اليتيم ..
اليتم في اللغة؛ هو الانفراد. فمن فقدأباه في الناس فهو يتيم، ولا يقال لمن فقد أمه يتيم؛
بل منقطع. اما من فقد أباهوأمه معاً؛ فهو (لطيم).
وهذا التدرج في وصف الانفراد الذي هو اليتم؛ من اجل دلائلالبلاغة في اللغة العربية؛
التي لا تجاريها فيها أي لغة أخرى. لأن لفظ (يتيم)؛ أخفوقعا على السمع من لفظ (منقطع)
إنالولد لا يدعى يتيما بعد بلوغه ومقدرته على الاعتماد على نفسه، اما الجارية فهييتيمة حتى يبنى بها.
قال تعالى: (وآتوا اليتامى أموالهم). هذا؛ إذا آنستم منهمرشدا. وقد تلازمهما التسمية بعد ذلك (مجازا)
، فالرسول صلى الله عليه وسلم ظل يسمىيتيم أبي طالب، لأنه رباه.
وصورة اليتم في المجتمع؛ مكونة رئيسة في نسيجه العاممنذ ان خلق الله الخلق،
لأن النوازل والفواجع تَكِرّ كر الليالي والأيام ولا تتوف،وما يخفف من قسوة الحالة وبشاعة الصورة؛
هو ذلك التكافل الاجتماعي التعاوني، الذيأرست قواعده الشريعة الاسلامية السمحة؛
فجاء تعزيز الأمر برعاية اليتامى وحفظحقوقهم المشروعة؛
وتربيتهم وتهيئتهم للحياة؛ في القرآن الكريم في (23) مرة بلفظ؛ (اليتم واليتيم واليتيمة والأيتام واليتامى).
في (23) آية قرآنية. وتكرر ذكر ذلك فيالحديث النبوي الشريف مرات كثيرة.
وما دام اليتم بهذه الصورة؛ ومكانته فيالمجتمع معروفة؛ فهذا المجتمع نفسه؛
يتحمل المسؤولية كاملة؛ بأن يتضامن ابناؤهويتعاضدوا فيما بينهم،
افرادا وجماعات، حكاما او محكومين؛ على اتخاذ كافة المواقفالايجابية التي تكفل رعاية الأيتام، بدافع من شعور وجداني عميق، ينبع من أصلالعقيدة الاسلامية،
ليعيش اليتيم في كفالة الجماعة،
وتعيش الجماعة بمؤازرة هذااليتيم؛ المنسجم معها في سيرها نحو تحقيق مجتمع افضل.
إن وسائل التكافلالاجتماعي كثيرة، على ان اهمها علي الاطلاق؛ هو الإنفاق في وجوه الخير، فالشريعةالاسلامية حثت على هذه الخيرية؛
وحذرت من الشح والبخل، وجعلت في أموال الموسرينوالأغنياء حقا معلوما للفقراء واليتامى والمساكين.
فالرسول صلى الله عليه وسلم؛حض على كفالة اليتيم، وأمر بوجوب رعايته، وبشر كفلاء اليتيم
؛ أنهم ان احسنوا الىاليتامى؛ سيكونون معه في الجنة.
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلىالله عليه وسلم:
(أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا.. وأشار بالسبابة والوسطى، وفرقبينهما) رواه البخاري.
وروى الإمام احمد وابن حبان، عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه قال:
(من وضع يده على رأس يتيم رحمة به؛ كتب الله له بكل شعرة مرت على يدهحسنة).
ورعاية الأيتام واجبة في الأصل على ذوي الأرحام والاقارب، اما الدولة؛فإنها لا تلجأ الى الرعاية إلا عند الحاجة.
وقد درج المسلمون منذ عهودهم الاولى؛على افتتاح الدور لرعاية الأيتام،
لتتولى المؤسسات الاسلامية العامة والخاصة؛ تربيةالأيتام ورعايتهم والإنفاق عليهم،
ومساعدتهم على النمو الطبيعي، والحياة الإيجابيةفي المجتمع.
يقولون في كمبوديا: بأن يتيم الأب أشبه بالبيت بلا سقف.
ولكن مجتمعنا العربي المسلم والحمد لله؛
هوالسقف الذي يظلل الأيتام في بلادنا.