المحطة القادمة / العروس الشماليه طنجة
.
التاسع والعشرين من رمضان - الواحدة ظهرا ..
أفقت على منبه الجوال كنت أريد مواصلة النوم لكن كان أمامي طريق ليس بالقصير إلى أقصى الشمال...
استجمعت قواي ونهضت وبعد حمام بارد لبست ملابسي ووجهت وجهي لله وأديت فريضتي الظهر والعصر جمعا وقصرا وكنت قبل أن أنام قد جمعت أغراضي المبعثرة في الغرفة وأعدت ترتيبها في الشنطة حتى لا أتأخر في تجميعها وترتيبها حينما أصحو .
ركبت سيارتي وقبل أن أطلق لها العنان قمت بتشغيل برنامج الخرائط ليهديني في طرق كازا ودروبها التي يحار فيها العقل ، أخذت أشق عباب الزحام حتى تنفست الصعداء وتركت خلفي كازا بصخبها وعنفوانها وغموضها التي لم استجليها بعد...
بدأت أرى الريف بسحره وجماله وهدوءه فالسهول المبسطة على مدى البصر ؛ والمزارع الموسمية تلتحم في بعضها بتناسق وترتيب دقيق وقطعان الأنعام تجوب المراعي في أجواء مشمسة معتدله تلطفها أنسام المحيط الباردة المنعشة ....
كنت قد اصطحبت معي وصلت aux لأصلها بهاتفي وعبر برنامج اليوتيوب لأسمع ما يقطع عني ملل الطريق الذي لم يكن مملا كسائر الطرق بل كان لوحات فنية ابدعها الله بجمالها الفاتن الذي يسلب القلوب ويحير الالباب...
كان الطريق مريحا ومزدوجا لا يعيبه إلا كثرة محطات الأداء ( الضرائب ) ؛ وإلا فهو مخدوم بشكل لافت فالمحطات تنتشر بكل مكان وهي تحوي كل ما يحتاج المسافر ؛ كانت المناظر تزاد بهاء وخضرة كل ما توغلت شمالا والأجواء تزداد رقة وعذوبه ... وكأنها تغريني بالكشف عن المزيد وتثيرني لما هو أكثر ...
قبيل الغروب بساعة أو تزيد كان موعد اللقاء الذي طال انتظاره ؛ كانت اللهفة والترقب تسبقني ؛ فاللقاءات الأولى تتسم بالتوتر والاضطراب ، ودائما وأبدا ما أعول على تفاصيل الثواني الأولى فالبدايات تحكي النهايات وبدقه ؛ تبدت لي تلك الفاتنه من بعيد كنت أرقبها وترقبني ، إلا أن دلالها وجمالها وكبريائها كان يمنعها من إطالة النظر أما العاشق المغرم فقد دهش للوهلة الأولى ؛ ولم يستطع أن يصرف النظر فهل ترى له من فتور ! ، كانت ترتمي بكل تيه وخيلاء ليلفها البحر بيد ويطوقها المحيط بالأخرى ... صحت بها وأنا العاشق المغرم من أظناه الشوق وأتعبه الترحال حتى وصل إليك خذيني بين ذراعيك فما عاد للصبر بقيه يا سيدتي ... وكان ....
إنها طنجة عروس الشمال لن يخطيء نظرك الجمال في شوارعها وشواطيئها ودروبها وطرقها ومقاهيها ...
توجهت لفندقي ( رمادا ) ووضعت عصا الترحال ، وبعد قسط من الراحة كان الحب يدفعني للخروج والاستكشاف وكان ...
عمدت للشارع الحيوي المطل على الكورنيش وكنت بحاجة ماسة لجلسة قهوة استجمع فيها أفكاري وأخلو بمحبوبتي دون حسيب ولا رقيب وأخطط ليومي الوحيد الذي هو الغد في طنجة وكان ...
وقع اختياري على مقهى ومطعم فاخر اسمه wood جلست فيه وبدون تردد كان لي لقاء دافيء بكوب قهوة مع أنغام Kristian Xhaferaj ومع برودة المكان المعتدله والانسام العليلة الخجلى التي تغازلك بلطف بين الفينة والأخرى كانت جلسة شاعرية فكان الشعر حاضرا ولم استفق إلا على مايزيد عن عشرين بيتا في غزل هذه الفاتنه التي كان حبها من أول نظره وبدون استئذان ...
بعد استراحة محارب... أطلقت اقدامي لاستكشاف الكورنيش الجميل التي رصفت ممراته بكل دقة وإبداع وزينها مصابيح إنارة أشبه بشموع يسهر عليها عاشقين يلف هذه الممرات أشجار وشجيرات ومسطحات خضراء ماس في خمائلها أنواع من الورود والزهور ...
من طريقتي في السفر الاحتكاك بالسكان المحليين والتبسط معهم والجلوس بكل أريحية لاستنطق أخبارهم كان لي أحاديث ماتعة مع عدد من الشبان المغاربة اللطفاء كان بعضهم يتنزه والآخرون يبيعون الحلوى أو الألعاب أو الهدايا والتحف ليتكسبون خلال موسم الصيف بعضهم كان يحمل البكالوريس لكنها الحاجة لا أذاقنا الله مرارتها ..
أنهيت جولاتي وعدت لسكني قرابة الثانية فجرا لأنام في أحضان معشوقتي مفترشا أرضها متدثرا بسمائها ..
إلى هنا أقف وأستأذن نظركم الكريم في المواصلة أو التوقف ... دمتم بود
التعديل الأخير تم بواسطة أبو محمد ناصر ; 2017-07-08 الساعة 01:35 AM