قررنا التوجه للعتيقة - فاس
منذ أن وصلت للمغرب و أن أنتظر رؤية مدينة فاس، قرأت عنها الكثير و شاهدت بعض التقارير عنها، لذا قررت أن تكون وجهتنا في ذلك اليوم، توجهنا لها عبر طريق جميل جداً يأخذك بين أحضان الجبال نزولاً تستشعر معها نسمات الدفئ الذي فارقنا منذ أن وصلنا لافران، لم نجد حرجاً في المرور و التوقف قليلاً في بلدة إيموزار كندر لاحتساء بعض الأتاي مع بعض اللهو بكرة القدم مع بعض الأطفال، "جميل أن تعيش تلك الحياة البسيطة دون أن يشغل الغد بالك"، اكملنا طريقنا نحو فاس و لم تمضي ساعة حتى لاحت في الأفق، كان أو اهتماماتنا هو الغداء و قليل من القهوة "مدمن قهوة الله لا يكتب عليكم"، بحثت عن اقرب مول في فاس فوجد أن "الحكير" بنى مول كبير في فاس (برج فاس) "ربعنا ماشاء الله مستثمرين في كل مكان"، توجهنا للمول عبر شارع محمد الخامس و تفاجأنا بكمية البشر التي تتنزه في ذلك الشارع، لكن ما لفت نظري هو تواجد كم كبير من الشرطة بل و بعض افراد احد القطاعات المسلحة، و علمت أن هناك جلسة في محكمة الاستئناف مهمة جداً قائمة اثناد مرورنا، و لفت نظري سور قديم عتيق قررت ان نسبر أغواره، لكن اولاً (الغداء)، دخلنا للمول و تغدينا و من ثم اشتريت كوباً من القهوة من (كوستا)، و انطلقنا نحو ذلك السور، كنت اعلم ان فاس لها ٣ اجزاء: المدينة القديمة و المدينة الجديدة و فاس الحديثة، توجهت للمدينة القديمة التي تقع ضمن ذلك السور غير أن أحد رجال الشرطة استوقفني قبل دخول الحي القديم و قال لي (وين تسير؟) أجبته (بأدخل اتفرج) فمشى معي بعض الخطوات و قال لي (أخي، هذا حي قديم و فيه مشاكل داخل، ما انصحك تدخل) استعجبت من كلامه جداً لكن بسبب نصيحته قررت العدول عن دخول الحي القديم و نصحني أن أتوجه للسوق القديم، شكرته و توجهت للسوق مع رفقائي، و فور أن توقفت سيارتنا بدأ المرشةون السياحيون التهافت علينا كلاً يعرض خدماته و يستعرض بأنه يعرف تفاصيل كل شيء، شكرناهم و توجهنا بمفردنا للسوق (انا ما احب الازعاج في السفر و القرقرة الكثير خلني براسي احسن)، في ساحة السوق لفت نظري باعة الاغراض المستعملة (تلاقي فردة حذاد منفردة - مشط مستعمل - كرة قدم مستعملة) كل شيء مستعمل يخطر ببالك تجده في الساحة، دخلنا للسوق و نزلنا بعض الدرجات و وجدنا انفسنا في ممر طويل منحدر للاسفل، بدأنا السير و كأنني في سوق العلوي (اهل جدة يعرفوه تمام)، بدأنا المشي بين باعة الخضار ثم بعض المطاعم التي تشوي اللحم و الكبدة بالطريقة المغربية (ليتنا ما تغدينا ريحة اللحم تفتح النفس) اكلمنا سيرنا حتى بدأت تظهر محلات القفطان و الجلود، و كنت قد قرأت عن مدبغة الجلود، طبعاً انقلب السحر على الساحر و بدأت عملية (هذا بكم؟) لتصل (شوف اعطيك ٢٠٠ و اخذ ٥) كنا سفاحين في الاسعار، تُعرض علينا الحقيبة الجلدية بمبلغ ٢٠٠ ناخذ ٣ بنفس المبلغ (تعليم الوالدة الله يحفظها)، وجدت قفطان (واااااعر) سألته بكم يا سيدي سألني (ما اي البلاد؟) اجبته (جدة) قال (ها، كنت فيها الحج الفائت انتم طيبون) شكرته على كلماته و توقعت سعر ناااااري .. "طيب يا سيدي على كم؟" بكل بساطة اجاب (كم تريد؟) قلت (٩) قال(الواحد احسبه لك ١٨٠) قلت (كثير) قال (اختر ما تريد و ما حتزعل) خلاصة الامر اخذت (٩) ، دفعت (٩٠٠) ، بدأوا الشباب يشتروا اللي في نفسهم و هدايا و غيره، و كلما انحدرنا في السوق كلما زاد التسوق، وصلنا لمحل عطارة و صديقنا بدأ يبحث عن زيت يزيد من نمو الشعر، و طبعاً (لعبوا في حسبته صح)، بعد ما خلصنا قررت ازور مدبغة الجلود و فعلاً زرت المدبغة القديمة و لكن عندما قررت الذهاب للمدبغة الجديدة اتضح انا أن أمامنا طريق طولة جداً من السعود (مع التسوق نسينا نفسنا في النزول و حان وقت دفع الثمن)، و فعلاً ٢٠ دقيقة من المشي المتواصل صعوداً لبوابة السوق، انقطعت الانفاس و تصبب العرق (الأوزان ثقيلة مع كمية تسوق كبيرة) طبعاً بدأت طريقة المشي تختلف و زاوية الانفراج تزداد
حتى وصلنا للبوابة، و هناك لفت نظري شخص يحمل سيجارة أعرفها تماماً فاقترب مني يسألني (اتريد تكمي) قلت له شكراً .. نظر إلي مستغرباً كأنني من كوكب أخر .. تركته و انطلقت نحو البوابه، اخذنا بعض الماء و توجهنا للجهة المقابلة للسوق نحو حديقة (جنان سبيل) الرائعة حيث الظلال و الاشجار و الزهور الجميلة ، تشبعنا بكمية الاكسجين و التقطنا الكثير من الصور، وقررنا أنه آن الاوان لمغادرة فاس و العودة لافران لان الشمس قاربت على المغيب ..
و ركبنا سيارتنا مودعين فاس العتيقة و انطلقنا نحو افران من جديد ..
و للحديث بقية بحول الله