مزاعيط المغرب - السفر الى المغرب - زكاة الفطر تتوج معاني التكافل الاجتماعي

https://www.qzal.net/01/2012-08/13450535052.jpg

يقول الله تعالى:”وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله لعلكم ترحمون”. وقال سبحانه:”قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى”.

فالزكاة ركن من أركان الإسلام وهي النماء والزيادة والتطهير والتزكية، وهي التي تعود بالبركة على المال بالحفظ من كل ما يبدده وهي علامة من علامات الإيمان وشدة الثقة بالله وقوة اليقين به، فالإنفاق ظاهره النقص من المال وباطنه الزيادة فيه والحفظ والبركة، كما قال صلى الله عليه وسلم:”ما نقص مال من صدقة”. وقال تعالى:(خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها)، وقال تعالى: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم). والزكاة علامة كبيرة على تماسك المجتمع وتعاون أفراده وتكافلهم وشعورهم بعضهم ببعض، قال صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تدعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”، وهي أنواع منها زكاة الفطر التي لها علاقة بشهر الصيام المبارك، وهي فرض على كل مسلم ومسلمة صغيراً كان أو كبيراً ذكراً كان أو أنثى وتجب بالفطر من رمضان ولذلك سميت بهذا الاسم، كما يقال لها صدقة الفطر.

قال تعالى:(قد أفلح من تزكى، وذكر اسم ربه فصلى). وقد روى نافع عن ابن عمر أنه رضي الله عنه كان يقول نزلت هذه الآية في زكاة رمضان.

https://www.qzal.net/01/2012-08/13450535041.jpg

صلاة العيد

وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:”قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى، ثم يقسم الفطرة قبل أن يغدو إلى المصلى يوم الفطر”. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:”فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر طهرة للصائم عن اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة “أي صلاة العيد”، فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات”.

وعن جرير ابن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “صوم شهر رمضان معلق بين السماء والأرض ولا يرتفع إلا بزكاة الفطر”، ومقدارها بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن عبد الله ابن ثعلبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنها صاع من بر وقمح على كل صغير وكبير حر أو عبد ذكر أو أنثى غني أو فقير، أما غنيكم فيزكيه الله وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطى”. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: “فرض زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين حر أو عبد رجل أو امرأة صغير أو كبير صاعاً من تمر أو شعير”. والصاع أربعة أمداد والمد عرفه الفقهاء بأنه ملء اليدين المتوسطتين لا مقبوضتين ولا مبسوطتين، وهي تخرج من تمر أو شعير أو قمح أو يب أو أرز أو أقط، أو غالب قوت البلد، وهي تجب بغروب شمس آخر يوم من رمضان وقد تخرج زكاة الفطر نقداً أي إخراج قيمة زكاة الفطر، وقد جوز ذلك بعض الفقهاء واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: “أغنوهم في هذا اليوم”.

يوم الفطر

ويجوز أن تعطى كلها لمسكين واحد أو تقسم على مساكين كثر، ولا بد أن نخرجها قبل صلاة العيد على الراجح من الأقوال، ومن الفقهاء من جوز أن تخرج من أول يوم في رمضان ومنهم من استحب أن يخرج الزكاة إذا طلع الفجر يوم الفطر قبل أن يغدو إلى الصلاة، والراجح من أقوال العلماء أنها تخرج قبل صلاة العيد على تفصيل بينهم ويوم العيد يوم فرح وسرور يفرح فيه الصائم بفطره، كما قال صلى الله عليه وسلم: “للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه”، وهو يوم يتجمع فيه الأحباب وتتواصل فيه الأقارب وتقترب فيه الخلان ولسان مقال وحال الجميع يقول اليوم عيد، يوم السعادة والفرح، يوم الجائزة، قال صلى الله عليه وسلم: “إذا كان يوم عيد الفطر وقفت الملائكة على أبواب المساجد والطرق ينادون يا معشر المسلمين اغدوا إلى رب كريم يمن بالخير ويثيب على الجزيل، أمركم بقيام الليل فقمتم وأمركم بصيام النهار فصمتم وأطعتم ربكم فاقبضوا جوائزكم، فإذا صلوا نادى مناد في السماء ألا إن ربكم قد غفر لكم فارجعوا راشدين إلى رحالكم فهو يوم الجائزة ويسمى في السماء يوم الجائزة”.

فهنيئاً لكم أيها الصائمون القائمون هنيئاً بمغفرة من ربكم وعتق رقابكم هنيئاً لكم بصلة أرحامكم، ولقد سمي العيد عيداً لأنه يعود إلينا كل سنة بفرح وسرور وزيادة في الأجور وغفران وعتق من النيران بإذن ربنا الغفور سبحانه وتعالى، كما أن في معناه أن المؤمنين يعودون من طاعة إلى طاعة فمن صيام رمضان إلى صيام ستة من شوال ومن قيام رمضان إلى الصلاة بالليل والناس نيام لا تنقطع طاعتهم ولا يملونها ولا تفتر عزائمهم ولا ينقضونها، تلهث قلوبهم وألسنتهم بالذكر لربنا المتعالي يدعون ربهم في كل وقت “تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون”.

فكلما انتهوا من طاعة أسرعوا إلى طاعة أخرى، والعيد عود إلى ما يحبه الله ويرضاه، وإن الفرح في يوم العيد يذكرنا بالفرح يوم الخلود يوم نعود إلى ربنا المعبود فنفرح بعيد الآخرة يوم لا ينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم وصاحب القلب السليم هو الذي طهر الصيام قلبه فصام وعبد، فتقبل الله منه، وهو الذي قام ووحد فغفر الله له.

استبشار

وهو الذي أطاع وامتثل فرضي الله عنه، فنرى الصائمين مستبشرين وهم يدخلون من باب الريان، قال الله تعالى: (وجوه يومئذ مسفرة، ضاحكة مستبشرة)، تراهم يوم تقول لهم الملائكة: سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين.

إن فرحة العيد تذكرنا بهذه الفرحة الخالدة في الآخرة فافرحوا لفطركم أيها الصائمون وابشروا بطاعتكم أيها القائمون وانعموا برضى ربكم أيها الطائعون واسعدوا بحياتكم أيها المسلمون. يوم يقول كل واحد منا لأهله وذويه: (هاؤم اقرؤوا كتابيه، إني ظننت أني ملاق حسابيه، فهو في عيشة راضية، في جنة عالية، قطوفها دانية، كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية).