الموضوع: اداب السفر
عرض مشاركة واحدة
pilotahmed
مزعوط مبتدء
المشاركات: 31
تاريخ التسجيل: Sep 2012
pilotahmed غير متواجد حالياً  
قديم 2012-10-01, 11:10 AM
 
اداب السفر

دراسات تربوية وسلوكية


قد اعجبني هذا المقال فاردت ان اطلعكم عليه للفائده




--------------------------------------------------------------------------------


آداب النزهة والسفر

موقع السكينة12/05/2012 0600

مقاس الخط:




إن الحمد لله تعالى، نحمده، ونستعين به، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهدِ الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هاديَ له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

فما أكثر ما يسافر الناس لشؤون حياتهم! مادية أو معنوية، ولقد سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم مرات ومرات، إبّان شبابه قبل البعثة، وبعد نبوته ما بين حج وعمرة، وجهاد وتجارة.

السفر بين المدح والذم:

السفر معترى بحالتين اثنتين: حالة مدح وحالة ذم، وذلك مبني على أمور في السفر، كالتالي:

السفر من جهة المدح:

فالسفر ممدوح لما فيه الخروج من الملل والسآمة والضيق والكآبة من الناس والمكان للتأمل في خلق الله، أو طلب علم نافع، أو صلة قريب أو أخ في الله. وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سافروا تصحوا وتغنموا».

قَالَ الشَّافِعِىُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَإِنَّمَا هَذَا دَلاَلَةٌ لاَ حَتْمًا أَنْ يُسَافِرَ لِطَلَبِ صِحَّةٍ وَرِزْقٍ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الأَمْرُ بِالنِّكَاحِ حَتْمًا وَفِى كُلِّ الْحَتْمِ مِنَ اللَّهِ الرُّشْدُ قَالَ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الأَمْرُ كُلُّهُ عَلَى الإِبَاحَةِ وَالدَّلاَلَةُ عَلَى الرُّشْدِ حَتَّى تُوجَدَ الدِّلاَلَةُ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِالأَمْرِ الْحَتْمُ وَمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ مُحَرَّمٌ حَتَّى تُوجَدَ الدِّلاَلَةُ عَلَيْهِ بِأَنَّ النَّهْىَ عَنْهُ عَلَى غَيْرِ التَّحْرِيمِ».

ومما عزي للشافعي:

تغرب عن الأوطان في طلب العلا

وسافر ففي الأسفار خمس فوائد



تفرج هم واكتساب معيشة

وعلم وآداب وصحبة ماجد



فإن قيل: في الأسفار ذل وخسة

وقطع الفيافي وارتكاب الشدائد



فموت الفتى خير له من حياته

بدار هوان بين واش وحاسد



السفر من جهة الذم:

فالسفر مذموم من جهة كونه محلا للمشاق والمتاعب؛ لأن القلب يكون مشوشًا، والفكر مشغولا من أجل فراق الأهل والأحباب؛ ولذا قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ وَجْهِهِ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ».

قال الشيخ أبو بكر: «صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصفه السفر، وما زال صادقًا مصدوقًا فإن المسافر يقاسي من الأهوال ومشقة الحل والترحال ومعاناة النصب وشدة التعب والسير مع الخوف في الليل البهيم ما يستحق وصفه بأنه العذاب الأليم».

والمراد بالعذاب هنا الألم الناشئ عن المشقة، لما يحصل في الركوب والسير من ترك المألوف.ولقد ذهب بعض أهل العلم كالخطابي وغيره، إلى أن تغريب الزاني، إنما هو من باب الأمر بتعذيبه - والسفر من جملة العذاب - ولقد سئل إمام الحرمين: لم كان السفر قطعة من العذاب؟ فأجاب على الفور: لأن فيه فرقة الأحباب.

نعمة السفر في العصر الحديث:

إن السفر في العصر الحديث، يختلف عن السفر في قرون مضت، فقد مهدت الطرق، وجرت عليها العربات الآلية بشتى أنواعها المبدعة، فهي تسير بهم على الأرض إن شاءوا، أو تقلّهم الطائرات السابحة في الهواء إن رغبوا، أو تحملهم الفلك المواخر في البحر إن أرادوا، كما أن الأزمنة قد تقاصرت، فما كان يتم في شهور بشق الأنفس، أضحى يتم في أيام قصيرة بل ساعات قليلة، وبجهود محدودة، بل وربما عطس رجل في المشرق فشمته آخر في المغرب، وهذا مصداق حديث النبي من أن تقارب الزمان من علامات الساعة كما عند البخاري في صحيحه.

