كَم هِيّ السَاعة بِتوقيتِ وَجعك ؟ الوَاحِدة، بَعدَ مُنتَصفِ الشَوق . رِسَالَةٌ مَبتورَةُ الأَقدامِ، مُهَمَشّةُ الذِراع، وَالأُخرى بِلا أَصَابع . أَطرَافُهَا الأَربَعَةُ هَالكة، وَبَقيّةُ الجَسدِ مِنهَا يَئِنُ مِن فَرطِ الخواء . الأَوْقَاتُ السَابِقةُ مَا عَادت تُشبِهُنِي، عُمرِيّ القَديمُ لَم يَعد يُسبِغُ عَليَّ شَيئًا مِن نِسيانٍ حِينَ أَخلعُه، أَضحيتُ أُجرجِرُ الشّوقَ مُكرَهَةً أُراوِدُ العُمْرَ عَنْ بَسمَةٍ يَتَخطفهَا اليَأْسُ ثُمَّ تَهوِي فِي مَكَانٍ سَحيقْ . مُقتبلُ الوْجَع - حُلمٌ يَموتُ عَلى جَنَاحَيّ غُراب، أَكَادُ أَشيخ، عَلى كَتفِيَّ بَقَايَا الزَمَن مُتَرَاكِمَةٌ تُهَدْدُنِي بِالمَشيبْ، وَأَنَا فِي مُقتَبلِ الوَجع، يَا أَنت فِي مُقتَبلِ الوَجع .. كَمْ مِنَ الشّوقِ تَرتَكِبُ المَلامِحُ المُنهَكَة، المَوجوعة، الحَزينة، الفَارِغة، الزَائِلة فِي أَجسَادِنا ؟ - تأخّــــــــــرنااا أَيّامُنَا تِكرارٌ أَلفنَاه، أَوْجَاعٌ تَحفَظُ الطَريقَ جَيّدًا، شَوْقٌ يَمْتَطِي سَابِقهُ لِيُحسنَ الاعتلاء، طِفلٌ رُمِيَ سَهوًا فِي جَانِبِ الطَرِيقِ، ثُمَّ لَمّا أَلفى نَفسهُ وَحِيدًا قَضَىَ نَحبه .. أَتعلـــــــــم ؟ تَضَاءَلَ إِحساسِي بِالأُمور، أَمسَى الحُضورُ التّامُ تَرفًا لا أُحسنه، أصَرِّفُ الأُمورَ بِنَمَطيّةٍ بَغيضَةٍ، أَبْتَسِمُ كَأَقصى مَا يَفعَلُ المُجَامِلون، وَأَخرج . أَدركتُ جَيّدًا أَني مَا عُدتُ أَنا، وَأَنّ الرِّياحَ التِي عَبَرت مَلامِحِي ذَاتَ فَقدٍ طَمَسَتَهَا، وَلمَّا تُتقِنِ العَودَ بَعد ! جَمعتُ الكلامَ فِي ذَاكِرتِي حَتّى غَدت بِلا ذَاكِرة فرطُ الأَشياءِ يُفقِدُهَا مَاهِيتَها وَتَمّوتُ دُونَ احتِضار ، الحَديثُ بَائِسٌ، وَالحَرفُ مَلفوفٌ بِأَلفِ خرقَة بَاليَة لا تَصلحُ لِأَن تَكونَ كَفَنًا يُغطي سَوءَةَ الفَضَائِحِ التِي سَيظهَرهَا بِظهوره ، والحُزنُ الذِي يُغلفِ الصّوتَ كَان مُمَرغًا بِالرَمَادِ مِن قَتَامَةِ الأَشياءِ فِي عَيني، الكلامُ يَضيقُ، وَلا تَتَسِعُ لهُ رُقعَةٌ تَحتضنهُ وَتُنعتُ بِالقَبرِ بَعدَ ذَاك ، كَانَ مِنَ المُفتَرضِ أَن لا أَفتحَ الغِطَاءَ عَن وَجهِ البَشَاعَةِ فِيهِ " بَيني وَبيني " ، وَرُبَمَا كَان يَجبُ عليَّ أَن أَنتَظِرَ وَقتَ الذَهَابِ الذِي لا أَعزم عَليهِ وَإِن رَاودَني حِينَ أَكَلَ الضَجيجَ الأَشياءَ حَوْلِي، وَتَتَسَربُ مِن عَينيّ مِياهٌ كَثيرة، لا سَدّ لهَا حَتّى أَستُرَ المَفضوح .. وَآخِرُ الاعترافاتِ لك / بك جِدُّ مُتعبة . يُؤذينِي أَن أَحتَاجك تَطوقنِي وَأَزرعُ رَأَسي فِيك وَأَبكِي طَويلاً ، وَمِن ثُمَّ أَغفو عَلى حِجرك بَعدَ أَن نَفضتُ مِن رَأَسي دَندنةَ البُؤسِ وَاليَأَسِ المُترَاكبين . يُؤذينِي أَيضًا أَنّي لا أَفعَلُ وَلا أَستَطيع، وَأَنّ عَبَراتِي مُتَضَخِمّة لِلحَدّ الذِي يَتَعذرُ عَليهَا الخُروجُ وَتَبقىْ مَحشوْرَةً فِي حَلقِي، أُجَاهِدُ كَيّ تَموت، بَيدَ أَنهَا تَكبرُ وَأَختَنِقُ أَنا . ثُمَّ أَتَسَاءَلُ عَنْ عَيني لِمَاذا تَشحُ بِمَائِهَا حِينَ أَحتَاجُهَا بَعيدًا عَن كُلَّ أَحد ؟ وَلِمَاذا لا يَغسلنِي مِن الرَمَادِ المُتعلق بِي ؟ وَلِمَاذَا الغَيمُ يَهربُ مِنّي وَلا أَقوىْ عَلىْ اللحَاقِ به ؟ لِمَاذَا كُلُّ الأَشياءِ تُجبرُنِي عَلىْ أُن أُصَدِّقَ كِذْبَةَ النِفَاق، وَلِمَاذَا الأَمَاكِنِ التِي تَحتَضننِي لَك / لَهم ، لا تَعتَرِفُ بِهَا ؟ هَلْ كَانَ مِن " سَذَاجَتِي " أَني مُثْخَنَةٌ بِالوَجَعِ وَالغُربَةِ حَتّى فِي حُضوري، وَأَنِي بَائِسَةٌ جِدًا، وَأَعجَزُ عَن إِرفَاقِ صَدقَةِ سِرٍ إِليّ مِنّي، مَعِي ؟ وَأَنْ أَدراجَ الرِيَاحِ سَرقتنِي، وَجَعلتنِي هَيكلاً خَاويًا لا يَملأهُ الحُلم، وَغضبتُ . تُصيبُنِي الأَحداثُ بِالذهُول، وَعَبَرَاتِي تَزدَادُ حَتّى غَدت " شُعوبًا وَقَبَائِل " لَم يَتَعارَفوا .. ثَمَّةَ أَمرٍ مَا يَجعلنِي أَسْكنُ كُلّما ثَارتْ فِيّ الحِميّةُ عَليك، وَعليّ، وَثَمّةَ آخَر يَجعلنِي أَتَناسىْ وَأَغفر، وَأَبتسم، وَكَأَنّ الرَهبَةَ التِي أَصَابتنِي " عَارِضٌ مَطَريّ "، وَثَمّةَ ثَالثٌ يَلّحُ عَليّ بِالعوْدَةِ إِلى حَيث كُنتُ، هِيَ المُكَابَرةُ الكَبيرةُ تَمنعنِي مِنَ الاعتراف بِأَنَ خَمسًا أَحتَاجُهَا، وَأَزعُمَ عَلى إِثرهَا أَني كَبّرتُ عَليهَا أَربعاً، وَسَلمتُ عَن اليمين .. وَمَا بَكيتُ .. ! ماجــد الماجــد راق لذائقتـــي # منقووول .... خـُشوع |
||
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |