الامام علي ابن ابي طالب في الدنيا وحالها
النفس تبكى على الدنيا وقد علمت * أن السلامة فيها ترك مافيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها * إلا التى كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه * وإن بناها بشر خاب بانيـها
أين الملوك التى كانت مسلطنة * حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
أموالنا لذوى الميراث نجمعها * ودورنا لخراب الدهر نبنيها
كم من مدائن فى الأفاق قد بنيت * أمست خراباً وأفنى الموت أهليها
لكل نفس وإن كانت على وجل * من المنية آمال تقويها
المرء يبسطها والدهر يقبطها * والنفس تنشرها والموت يطويها
إن المكارم أخلاق مطهرة * الدين أولها والعقل ثانيها
والعلم ثالثها والحلم رابعها * والجود خامسها والفضل ساديها
والبر سابعها والشكر ثامنها * والصبر تاسعها واللين باقيها
والنفس تعلم أنى لا اصدقها * ولست أرشد إلا حين أعصيها
لاتركنن إلى الدنيا ومافيها * فالموت لا شك يفنينا ويفنيها
واعمل لدار غذاً رضوان خازنها * والجار أحمد والرحمن ناشيها
قصورها ذهب والمسك طينتها * والزعفران حشيش نابت فيها
أنهارها لبن محض ومن عسل * والخمر يجرى رحيقاً فى مجاريها
والطير تجرى على الأغصان عاكفة * تسبح الله جهراً فى مفاتيها
ومن يشترى الدار فى الفردوس يعمرها * بركعة فى ظلام الليل يحييها