مزاعيط المغرب - السفر الى المغرب

مزاعيط المغرب - السفر الى المغرب (https://www.mza3et.com/)
-   الارشيف (https://www.mza3et.com/morocco38/)
-   -   رمضان في مكناس بين أمال الماضي وآلام الحاضر (https://www.mza3et.com/morocco13830.html)

Tourist 2012-07-30 10:16 AM

رمضان في مكناس بين أمال الماضي وآلام الحاضر
 

https://www.meknespress.com/files/ar...df1ed10bcc.jpg

كغيرها من المدن العتيقة، تحتفظ مدينة مكناس بعادات وتقاليد خاصة بكل مناسبة،
قد تلتقي، وقد تختلف مع عادات وتقاليد المدن الشبيهة الأخرى.
ولذلك اعتدنا سماع العرس الفاسي، الطنجية المراكشية، الحضرة الصوفية المكناسية
.....الخ. ومن بين أبرز المناسبات التي تفصح فيها العادات عن نفسها، شهر رمضان
الأبرك، وهي عادات توارثها الأهالي، جيلا عن جيل، حتى أضحت مظهرا حضاريا وتراثا ثقافيا لهذه الأجيال. ويتخذ شهر رمضان مظاهر احتفالية خاصة لدى أهل مكناس منذ القديم...
الاستعداد النفسي
لاستقبال رمضان
منذ الأيام الأولى لشهر رجب، تختزل ربات البيوت كل الأنشطة المنزلية، في إعداد وتخزين مؤونة الصيام، هكذا ينصرفن إلى فتل الشعرية بأيديهن (الفداوش)، يقطعنها بنسمة السمن البلدي في الاطباق، حتى إذا انتهين منها، انتقلن إلى إعداد المحمصة، وتخزين ماتحتاجه حريرة رمضان من حمص وفول وعدس، بموازاة مع فتل الكسكس، وادخاره إلى جانب القمح، الذي تعتمده النساء كمادة مركزية في أطباق مختلفة من خبز وفطائر وحلويات...
أما إعداد «الزميتة»، فيكاد يكون طقسا بمفرده، بدءا بتجميع وتنقية البهارات والتوابل، والفواكه الجافة، مرورا بحرق الطحين، وانتهاء «بالذواقة» وهي أن تخصص المرأة، قدرا من «زميتتها» لتوزيعه على الأقارب من الأهل والأصدقاء، ليذقن ما تفننت في صنعه، ولذلك قل أن تجد مائدة الافطار في مكناس، وخاصة في اليوم الأول من رمضان، مقتصرة على نوع واحد من «الزميتة»..
كان ذلك أيام زمان، أما اليوم، فإن أغلب هذه الطقوس والعادات، قد أصبحت جزءا من الماضي، حيث لم يعد عصر السرعة، الذي نعيشه يسمح بكل ذلك، وأصبح كل ما كانت النساء تقمن به مفتخرات ومعتزات في بيوتهن توفره الأسواق الدائمة أو الموسمية التي تستحدث بمناسبة شهر رمضان.
وهذا لا ينفي تشبث ربات بيوت أخريات، بتقاليد الماضي، محققات بذلك هدفين، أولهما اقتصادي، حيث «شغل الدار» دائما أرخص، والثاني معياري، حيث الجودة والإتقان.
حتى إذا هل شهر شعبان، انصرفت العائلات إلى الاحتفال، إيذانا بأن موسم الكد قد انتهى، وحان وقت الترويح عن النفس. وذلك من خلال ليالي «شعبانة الصغيرة والكبيرة»، وهي الاحتفالات التي تملأ كل ليالي شهر شعبان. ول«شعبانة» هاته احتفالات خاصة بالنساء، حيث العشويات على أهازيج «المعلمة»، وهي فرقة غنائية تقليدية تعتمد في تطريبها على «البندير»، والطبلة وأكوال. وما إن يطل الأسبوع الأخير من شعبان، حتى تصبح كل تلك «العشويات» فرحا واحدا يعم المدينة بفعل ما طالها من «تشبيك»،حيث ينتقل أهل كل «عشوي»، إلى حيث العشوي المجاور، في عملية تراكمية، يصبح بواسطتها الكل منخرطا في شعبانة واحدة، تبيت الليل كله تجوب الأحياء، وأزقة المدينة. موازاة مع ذلك، يستغل الصغار ليلة الإعلان عن شهر رمضان الأبرك للتعبير عن فرحتهم من خلال تجمعهم في جماعات، كل جماعة تمثل حيا أو زقاقا، تنتقل من حي إلى آخر، مرددة بعض المقاطع الزجلية، التي تعني أن عادات أشهر السنة هي غيرها في شهر الصيام، من قبيل : « الكيافة، هزو لواحكم، هارمضان دخل»
