يا رجال الليل جدّو .. رُبَّ داعٍ لا يُردُ
ما يقوم الليل إلا .. من له عزمُ وجدُ
ليس شيءُ .. كصلاة الليل للقبر يُعدُ
إخواني ..
ما أحسن حال من التجأ إلى رب العالمين
ما أصبح وجوه المُتهجدين
ما أعز أنفاس الصائمين
ما أحلى مناجاة القائمين
وما أعظم أنفاس الذاكرين
وما أنفع بكاء المكلومين
ما أحلى عيش المقبولين
وما أمر عيش المطرودين
وما أذل نفوس الخاطئين
وما أسوأ حال المحرومين
وما أعظم حسرة الغافلين
يا أيها الغافل
لا تطمعن في منازل الأبطال
إن لذة الراحة لا تُنال بالراحة
من زرع حصد .. ومن جد وجد
المال لا يُحصل إلا بالتعب
العلم لا يُدركـ إلا بالطلب
وسم الجود لا يناله بخيل
ولقب الشجاع لا يحصل إلا بعد تعبٍ طويل
يا هذا
ما الذي أبعدكـ عن هؤلاء السادة ؟
أبعدكـ والله حب الأكل والوسادة
طاعاتكـ في نقصان ومعاصيكـ في زيادة
إخواني
ما هذا التواني والعمر القصير ؟
وإلى متى هذا التمادي في البطالة والتقصير ؟
وما هذا الكسل وقد أنذركم النذير ؟
فتذكروا رحمكم الله فالأمر شديد
وبادروا بقية العمر والشهر
فالندم بعد الموت والفوت لا يُفيد
" وجاءت سكرة الموت بالحق ذلكـ ما كنت منه تحيد "
أين أحبابكم الذين سلفوا ؟
أين أقرانكم الذين رحلوا وانصرفوا
أين أرباب الأموال وما خلّفوا ؟
ندموا على التفريط .. يا ليتهم عرفوا
هول مقام يشيب من هوله الوليد
واعجبا
كلما دُعيت إلى الله توانيت
وكلما حركتكـ المواعظ إلى الخيرات أبيت وتماديت
وكم حذركـ المنون فما انتهيت
يا من جسده حي وقلبه ميت
ستعاين عند الحسرات ما لا تريد
أخي ..
كم أزعج المنون نفوساً من ديارها
وكم أباد البلا من أجساد منعمة ولم يُدارها
وكم نقل إلى الحفائر أرواحاً بأوزارها
فابكـ يا أخي على نفسكـ قبل بكاء لا يُحييكـ
انتبه يا هذا ..
فالدنيا أضغاث أحلام
ودار الفناء لا تصلح للمقام
واجتهد في بقية هذا الشهر فعسى ألا تدركه بعد هذا العام
ويحكـ .. أما علمت أنكـ ترحل في كل يومٍ مرحلة ؟
أما علمت أنه يُحصى عليكـ من الأعمال حتى الخردلة ؟
فكم من مؤملٍ طاله الحساب ما أهمله
عاقصه مر القضاء وعاجله
ولم تبلغه الآمال إلى ما يريد
يا مُعرضاً عن المولى إلى متى هذا الإعراض ؟
فقد ولى شبابكـ في طلب الأغراض
أما علمت ويحكـ أن عمركـ في انقراض ؟!!
وقواكـ كل ساعةٍ في انخفاض
ويحكـ تزود .. فالسفر والله بعـــيـــد
يا من يجلس في المساجد وقلبه معلق بالأسباب
يا من تنقضي المواعظ وهو ما تاب
يا من كسته المعاصي ظلمة الحجاب
يا من أغلق الهوى في وجهه الباب
أما علمت أن الموت لكـ بالمرصاد
أما صاد غيركـ ولكـ سيصطاد ؟
أما بلغكـ ما فعل بسائر القُصاد
عباد الله ..
تدبروا القرآن المجيد
واحضروا قلوبكم لفهم الوعد والوعيد
ولا زموا طاعة الله فهذا شهر العبيد
واكبوا على تفهم القرآن والترديد
لقد دلكم على الأمر الرشيد
تا الله إن مواعظ القرآن لتُذيب الحديد
ولو نزل على الصخر لعاد وهو يميد
ولكن الغافل عما فيه بعيد
وقد سبق العذاب والتهديد
أما أخبركم بإهلاكـ الملوكـ الصيد ؟
واعلمكم أن الموت منكم بالوصيد ؟
آه على قلوب أقسى من الحديد
آه على نفوسٍ عن طريق الرشاد تحيد
آه على عيونٍ أصلب من الجلاميد
فلله درُ أقوامٍ قاموا يناجون الحبيب والناس نيام
يتحملون أثقال الوجد والغرام
ويفرحون بالليل إذا جنَّ الظلام
فهم في جنان الخلد يتنعمون
وإلى وجه الحبيب ينظرون
" ألا إن أولياء الله لا خوفُ عليهم ولا هم يحزنون "
بالله يا إخواني ابسطوا الأيدي إلى المولى بالذُل والضراعة
وتضرعوا بالذل والانكسار في هذه الساعة
ونادوا : يا من لا تضره المعصية ولا تنفعه الطاعة
نسألكـ بأن تبدل منا الفساد بالصلاح
والغفران بالأرباح
وأنا تُعاملنا بالعفو والسماح
وارحم عباداً غرهم طول إمهالكـ
__________________
الشكر لكل من الزين المسرار و الوافي