ومع هذه الراحة الميسرة فإن الأخطار المبثوثة هنا وهناك لم تنعدم، ففي الجو يركب المرء طائرة يمتطي بها سرج الهواء، معلقا بين السماء والأرض، بين مساومة الموت ومداعبة الهلاك، فوق صفيحة مائجة، قد يكون مصيره معلقا بأمر الله في خلخلة مسمار، أو إعطاب محرك، مما يؤكد الاحتماء بالله، وارتقاب لطفه المترجم بلزوم آداب السفر، والبعد عن معصية الله في هوائه بين سمائه وأرضه، والمستلزمة وجوبا، إقصاء المنكرات من الطائرات، والتزام الملاحين والملاحات بالحشمة والعفاف والبعد عما يثير اللحظ أو يستدعي إرسال الطرف.

وإن تعجب - أيها المسلم -، فعجب ما يفعله مشركو زمان النبي صلى الله عليه وسلم من اللجوء إلى الله في الضراء ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾ [العنكبوت: ٦٥]. وبعض عصاة زماننا سراؤهم وضراؤهم على حد سواء، فقبح الله أقواما؛ مشركو زمان النبي أعلم بلا إله إلا الله منهم.

إن التقارب في الزمان والمكان بما هيأ الله من أسباب السرعة، لهو نعمة عظيمة، تستوجب الشكر للخالق والفرار إليه، في مقابل التذكر، فيما فعله الله - جل وعلا - بقوم سبأ الذين كانوا في نعمة وغبطة، من تواصل القرى، بحيث إن مسافرهم لا يحتاج إلى حمل زاد ولا ماء ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ﴾ [سبأ: ١٨].

ولكن لما بطروا نعمة الله ومالت نفوسهم إلى ضد حالهم ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ [سبأ: ١٩]. ففرق الله شملهم بعد الاجتماع، وباعد بينهم بعد التقارب، حتى صاروا مضرب المثل؛ ولهذا تقول العرب في القوم إذا تفرقوا: «تفرقوا أيدي سبأ».

من فوائد السفر:

التأمل في عظمة خلق الله:

إن من أعظم فوائد السفر، وأكثرها تعلقا بالله، معرفةَ عظمته وقدرته، بالنظر إلى ما ابتدعه - جل وعلا -، خلقا جميلا عجيبا، من حيوان وموات، وساكن وذي حركات، وما ذرأ فيه من مختلف الصور التي أسكنها أخاديد الأرض، وخروق فجاجها، ورواسي أعلامها، من أوتاد ووهاد، فصار فيها جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود، ومن ذوات أجنحة مختلفة، وهيئات متباينة ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ [النازعات: ٢٦].

كونها بعد أن لم تكن في عجائب صور ظاهرة، ونسقها على اختلافها بلطيف قدرته ودقيق صنعه، فمنها مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه، ومنها مغموس في لون صبغ، قد طوِّق بخلاف ما صبغ به ﴿وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [فاطر: ٢٨].

فسبحان من أقام من شواهد البينات على عظمته وقدرته! ما انقادت له العقول معترفة به ومسلمة له، فبان لها أن فاطر النملة هو فاطر النخلة.

في السفر تعرف معادن الناس:

السفر غالبًا يعري الإنسان من الأقنعة التي كانت تحجب طبيعته، وما سمي السفر سفرًا إلا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال.

آداب النزهة والسفر:

1- الاستخارة:

تعرض للمسلم أمور كثيرة في الحياة، يحتار في اختيار أحسنها، وقد جاءت الشريعة بسنة عظيمة، هي من أسباب توفيق الله له في اختيار أصلحها، وهي سنة الاستخارة، ومعناها: طلب الخير ممن بيده مفاتيح الخير، ثم التوكل عليه والرضا بقضائه.

والاستخارة بديل عما كان يفعله المشركون من زجر ال أو الاستقسام بالأزلام أو الاستدلال بالنجوم و الأبراج. يقول جابر رضي الله عنه: كَانَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآن يَقُولُ: «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأمْرَ (ويسمي حاجته) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي، وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ -، فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأمْرَ، شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ -، فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي به».

2- الاستشارة:

الناس يختلفون في تجاربهم وخبراتهم، والموفق من استشار أصحاب الخبرة والاختصاص، كل في عمله، فيسأل أصحاب السفريات عن أفضل الطرق، ويسأل أهل البلد عن أفضل الأماكن وهكذا.

