبان على ذكائه، وهذا نتاج 30 سنة من التعسف، فلا خوف منا عليهم، وما الصبح إلا بقريب.
رد مع اقتباس