عرض مشاركة واحدة
 الصورة الرمزية ساري أحمد 2
ساري أحمد 2
مزعوط نشيط
المشاركات: 83
تاريخ التسجيل: Sep 2018
الدولة: ليساسفة - الدار البيضاء
ساري أحمد 2 غير متواجد حالياً  
قديم 2018-10-03, 10:43 AM
 
-باب الدار-


في الحَي الجنوبي تسابقت الأعين في مضمار النظر فالفضول دائماً ديدنُ النائمين وسط المقاهي الساكنين الأرصفة المستحلين للمُلك العام.
تفصلني عن المنزل محلات قديمة ومبان تليدة، يُخيل لمن يراها بأنها آيلة للسقوط بيدَ أن أكف القدر تحتضنها.
همسات نساء الحَي وأولئك الصبية الأشقياء بالقرب من المدرسة اصبحت كالنيكوتين في شرايين مُدخن فلا يمرُ يوم دون استهلاك كميات هائلة من الأحاديث العارضية والمقالب الصبيانية.
أما أنا فلا زلتُ انتظر خلو الموقف لأركن سيارتي في هذه الظهيرة الساخنة وأرقبُ " العساس" * حارس السيارات النهاري؛ذلك الرجل الخمسيني ذو السحنة السمراء.
الحَي غريب حقاً فهو مزيج من كافة الأنسجة الاجتماعية وكون حي شعبي جداً فإن تواجد الشرطة به يعتبرُ كنوع من الهلوسة.
تخاطبتُ مع عقلي الداخلي وقررتُ أن أوقف السيارة أمام منزل الأهل ومن ثم اتجه إلى داري بعد عناء السفر لأغسل أتربة الأسى على ملامحي و أزيل تجاعيدَ البؤس بعد التأخير في المطارات.

غالباً ما أتفادى رصاص الأحاديث الكثيرة وأضعُ درع الصمت الواقي وأطبقه كُليا على مشاعري حال وصولي فإني أدركُ بأني استنزفتُ طاقتي كلها في السفر فأظلُ صامتاً متأملاً تلك الأحاديث وأكواب الشاي ذات السحر الخاص والمذاق الرفيع تساعدني بالبقاء مستمعاً ومستمتعاً لدرجة الهذيان.

الوقتُ قصير جداً وصلاةُ الجمعة اقتربت، مشاعري مضطربة بين اشتياق وحَنين ورغبات بمعانقة حتى مصابيح الدار البيضاء، لنقم إلى الصلاة وبعدها لكل حادثة حديث !
رد مع اقتباس