وشعبانة طقس قد ولى، وحل محله بصورة باهتة بعض الحفلات التي تقوم بها هاته العائلات أو تلك، دون أن توفر لها طابع التلقائية والتشبيك.
وفي زاوية معتمة، من المعتقد «الخرافي» حول شهر شعبان، تقيم العرافات، ليالي كناوة طيلة الشهر، فهو فرصتهن إلى الناء، حيث ترسخ لدى المريدين والمريدات خاصة، أن العرافة هي صلة الوصل لقضاء مآربهن لدى ملوك الجن، التي تنطلق في شعبان وتتحرر، قبل أن تعود إلى حالة الأسر، في شهر رمضان... ولا تكون الليلة مقبولة من المريدة، إلا إذا كانت مشفوعة بالذبيحة، على شرف ملك ملوك الجان «شمهروش». وتستمر الليلة حتى ما بعد الفجر، وقد تخللتها الخمرة والحضرة بألوان غرائبية، كخمرة بودربالة البوهالي، وخمرة دغنو ...
الاستعداد الروحي
يبدأ المسلمون في الاستعداد روحيا لصوم رمضان، من خلال الإقلاع عن العادات السيئة كشرب الخمر منذ العشر الأواخر من شهر رجب، ومنهم من يعود نفسه على ارتياد مساجد الله، حتى إذا حل شهر الغفران، وجد لديه استعدادا للصيام والقيام.
وعلى المستوى الرسمي، فان مديرية المساجد، تعمل على توفير أئمة التراويح، ويكون شهر رمضان بالنسبة لهذه المديرية، فرصة للتعبير عن نفسها، والإخبار بأنها ليست في عداد العدم، من خلال برمجة الدروس الدينية، وتنظيف أو تغيير حلة بعض المساجد.
ما ئدتي الإفطار والسحور
تتكون مائدة إفطار المكناسيين، من وجبة الحريرة، التي تتأخر عن وجبة التمر والحليب والقهوة والزميتة والبيض. مائدة إفطار المكناسيين، لم تكن تشمل ما تعج به اليوم محلات بيع الحلويات العصرية والهلاليات وما شابه، ف«البغرير» و«المخمر» و«المطلوع»، كان المبتغى وعليه المعول في قهر يوم جوع من صيام.
ترفع مائدة الإفطار، لتحل محلها الصينية، وكؤوس الشاي بالنعناع المكناسي، في انتظار صلاة العشاء والتراويح، في الوقت نفسه الذي تنبعث فيه رائحة الطجين، وهو ينضج على مهل فوق نار الفحم الهادئة. حتى إذا اجتمعت العائلة بعد الصلاة من جديد، حول وجبة العشاء، انصرف بعدها الرجال إلى حيث سمرهم، خارج البيت، بينما تتكلف النساء بإعداد وجبة السحور، التي لم تكن تخرج في غالب الأمر عن الشاي ورغائف المخمر بالدة والعسل.
ليل رمضان
وسمر الرجال خارج البيت، هو ماكان يعطي للمدينة لونا وطعما جديدين، حيث ليالي الملحون في المقاهي كمقهى «التيمزا» بقبة السوق، وحيث ليالي التكرور وكؤوس الشاي الشبرية، وحيث ليالي لعبة الورق من «توتي» و«شكانبا» و«بلوط» ... وحيث ليالي «دين افري»، و«غميض البيض»، ومسرحيات الدرب، بالنسبة للاطفال. وحيث الفرجة كذلك في «حلاقي عبيدات الرمى»، و«البهجة الحكواتي»، في سيرة «فيروز شاه»، أو«حمزة البهلوان»، أو«سيف بن ذي يزن»، وحلقة الملاكمة والقرد....
كان ليل مكناس في رمضان دواء لكل داء، يقول المواطن (م. ه ) :«لكل ضالته هو واجدها،أما اليوم، فإن كل مظاهر البهجة وفرحة أيام زمان، قد اختفت، وحلت محلها مظاهر وظواهر غريبة، استنبتت في تربتنا، وهي تربة غير تربتها الطبيعية كظاهرة مقاهي الشيشة، وأوكارها الخليعة...»
«كان رمضان ، يقول الدكتور (أ.ع)، أيام زمان فرصة لإحياء صلة الرحم، وتبادل الزيارات، بين الأهل والأحباب، وفرصة أيضا لاستشراف آفاق المستقبل، فالأمل كان مفعما لدى الجميع بالأمل، والمستقبل كان دار أمان، في حين انقلبت الصورة على ظهرها، يضيف المتحدث، حيث الخوف من المستقبل، واليأس متمكن من النفوس، والقدرة الشرائية في ترد وتدهورخلال شهور السنة، فما بالك بشهر رمضان الذي يعرف زيادات معلنة، وغير معلنة، في كل المواد، وخاصة الأساسية منها..».
في جوف كل ليلة من ليالي رمضان يستفيق الصائمون لتناول وجبة السحور على صوت النفار، والغياط والطبال، الذي إما يجوب الأحياء والدروب لتنبيه النائمين، أو أن يكون قد اتخد من الصومعة مكانا لهذا النشاط، حتى إذا حل نصف الشهر الفضيل اجتهد الآباء والأمهات في تحسين وجبات الفطور والعشاء والسحور، واستعدوا للعطاء وتلك فرصة، النفار والغياط والطبال لجمع العطايا، حيث لاترد أية أسرة أو دار، يد «النفار» فارغة بعد أن يطرق بابها، مرددا العبارة الشهيرة : « عوايد النفار الله يحيينا ويحييكم للعام الجاي»، وكلما دق النفار بابا، إلا وتسابقت النسوة نحوه تحملن دورقا لطلب «ماء النفار» و «ماء النفار» هذا هو لعابه الذي يسيل من فتحة النفير السفلي على شكل قطرات، وتحتفظ النساء بهذا الماء ليشربنه للأطفال الذين يتأخر جهاز النطق لديهم، وهكذا صار المثل :«خاصو ميها ديال النفار»، يضرب لمن لا يكثر من الكلام، ويفضل الصمت، على الخوض في ما يخوض فيه غيره من حديث، «عوايد النفار» هاته تتكرر بنفس الطقوس، يوم السابع والعشرين من الشهر وصبيحة عيد الفطر، إلا أن عطاء هذين اليومين يكون زرعا مجتزء، من الفطرة الواجبة شرعا، وعوايد النفار هاته، عادة تعيش أشواطها الأخيرة، وهي إلى الإنقراض أقرب.
الحنة وعادة الصوم الاول
إنها عادة زيارة ضريح المولى إسماعيل، وضريح الشيخ الكامل يوم السابع والعشرين، حيث يلبس الأطفال أحسن ما لديهم، وخلال هذه الزيارة يتم تزيين يد الطفلة بالحناء، استشرافا منها ليوم دخلتها.
من بين الصور التي تظل راسخة في ذاكرة المكناسيين، هي صورة طقوس واحتفالات أول صوم لهم وهم صغار، حيث تكون العائلة على موعد عند الإفطار مع فرحة من نوع آخر، يمتزج فيها ماهو روحي بما هو اجتماعي، وبما هو ترفيهي، حيث يلبس الطفل الصغير، أو البنت أبهى وأحسن مايملك من لباس، وتعد له المرتبة فوق سلم خشبي مسنود إلى الحائط، وعلى أسفله تقدم للطفل الصائم أشهى المؤكولات لديه، فضلا عن المائدة التقليدية للإفطار، ويتم الفطور على الأناشيد، والصلاة على النبي، وبعد تقديم هدايا أول صوم، ينتقل الصائم الصغير، أو الصائمة الصغيرة، إلى ضريح المولى إسماعيل، أو الشيخ الكامل، ولذلك تتحين الأسر المكناسية، أن يكون أول صوم لصغيرهم، مصادفا ليوم السابع والعشرين من رمضان، حيث زيارة الأضرحة، وحفل الحناء الجماعي.
والإحتفاء بالصائم الصغير، في هذا اليوم، هو تحبيب هذا الركن من الإسلام لديه، حتى لا يتم التفريط فيه مستقبلا.
إحياء ليلة القدر بمكناس
في هذه الليلة المباركة، تتعطل كل ليالي الملحون، ولعبة الورق، ودين افري... ليتفرغ الجميع لقيام الليلة التي جعلها الله تعالى خيرا من ألف شهر. أيام زمان، النشاز في هذه الليلة، هو ألا يعمر المكناسي مساجد الله، ولو من باب العادة إما للصلاة والذكر، وتلاوة القرآن، وإما لتناول وجبة عز الظفر بها في غير هذه الليلة المباركة، حيث «قصاعي الكسكس» ، والحليب والتمر، تشد الرحال مجتمعة نحو المساجد، والأضرحة لإطعام المقيمين والفقراء والمساكين وابن السبيل... هكذا يكسو المدينة جو روحاني حتى إذا أهل الفجر آوى كل إلى بيته، للنوم على أمل أن يفيق على نفير النفار، وهو ينادي : «عوايد النفار الله يحيينا ويحييكم للعام الجاي».


الساعة الآن 11:33 AM

جميع المواضيع و الردود لاتعبر بالضرورة عن رأي و توجهات الادارة و انما تعبر عن رأي كاتبها فقط

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Search Engine Optimisation provided by DragonByte SEO (Pro) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.