عرض مشاركة واحدة
بزناس
مزعوط خبير
المشاركات: 2,291
تاريخ التسجيل: Sep 2011
الدولة: مكان ما في صحراء المملكة العربية السعودية
بزناس غير متواجد حالياً  
قديم 2011-12-26, 01:33 PM
 
فن العمارة المغربية ..

لا يمكن أن تمر بانعطافات المدينة العربية والإسلامية عمومًا دون أن يلفك عبق الماضي، ودون أن تشعر بوحدة تجمعها، أينما كان موقع هذه المدينة الجغرافي، فكلها تروي تاريخًا واحدًا تقريبًا هو تاريخ الفتح الإسلامي، كما أن المدينة الإسلامية تتميز بروحها وبانعكاس قيم أهلها وطبيعة تربتها بشكل واضح، إنها بطاقة هوية. وهندستها تعبر عن أخلاق الإسلام وقيمه الخالدة بشكل جلي، وكدليل على ذلك لا نجد الأصنام والهياكل في فناءات المدينة الإسلامية القديمة، وبالمقابل نجد اهتمامًا كبيرًا بالطبيعة وبالمساحات الخضراء، كما أن الدور يعتمد في بناء جدرانها على بعضها البعض كدليل على التماسك ومتانة علاقات الجوار.

وفي الوقت نفسه تميزت هذه الدور بارتفاع جدرانها تأكيدًا لحرمة فناءاتها، ومن خصائص المدينة الإسلامية كذلك أن الطابع الإنساني حاضر بقوة ليس فقط عندما يتعلق الأمر بالبيوت، بل يتعداه إلى هندسة الشوارع والأزقة، وهذا هو سر ذلك الشعور الذي ينتابنا عندما نكون بداخل إحدى المدن العريقة، وتلك الحميمية التي قد يشعر بها الزائر الذي يستطيع أن يتنسم عبق الماضي بين جدرانها التي لا تزال شامخة رغم مرور قرون طويلة على بنائها.


المدن العتيقة في المغرب
وإضافة إلى كل هذه الخصائص تتميز المدن الإسلامية في المغرب مثلا بروحها الأندلسية التي انطبعت في هندستها وفي عادات وتقاليد سكانها، هذه العادات والتقاليد التي تتحدث عن الزمن الماضي بلغة الحاضر دون أن يعلوها الصدأ أو تشتكي من الهرم، فالمدينة الإسلامية الأندلسية يتوسطها المسجد الذي يتصل عادة بباقي أجزاء المدينة بطرق تتفرع من أبوابه وتمتد في أجزاء المدينة ذات الاستعمالات المختلفة، وهذه الطرق تكون رفيعة ومخططة لمرور الناس والدواب، وبعضها مسقوف والبعض الآخر مكشوف.

وعلى جوانبها سبل السقاية والمساكن والمدارس والزوايا، كما أنها توفر الظل وتكون درجة حرارتها أقل من المحيط الخارجي بسبب جدرانها العالية وسقوفها، وتنتهي بعض الحارات السكنية إلى نهايات مسدودة لتوفير الشعور بالاستقلالية لكل حارة ولتوفير الشعور بالأمان لسكانها ليلا.

أما مواد البناء في المدن الأندلسية عادة فهي الحجر والطين والجير. والأسواق لا تخترق المساكن ولا الطرق المؤدية إليها، بل هناك طرق خاصة للأسواق التجارية مفتوحة على بعضها البعض؛ لتسهيل الاتصال من سوق إلى أخرى.

أما سر طغيان هدا النموذج الهندسي الأندلسي في البلدان المغاربية عمومًا وفي المغرب على وجه الخصوص فيرجع إلى كون الطراز المغربي الأندلسي أحد أهم أنواع العمارة في المغرب، وقد بدأ هدا الطراز مع ضم المرابطين للأندلس لدولتهم في المغرب عام 479هـ إثر انتصارهم في معركة الزلاقة، وامتد هذا الطراز العمراني، وبقي مهيمنًا على العمارة المغربية طيلة أربعة قرون.

ومن المدن المغربية التي يتجلى فيها الأثر الأندلسي بشكل واضح نجد مدينة الرباط القديمة التي لا تزال تحمل ليس فقط آثار المعمار الأندلسي، بل أيضا عادات المورسكيين (وهي تسمية أطلقت على الأندلسيين الذين أقاموا بالمغرب)، فإذا زرت (الأوداية) وهي مدينة أندلسية في قلب مدينة الرباط تُطل على المحيط الأندلسي؛ فستلاحظ أن كل الجدران مكسوة بالجير الأبيض والطلاء الأزرق، هذا الطلاء يتجدد في كل مناسبة خاصة في الأعياد الدينية، فتلبس كل المدينة حلة زاهية ولا تزال هده العادة قائمة إلى اليوم، كما أن الأغراس لا تزال خضراء في أزقة هده المدينة القديمة؛ مما يذكرنا بحدائق الأندلس التي عُرفت باهتمامها البالغ بالطبيعة، وتفننت في التجمل بالأغراس الخضراء.


نتيجة لتنوع الحضارات في المغرب واحتكاكها وامتزاجها بالحضارة الإسلاميةوالرومانيةوالأمازيغية وتعاقب الاستعمار البريطاني والاستعمار البرتغاليوالفرنسي عليها جعل منها كما يرى البعض مزيجا فريدا من نوعه وكان لأثر الحضارة الإسلامية أيضا انعكاس في الزخرفة المغربية.
ويظهر في الديكور المغربي التنوع والتضاد في الألوان المستمدة من بيئة المغرب الغنية بألوانها كألوان التربة والصخور والأشجار والزهور الغنية بالألوان المختلفة والمتنوعة، فنجد تضاد بين اللون الزعفراني والبني المحمر مع مزيج من الأخضر العشبي على سبيل المثال.

العمارة المغربية القديمة

صومعة حسان، الرباط


تأثرت العمارة عند المرابطينوالموحدين بين أعوام 1056 - 1269 م. بفنون العمارة الأندلسية، مع تأثيرات مشرقية. كان للزهاد والصوفيين الذين كانوا مع المرابطين والموحدين بالمغرب آراؤهم في البذخ والترف في البناء، مما أدى إلى الاعتدال في البناء، بعد أن كان قد وصل إلى درجة كبيرة من الإسراف والترف في الزخرف, فكسب الفن الجديد جمالا مميزا رغم بساطته.
أهم ما يميز هذه العمارة:
  • صفوف الأقواس الحاملة للسقف عمودية على جدار القبلة، كما في جامع عقبة بن نافع في القيروان، وفي جامع قرطبة الكبير.
  • وجود المجاز القاطع الذي يصل بين الباب الرئيسي للقبلية والمحراب، مع تميز الأقواس الحاملة لسقفه عن بقية الأقواس بزخرفتها وتنوعها وكون سقفه أعلى من بقية سقوف القبلية.
  • وجود القبة فوق المحراب التي تتشكل من أقواس متقاطعة فيها حشوات جصية مزخرفة أو تكون خشبية من الداخل، هرمية الشكل، يغطي سطحها الخارجي القرميد.
  • الأقواس حدوة الفرس الدائري أو المدبب أو المفصصة، وغالبا ما تكون كثيرة الفصوص.
  • تستند القواس غالبا على دعامات آجرية يختلف شكلها حسب عدد الأقواس التي تستند إليها.
  • الصحن صغير تحيط به أروقة.
  • المآذن ذات مقطع مربع.
  • استخدام الفسيفساء الخزفية في الزخرفة على شكل لوحات في واجهات المباني أو المآذن، مع استمرار الزخرفة بالنقش على الجص (نقش حديدة)، ولقد بلغت النقوش الجصية أرقى مستوى لها في العمارة المرابطية.
  • اعتمدت المواضيع الزخرفية على الأشكال الهندسية والعروق النباتية والأشرطة الكتابية التي اعتمدت بشك رئيسي على الخط الكوفي .
العمارة المغربية الحديثة