وفائدة الاستشارة: أنها تختصر على الإنسان أمورًا كثيرة، قد يعاني منها لو وقع فيها. وعلى من استشير في شيء أن ينصح في استشارته. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ». وقال صلى الله عليه وسلم: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ. وذكر منها: وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ».

3- تسديد الديون الحالة:

وتأمين النفقة لمن تلزمك نفقته، والتخلص من مظالم الخلق، فإن الشقي التعيس من دعا عليه مظلوم في ظلمة الليل. قالصلى الله عليه وسلم: «اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ».

4- أخذ الاحتياطات اللازمة للنزهة والسفر:

حتى لا تكون عالة على غيرك، وقد بايع بعض الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم على ألا يسألوا الناس شيئًا. وأخذ لوازم السفر، سبب لعدم سؤال الناس.

ومما يحسن التنبه له: تفقد إطارات السيارة و سوائلها وأجهزتها. حتى لا تقع في موقف ترثى له. وإذا تعطلت إحدى محركات السيارة فقل: بسم الله.فعن أبي المليح عن أبيه قال: كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَثَرَتْ دَابَّةٌ فَقُلْتُ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: «لا تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ، تَعَاظَمَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْبَيْتِ، وَيَقُولُ: بِقُوَّتِي، وَلَكِنْ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ، تَصَاغَرَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذُّبَابِ».

5- الخروج يوم الخميس إن تيسر ذلك:

قال كعب بن مالك رضي الله عنه: لقلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إذا خرج في سفر، إلا يوم الخميس.

6- التوديع:

يستحب للمسلم توديع الأقربين من أهله وأقاربه وأصحابه وجيرانه. قال سالم بن عبد الله كان ابن عمر يقول للرجل إذا أراد سفرًا: ادن مني أودعك، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا فيقول: «أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ».

وفي رواية قالصلى الله عليه وسلم: «إذا اُسْتُودِعَ اللهَ شيئًا حَفِظَهُ».

وقال أنس رضي الله عنه: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا فَزَوِّدْنِي، قَالَ: «زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى»، قَالَ: زِدْنِي قَالَ: «وَغَفَرَ ذَنْبَكَ»، قَالَ: زِدْنِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَالَ: «وَيَسَّرَ لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُسَافِرَ فَأَوْصِنِي قَالَ: «عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ»، فَلَمَّا أَنْ وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ: «اللَّهُمَّ اطْوِ لَهُ الأرْضَ وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ».

7- تجنب سفر المسلم وحْدَه:

قال ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ النَّبِيّصلى الله عليه وسلم: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ، (أي: من الآفات التي تعترضه) مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَه».

وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلاثَةُ رَكْبٌ». قال ابن عبد البر رحمه الله: الشيطان هو: البعيد عن خير الرفيق وعونه، فلا يؤمن على المسافر، أن تعترضه الشياطين، وإذا كانوا ثلاثة زال الخوف في الأغلب.

وقال ابن عثيمين رحمه الله: وهذا يدل على الحذر من سفر الإنسان وحده، ولكن هذا في الأسفار التي لا يكون طريقها مسلوكًا بكثرة، وأما الأسفار التي يكون طريقها مسلوكًا بكثرة، فإن هذا لا يعد انفرادًا في الحقيقة، لأن الناس يمرون به كثيرًا، فهو منفرد في سيارته، وليس منفردًا في السفر بل الناس حوله.

8- الإمارة:

تأمير أحد الرفقة من أهم الأمور، والرفقة التي ليس فيها أمير عاقل خبير، عرضة للشقاق والتفرق والتح، قال أبو سعيد الخدري وأبو هريرة رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا خَرَجَ ثَلاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ». قال الإمام ابن تيمية: لا بد للناس عند الاجتماع من رأس، وقد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيهًا بذلك على سائر أنواع الاجتماع.ا.هـ.

ثم إنه لابد من طاعة الأمير، وعصيان أمير الرفقة، يترتب عليه شر ونزاع عظيم، والموفق من هداه الله لطاعة أميره، حتى لو خالف ما يعلمه أو يهواه، ما لم يأمر بمعصية؛ قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ يُطِعْ الأمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ يَعْصِ الأمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي».

9- دعاء الركوب:

للركوب دعاء خاص مهم، يحرص عليه المسلم كلما ركب سيارته. قال علي بن ربيعة قال: شَهِدْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه وَأُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ: «بِسْمِ الله»، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قَالَ: «الْحَمْدُ لِله» ثُمَّ قَالَ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ﴾ [الزخرف: ١٣-١٤]، ثُمَّ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّه»ِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ» ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَكَ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ»، ثُمَّ ضَحِكَ، فَقِيلَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ كَمَا فَعَلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ، قَالَ: «إِنَّ رَبَّكَ يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ: اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، يَعْلَمُ أَنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي».

10- دعاء السفر:

هذا الدعاء فيه التجاء العبد لربه واعتصامه بخالقه وتوكله عليه وتفويض أموره إليه. قال ابن عمر رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلاثًا ثُمَّ قَالَ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ﴾ [الزخرف: ١٣-١٤]، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنْ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ».

11- الاستفادة من الطريق:

يحسن بالمسلم أن يستفيد من طول الطريق، بسماع الأشرطة النافعة من محاضرات دينية، أو قصائد وأناشيد، تُعلم الأدب وتُبعد الملل.

وليحذر من سماع مزامير الشياطين وآلات اللهو. قال أَبِو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لا تَصْحَبُ الْمَلائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ وَلا جَرَسٌ». فكيف بك يا سامع الغناء، إذا ذهبت عنك ملائكة الرحمن وركب معك الشيطان، ألا تخشى أن تكون عرضة للمصائب والنكبات.

12- مراعاة آداب الطريق:

من التزام السرعة النظامية، وعدم إيذاء الناس بالمنبهات المزعجة أو الأنوار البيضاء أو الوقوف في وسط الطريق أو رمي المخلّفات في الطرق. ولقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم بعبارة مختصرة، شاملة لجميع مخالفات الطريق فقال: «أَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ».

13- التكبير والتهليل والتسبيح:

يمر المسافر بأماكن مرتفعة وأماكن منخفضة، والسنة أن يكبر ويهلل إذا صعد، ويسبح إذا نزل. يقول جابر رضي الله عنه: «كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا». وفي حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: «هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا».

14- الدعاء في الليل:

فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ وَأَسْحَرَ (أي: دخل وقت السحر) يَقُولُ: «سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ، وَحُسْنِ بَلائِهِ عَلَيْنَا، رَبَّنَا صَاحِبْنَا وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا، عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ النَّارِ».

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَافَرَ فَأَقْبَلَ اللَّيْلُ قَالَ: «يَا أَرْضُ رَبِّي وَرَبُّكِ اللَّهُ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكِ، وَشَرِّ مَا فِيكِ، وَشَرِّ مَا خُلِقَ فِيكِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَدِبُّ عَلَيْكِ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ أَسَدٍ وَأَسْوَدَ، وَمِنْ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ، وَمِنْ سَاكِنِي الْبَلَدِ، وَمِنْ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ».

15- دعاء دخول القرية:

إذا أقبل المسلم على قرية أو مدينة، فإنه يسن له أن يذكر الدعاء الوارد في ذلك؛ فعن صهيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها: «اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، فإنا نسألك خير هذه القرية، وخير أهلها، ونعوذ بك من شرها، وشر أهلها، وشر ما فيها».

16- الأذان والصلاة:

ليحرص المسلم على الأذان والصلاة في المنتزهات والصحاري ففيه فضل عظيم؛ قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلا إِنْسٌ وَلا شَيْءٌ إِلا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «يَغْفِرُ اللَّهُ لِلْمُؤَذِّنِ مُنْتَهَى أَذَانِهِ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ سَمِعَ صَوْتَهُ وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ».

وأما عن الصلاة فقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصَّلاةُ فِي جَمَاعَةٍ تَعْدِلُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ صَلاةً فَإِذَا صَلاهَا فِي فَلاةٍ، فَأَتَمَّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا بَلَغَتْ خَمْسِينَ صَلَاةً».

17- دعاء النزول:

إذا نزل المسلم منزلاً فإنه يستحب له أن يدعو بالدعاء الوارد في ذلك؛ قالت خولة بنت حكيم رضي الله عنها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ».

18- مراعاة نظافة الأماكن والمنتزهات:

فاحرص على عدم رمي المخلفات، من الائل وبواقي الأطعمة في طرقات الناس أو تحت ظلال الأشجار، وإذا كنت تحب الأماكن النظيفة، لتجلس فيها مرتاحًا مع أهلك، فكذلك من بعدك يحب ذلك.وانتبه أن يلعنك الناس بسبب تلويث متنزهاتهم. فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اتَّقُوا اللَّاعنَيْنِ» قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ».

