عرض مشاركة واحدة
أمير بكلمتي
مزعوط مبتدء
المشاركات: 46
تاريخ التسجيل: Jun 2011
الدولة: الدوحة - قطر
أمير بكلمتي غير متواجد حالياً  
قديم 2011-07-03, 10:08 PM
 
ذكــــــــــــــاء

يروى أنه في الزمان الماضي، كان ملك على أحد الأراضيوكان عادلا حكيما، طيّبا كريما/بحكم الرعيّة ويكثر العطيّة وكان له وزير عاقل، مدير للأمور وفاضل ولكن بوقت من الأوقات،صار لهذا الوزير بعض العادات حيث صار يظن أنه من كبار الأذكياء،بعد وصوله إلى مرتبة الأغنياء وكل هذا لأن المنصب غرّه، فأراد الملك أن يُعرّفه قدره فخرج مع الوزير ذات يوم، يتفقد الرعية وأحوال القوم ومرّا على مزرعة، فيها الثمار مجتمعة يعمل فيها فلاح كهل،أثقله العمر ويعمل على مهل فاستوقفه الملك مختبرا إياه،بعد أن رأى علامات الذكاء تغشاه

فقال: سلاما يا منعش البستان،فردّ عليه سلاما يا بهجة الزمان فسُرّ الملك بلطف جوابه، رغم رثاثاة ثيابه والوزير قربهما يسمع، يستغرب من الملك ما يصنع

فقال الملك:كيف حال الجماعة، فأجاب:تفرقت فالعمر ساعة

ثم سأله: وكيف حال الإثنتين؟ فقال: أصبحتا ثلاثا تراهنّ العين

ثم سأله: وكيف حال البعيدتين؟ فأجاب الفلاح: صارتا قريبتين

ثم قال الملك بانشراح صدر: ولأي سبب ما بكرت بالأمر

فقال الفلاح وهو يشير إلى البيت، بكّرت ولكن لغير أعطيت

والتفت الملك إلى الوزير، الذي كان ينظر ويسمع كالطفل الصغير مستغربا ما يرى، لا يعرف ما يجري وما جرى فغمز الملك الفلاح بطرفه، مشيرا إلى الوزير من خلفه وقال: إياك أن تبيعه رخيصا، فقال الفلاح: لا توص حريصا ثم أعطى الملك الفلاح، مالا وفيرا فغمرته الأفراح ثم قال الملك للوزير، إن هذا الفلاح عقله كبيروهو جدير أن يكون من رجال الدولة، لحلّ معضلاتنا بعد أن نسمع قوله قل هل فهمت المحاورة، وما فيها من خبايا المسامرة فلعبت الأفكار في صدر الوزير، وداخله الخوف مما سيكون المصير فكبر عليه بأنه لم يفهم الحوار، وراح ينسّيه يغيره من الأخبار

ولكن الملك أصرّ وأكّد وأمر بالجواب وشدّد وقال سأمهلك ثلاثة أيام، كي تأتي بمعنى الكلام وإلا فعندي لك تدبير، يعرفك قدرك أيها الوزير

فذهب الوزير إلى الفلاح المحتاج، وجيوبه ملأى بالذهب الوهّاج وأخذ يستعطفه، بالمال ويستلطفه فابتدأ الفلاح بالكلام، وقال إن الملك ذكي همام علم أنك ستقف مني هذا الموقف، لذلك أوصاني أن ألبي وأسعف

فقال إياك أن تبيعه رخيصا، فأجبت لا توص حريصا أي بأن أطالبك الكثير من مالك، لقاء إجابتي عن سؤالك ولا ريب أن أراد بذلك مكافأتي، لقد سألني سألني الملك عن الجماعة وقصد أسناني

فقلت: تفرقت، لأن السوس ضربها واسوّدت وعندما سألني عن الاثنتين، قصد رِجليَّ الضعيفتين وأنني أستعمل العصا لمساعدتي، فأصبحا ثلاثا لمعاونتي أما سؤاله كيف حال البعيدتين، فقد أراد معرف حال المقلتين التين كانتا تنظران بشكل حسن، فأخبرته بأنهما صارتا قريبتين لطول الزمن

وأما قوله: لأي سبب ما بكّرت بالأمر، أي لماذا لم أتزوج باكراً في عمر الزهر فقلت وناديت، بكّرت ولكن لغيري أعطيت أي تزوجت باكرأ وفرحت بهن، بعدما رُزقت إناثا فكانت المنفعة لأزواجهن فسُرّ الوزير بما عرف، وعلم قدر نفسه ووقف ومضى إلى الملك يُبشّره، وبإعلاء قدر الفلاح يُذكره

وقال الوزير بأنّ الذكاء ليس خاصا فقط بالأغنياء، بل يؤتيه الله لمن يشاء.
__________________
ما دامت الدنيا تدور // خلك على الشدة صبور
اصبر وقول الله كريم // يتبدل الحزن بسرور
رد مع اقتباس