مسجد الحسن الثاني، الدار البيضاء


إن مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء هو أحدث عمارة إسلامية أصيلة، إضافة إلى ضخامته التي تفوق مساحة أي مسجد مماثل، حيث أن هذا المسجد أقيم على نشز من الأرض امتدت تحته خصيصا لكي يتحدى البحر، حيث يهيمن على مدينة الدار البيضاء، هذه المدينة الحديثة التي أصبحت تفخر بأروع منشأة إسلامية .
إن المساجد المغربية التي بناها المرابطونوالموحدون من المغاربة، الذين أسهموا في بناء مجد العمارة الإسلامية، ما زالت ذكرياتها ماثلة في صوامع مساجد إشبيلية في الأندلسوالكتبية في مراكشوحسان في الرباط. ولقد جاءت الصومعة الجديدة لتكون الرابعة في تاريخ الأوابد المغربية، وإن كانت تفوق مثيلاتها حجما وارتفاعا. فلقد قامت على مساحة 625م2 وبارتفاع 200 متر تقريبا.
يمتد هذا الصرح المعماري على مساحة واسعة مقدارها تسعة هكتارات، وهو مسجد ومدرسة في جهة، ومكتبة ومُتْحف في جهة أخرى، ضمن وحدة معمارية متماسكة، تجلت فيها جميع سمات الفن المعماري والزخرفي المغربي الذي ما زال مزدهرا حتى اليوم. وما زالت الفنون المغربية منتشرة وشائعة في المغرب بفضل الصناع المهرة الذين يمارسون الزخرفة بالزليج أي الخزف بأشكال هندسية وكتابات، وبالزخرفة الجصية والخشبية والرخامية. ولقد استوعب هذا الصرح إبداعاتهم التقليدية مع إضافات معاصرة، وبخاصة في الصيغ والتقنيات. وليس هذا الصرح نقلا حرفيا عن عمارة الصروح القديمة، ولكنه حافظ إلى حد بعيد على تقاليد العمارة المغربية والفنون، وبدا تعبيرا عن نهضة هذه الفنون وتحديها لنماذج العمارة الغربية الأوروبية التي انتشرت في مدينة الدار البيضاء، بحكم صفتها التجارية والسياحية. وقد لا يكون المكان كافيا للحديث عن التقنيات الحديثة التي أضيفت إليه، وبخاصة استعمال الليزر للدلالة على القبلة، وإقامة ركائز مضادة للهزات والأمواج، والتحات بفعل المياه، وعن سقف المسجد القابل للانفتاح مما أنجزه مصمم البناء (ميشيل بانصو)، ذلك أن الروائع الزخرفية التي أنجزها آلاف المعلمين المغاربة، هي الأكثر أهمية في هذا المسجد.

زخرفة المغرب
الملاحظ في الزخرفة المغربية أنها لم تتأثر بغيرها من الطرز الإسلامية تأثرا كبيرا، وأن تطورها كان بطيئا بالقياس إلى تطور سائر الطرز المعمارية الأخرى، وكان أهم المراكز الفنية في هذا الطراز إشبيليةوغرناطةومراكشوفاس، ولم نسمع حتى الآن أن أحدا من الكتاب أو المؤرخين قد فرق بينها وبين حضارة الأندلس، إلا في حدود تفعيل تلك العناصر التي ربطت تلك الحضارة مع بعضها البعض.

