داهمني أرق هذه الليلة.. لقد عصاني النوم ..
كل شيء داخلي يرفض السكون للراحة .. أتسلل إلى
نافذتي لعلي أطيح بهذا الأرق ..
الليل أغرق الكون بظلامه .. ولا شي يوحي بالأمل سوى هذا القمر الشاحب الذي يكاد يختنق الغيوم .. انه كقلبي الذي تخنقه الهموم ..
أتأمل مكاني .. صحف مبعثرة .. أسطونات متناثرة
مهملة .. آلة عود تستند بحزن إلى الجدار .. أوتار العود تنزف نغماً والماً كلما أقترب منها .. ولكن .. هل أجرؤ من جديد على احتضان العود... هل تطاوعني أناملي فتحتك من الأوتار أنشودة جميلة يمكن أن تحيي أمنيات قتلها اليأس منذ سنوات ودفنتها في ساحات قلبي ؟؟
أتأمل مكاني .. لا شي تحت ناظري ينطق بالحياة .. أعبث بمؤشر المذياع ..
أبحث عن صوتي بين المحطات .. أبحث عن صورتي .. عن ذاتي .. عن قلبي .. عن كياني .. عن سنوات عمري .. فلا أجد أثرا لكل هذا ..
أربعون عاما من الإبداع والطرب تحولت اليوم إلى جثث محنطة على أرفف الإذاعات .. وأهبط إلى ذاتي .. أقف إلى قبر هذا الفنان الذي قتله الأهمال والتجاهل وعلى شفتي ألف سؤال وسؤال .. أحقا قتلك التجاهل أيها الفنان ؟ أم كنت تطمع أن تسرق زمن الآخرين ؟
وهل كانت بذرة الموهبة لديك حقيقة أم انها بذرة مزيفة ترعرعت ونمت بالكذب والنفاق .. والمجاملة .. وما أن هبت رياح العمر حتى ترنحت هذة الشجرة الهشة وهوت حيث الحقيقة ؟؟؟
وهل تظن أن إبداعك من النوع الخالد الذي يمكنه مقامة الزمن ؟؟؟
أنظر حولك .. أين رفاق الدرب ؟؟؟
أين فنهم ؟
أين أصواتهم ؟
وأين الناس منهم ؟؟
لقد جفت ينابيع الإبداع ...
لقد ماتت الموهبة .. ولم يعد في القلب سوى الحسرات والعبرات ..
نعم .. لم يعد لدى ما أقدمه للناس فلماذا أتهمهم بتجاهلي ؟؟؟
أتسلل من جديد إلى نافذتي .. الليل يرفض مغادرة المكان ..
لا أثر لخيوط الشمس .. لا أثر لفجر جديد .. نعم إنها النهاية .... : (438):
التعديل الأخير تم بواسطة عز الدين ; 2011-07-18 الساعة 07:03 AM