مزاعيط المغرب - السفر الى المغرب - إذا الشعب يوما أراد الحياة ?

https://www.anamaghreb.com/wp-conten.../IMG_3275u.jpg

زكرياء حميد:

يومها، سالت الدموع ممزوجة بعبارات الفرح، بل تدفقت حتى تأكدت أني لست بحلم، يومها تحققت النبوءة التي طالما كذبناها، نعم، لقد استطاعوا.. كيف لم نكن ندري أن بإمكانهم؟ لقد فندوا الأسطورة وأية أسطورة، أسطورة جسد أمة إسلامية قد ماتت، ضحى أحدهم بجسده، فكانت الشرارة بعد أن سلم المشعل، وكان القيل والقال، “ستنطفئ الشرارة ويتبعها المشعل”، “سيصلبهم فرعون”، لقد آمنوا قبل أن يأذن لهم.
لكنهم شعب ليس كأي الشعوب، شعب طالما قبل الظلم لكن.. شعب تضرع مذ ربع قرن الذل ولكن.. سلب من كل الحقوق وحتى أبسطها “شريعته” ولكن .. أراد متجبرهم الأبدية بيد حديدية لكن.. ماذا حل؟؟ كانت الرسائل واضحة ومخطوطة بدماء شهداء، فحواها أن اجمع حقائبك وارحل، انتظر بل استُرسلت لتخبره أن يجر ذله وأهله وحزبه معه.
مُزجت المشاكل.. فأدناها حالة اجتماعية متفاقمة، وأطغاها فرعون أراد العزة بغير دين شعبه، خرج خروج الثعلب من المزرعة في جنحة الليل، فكانت العزة التي طالما بيتوها في دهاليز عقولهم وقلوبهم، أعلن عنها “البوعزيزي وكروسته”، فتبناها عود ثقابه، وحضها شعب بجسد عار، وقلب نابض، وهدف واضح، وعزيمة وإرادة صلبتين، نعم حتى على قبضة جلادهم، فترجموها إلى خروج شعبي جد حضاري، غلغل عواطفنا، وأحسسنا بفخر جلبه لنا أبناء جلدتنا، وجيراننا، ونِعم الفخر فخر هزيمة الطاغية.
نعم، بدأت قصة بداية النهاية، وفهمت الشعوب معنى التخلص من “الذلقراطية” لصاحبها المبدع المهدي المنجرة، بمعناها الذي جعل من القوى الاستكبارية في العالم، تذل حكامنا فقبلوا الذل، وبدورهم فرضوه علينا، واستنتج أن العرب يعيشون مزدوجة ذل لم يُعرف نظيرها عبر التاريخ، لكن بعد كل عسر يسر، وبعد كل ضغط انفجار، وحذار إن كان الانفجار من شعب مثل تونس.
“فاعتبروا يا أولي الأبصار”، نعم إنها نهاية كل متجبر طاغية، فالشعوب تعي وتفهم، وجسدها اليوم أنهكه الغدر والتسلط والقمع، لكنه مستعد للنهوض من السبات، وما زالت نزعة الكبرياء توقد، فلا تحاول إيقادها، وها دور طغاة الجزائر سيحين، وما أظن أن النازلة ببعيدة، وشعبها الباسل مستعد للتضحيات كغيره من الشعوب التي أرهقها تسلط الطغاة عبر الأجيال، ولا بد أن يستجيب القدر.