الالوان
الألوان الأخضر، والبيج، والأبيض، هي من الألوان التي تتوفر بكثرة في الطراز المعماري المغربي، وتكون الجدران غالبا ملونة بألوان فاتحة كاللون الأبيض الناصع، وقد يستخدم فيها لونان يفصل بينهما شريط جبسي مزخرف، وأحياناً تكون الجدران مخططة بشكل خطوط أفقية عريضة بدرجتين من لون واحد أو باللون الأبيض ولون آخر.
الأسقف تكون إما بيضاء أو أن تغطى بالخشب الذي يكون عبارة عن عوارض خشبية أفقية ويتقاطع معها أحياناً بعض العوارض الخشبية بشكل متعامد، ولكن اللون الأبيض هو لون رئيسي لاغنى عنه أبداً في الطراز المغربي فإذا لم يكن في الجدران أو الأسقف فلابد أن يطعم الأثاث باللون الأبيض من خلال المفارش والمراتب أو الستائر الشفافة (التي تستخدم بكثرة)

عمارة الجبس والخشب
الفتحات في العمارة المغربية تكون غالبا بأشكال مقوسة مختلفة، وأطرافها غير حادة وغير منتظمة إلى حد كبير بشكل يعكس الصناعة اليدوية، وتكون الأبواب والنوافذ مصنوعة من الخشب وأحياناً المعدن، خصوصاً الأبواب الرئيسية حيث تكون في أحيان مطلية باللون الذهبي، اما الأثاث فغالباً ما يكون من الخشب، ويكون مصمتا وأحيانا مفرغا بشكل يشبه المشربيات، ومطليا باللون البني أو الأسود، كما ويستخدم الحديد المطاوع كثيرا في الأثاث وخصوصا في غرف النوم ،اما الجلسات فتكون في الغالب محفورة في الجدار.
عموماً يكثر استخدام الخشب ووحدات الجبس في الطراز المغربي، فالجبس يستخدم في تيجان الأعمدة أو لأقواس الفتحات أو بشكل أحزمة في وسط أو أعلى الجدران أو في النوافير وغيره
وتكون الإضاءات في السقف غالبا بشكل فوانيس وتستخدم الإضاءة الجدارية بكثرة.

الأرضيات
الأرضيات هي من العناصر الغنية في الطراز المغربي، وتكون إما سجادا مزخرفا ومتعدد الألوان، أو تكون بشكل بلاط Tiles، سيراميك أو غيره من أنواع البلاط الأخرى، ويستخدم البلاط بأشكال زخرفية متنوعة أو يكون سادة وتوضع عليه سجادات صغيرة مزخرفة، اوتستخدم الأرضيات الشطرنجية المائلة بدرجة 45 بكثرة، كما يستخدم أيضا الشكل المعين بكثرة بشكل شبكي مع أرضيات البلاط، ويكون إما باللون الأسود أو الأخضر الغامق ،أو باللون الأبيض أحيانا، اما الموزاييك فيكثر استخدامه في الطراز المغربي، سواء في الأرضيات أو في النوافير الجدارية أو غيرها.

خصوصيات
عموما تتميز العمارة المغربية خلافا لانماط العمارة الأخرى ببعض المميزات التي منحتها بعض الخصوصية، ومن بين تلك المميزات :
استخدام المداميك في الحوائط كما في العمارة الشامية مع زيادة السطوع لتلك المداميك، وجود النوافير داخل الأفنية وجعلها نقطة انطلاق القرد للرسومات ،عرض الحوائط وجعل المنطقة ما قبل الشباك للزراعة الصغيرة، أما عن الألوان فيلاحظ التدرج الرهيب بدرجات كبيرة الفاتحة والغامقة تارة أخرى من دون انتظام وهذا ما جعلها ملفته للانظار. وتتميز كذلك باستخدام المزروعات في الفناء الداخلي إضافة إلى استخدام الأقواس لتأكيد مداخل الغرف بلون يخالف الحائط الجانبي له ،استخدام عاكسات الألوان ذات الوان الطيف للاستفادة قدر الإمكان من النور المنبعث منها ،ومن المهم معرفته بأنهم أستخدموا الحائط وحفروا به لجعله صالحا للاستخدام كالدواليب، أما عن غرف النوم فهي لاتخلو من المعلقات الكثيفة لإضفاء جو، إن هذا عالم بأسره.
ويشتهر الطراز المغربي كذلك بالجلسات الخارجية سواء في التيراس حيث تكون الحديقة، أو في البلكونة.

تحياتي ..
__________________

Be your Self No Matter what they Say
رد مع اقتباس