19- الحرص على العفاف والحشمة وعدم التبرج والفتنة:

فانتبه أخي المسلم على أهلك من لصوص البشر، وقراصنة الأعراض، وسراق الشرف والفضيلة؛ واحرص على تسترهم، وجنبهم العبايات المزخرفة والنقاب الواسع، وتفقد جهاز الجوال وخدمة البلوتوث، ولكن دون تعقيد وتضييق، فكن وسطًا بين طرفين.

قال جابر بن عتيك كان النبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللَّهُ، فَأَمَّا الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ».

20- تجنب حضور الحفلات الغنائية:

والذهاب إلى أماكن اللهو والمحرمات، وإن من أعظم المصائب، أن تسن المحرمات وتنظم، وتوضع لها الدعايات، وتهيأ لها الأماكن، ويعتنى بها أشد من العناية بمجالس الدعوة وأماكن الخير. قال أبو عامر أو أبو مالك الأشعري: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ».

21- دعاء الرجوع من السفر:

يسن للمسلم إذا رجع إلى أهله، أن يعيد دعاء السفر ويزيد عليه، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنْ الْأَرْضِ ثَلاثَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ يَقُولُ: «لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ».

22- التعجل إلى الأهل:

يستحب للمسلم أن يتعجل إلى أهله، عند انتهائه من سفره؛ قال أبو هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ».

23- إخبار الأهل بالقدوم:

يستحب للمسافر أن ينبه أهله قبل الدخول عليهم. قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطرق أهله ليلا وكان يأتيهم غدوة أو عشية.

وقال جابر رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمْ الْغَيْبَةَ فَلا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلا». وقال رضي الله عنه: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ فَقَالَ: «أَمْهِلُوا حَتَّى نَدْخُلَ لَيْلا، أَيْ عِشَاءً، كَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ».

قال النووي: «يكره لمن طال سفره أن يقدم على امرأته ليلا بغتة، وإذا علمت امرأته أنه قادم، فلا بأس بقدومه متى شاء، لزوال المعنى الذي نهي بسببه، فإن المراد أن يتأهبوا وقد حصل ذلك ولم يقدم بغتة».

24- سنة الوصول إلى البلد:

من فضل الله عليك وحفظه لك، أن يوصلك إلى أهلك وبلدك صحيحًا معافى، وشكرًا لهذه النعمة، يستحب لك الذهاب إلى المسجد قبل كل شيء، والصلاة فيه ركعتين لله تعالى؛ قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: لَمَّا قَدِمَ النبي صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، أَمَرَنِي أَنْ آتِيَ الْمَسْجِدَ، فَأُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ.

وقال كعب بن مالك رضي الله عنه: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ إِلا نَهَارًا فِي الضُّحَى، فَإِذَا قَدِمَ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْن.

25- الدعاء عند دخول البيت:

قَالَ ابْنُ عَبَّاس رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فدَخَلَ أَهْلَهُ قَالَ: «تَوْبًا تَوْبًا، لِرَبِّنَا أَوْبًا لا يُغَادِرُ عَلَيْنَا حَوْبًا».

26- الطعام عند القدوم:

من آداب الإسلام، ومحاسنه العظام، إظهار الفرح والسرور، وتغذية الروح الإنسانية، بما يوافق الطباع السليمة، وإن من الآداب الواردة عن نبينا الكريم ما يسمى بالنَّقِيعَة، وهي: طعام القدوم، إظهارًا لبهجة الإنسان عند قدومه لبلده. قال جابر رضي الله عنه: لَمَّا قَدِمَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً. الجزور: البعير ذكرا كان أو أنثى، إلا أن اللفظة مؤنثة.

وهذا يدل على جواز مثل ذلك، وأن الإنسان إذا قدم من سفر له أن يذبح شيئًا شكرًا لله عز و جل على كونه وصل سالمًا، ومن أجل أن يلتقي بالناس ويحصل اللقاء بينه وبينهم ويأكلون من طعامه، ولكن لا يصح أن يتكلف الناس بحيث إنهم كلما حصل سفر فعلوا ذلك؛ لأنه ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك في كل سفراته، وأنه كلما قدم من سفر فعل ذلك، ولكن هذا الفعل يدل على الجواز وعلى أن ذلك سائغ، لكن لا يقال: إنه مستحب ومن لم يفعل ذلك فقد ترك أمرًا مستحبًا.
رد مع اقتباس