عرض مشاركة واحدة
عمدة مراكش
مزعوط ذهبي
المشاركات: 1,302
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: السعودية
عمدة مراكش غير متواجد حالياً  
قديم 2010-08-11, 01:45 PM
 
شواطئ مراكش.. الأمواج صناعية والمياه ليست مالحة

--------------------------------------------------------------------------------


شواطئ مراكش.. الأمواج صناعية والمياه ليست مالحة
المدينة الواحة التي غمرَها البحرُ عنوة






خلال سنوات قليلة، تغيرت مدينة مراكش المغربية، وتبدلت ملامحها بشكل متسارع. عمارات تسابق بعضها، فيما تتطاول على النخيل والكتبية، فنادقُ ومطاعمُ راقية، ومحلات باذخة تعرض عطورها وملابسها وأحذيتها، و«شواطئ» في مدينة لا تُطل لا على البحر الأبيض المتوسط ولا على المحيط الاطلسي، و«حدائق مائية» تُجاور حدائق النخل والزيتون والورد والخضرة.
ويبدو الحديث عن شواطئ وحدائق مائية بمراكش، بالنسبة لمن سمع عن المدينة أو قرأ عن تاريخها وجغرافيتها، أو حل بها سائحاً وزائراً لحاراتها ودروبها وعناوينها، شيئاً غريباً ومفارقاً، ووصفاً يبدو أقرب إلى النكتة منه إلى واقع الأشياء وطبيعة المدينة. فكيف نتحدث عن شواطئ وحدائق مائية بالنسبة لمدينة يبعد عنها أقرب شاطئ بحري، من جهة المحيط الأطلسي، بنحو مائتي كلم، وأقرب شاطئ بحري، من جهة البحر الأبيض المتوسط، بنحو ألف كلم؟ المسألة هنا أشبه بالحديث عن كثبان رملية بآلاسكا أو سيبيريا، مثلاً، طالما أن لكل واقع جغرافي عناوينَه وواقعَه الطبيعي.

تقع مدينة مراكش عند سفوح جبال الأطلس، على مساحة تقل عن 30 كلم، ويبلغ ارتفاعها 450 متراً عن سطح البحر، وتبعد 4 كلم إلى الجنوب من الضفة اليسرى لنهر تانسيفت، و60 كلم عن محطة أوكايمدن للرياضات الشتوية، وعن رمال الصحراء بنفس المسافة التي تبعد بها، تقريباً، عن مياه المحيط الأطلسي وأمواجه.

وغالباً ما كان يُنصح سياح مراكش، وهي المدينة التي اشتهرت بين الناس وفي كل العالم بأنها مدينة الشمس والنخيل، بزيارة المدينة القديمة، حيث صومعة الكتبية وساحة جامع الفنا والأسواق الشعبية ومدرسة بن يوسف ومتحف مراكش، والمآثر التاريخية، مثل مقابر السعديين وقصر البديع وقصر الباهية ودار سي سعيد، ودار السكر، وحدائق ماجوريل والمنارة وأكدال، ووادي أوريكا، ومحطة أوكايمدن للرياضات الشتوية.

أما اليوم، فصارت عناوين الانترنت واللوحات الإعلانية تعرض، أيضاً، على سكان مراكش وسياحها زيارة شواطئ وحدائق مائية بمدينة ظلت تقدم أساساً على أن لها إيقاعَ واحةٍ، وتحسب تربتها على كثبان الصحراء لا رمال الشواطئ، وتسكن سطحَهَا الشمسُ الساطعة لا الضبابُ الرماديُّ.

وليس لقب الحمراء أو الواحة إلا تلخيصاً لشكل وطبيعة وطقس مراكش، التي، نظراًً للون السحر الذي تغمر به النفوس والمشاعر، سميت، أيضاً، بمدينة البهجة. ومن التفسيرات الطريفة لروح البهجة والنكتة التي تتميز بها مراكش ما أورده ابن المؤقت في كتابه «الرحلة المراكشية أو مرآة المساوئ الوقتية» على لسان محاوره، في فقرة حملت هذا العنوان الدال : «الحكمة في أن مدينة مراكش وأهلها في سرور»، حيث قال إن مؤسسها يوسف بن تاشفين «تحرى بواسطة منجميه وضع أول حجر من تأسيس بنائها في برج العقرب الذي هو برج الغبطة والسرور، لتبقى دائماً دار سرور وحبور. وذاك السر في كون النشاط يغلب على سكانها ويفيض من بين أركانها».

ولمراكش إيقاع واحة، وعادة ما ترتبط الواحات بالظلال والنخل. لكن، مع ما تعود عليه الناس من وضع تعريف محدد للواحات، بعيداً عن كل ما قد يربطها بالبحار والمحيطات، يبدو أن حدود التعريفات قد أصابها خلل طارئ، بعد أن صارت التحديدات تلتبس لتساير التحولات المتسارعة التي يعرفها العالم. وهكذا، وبعد كل هذا الحديث عن شواطئ وحدائق مائية بمراكش، يبدو أن تشبيه المدن بالواحات ليس وحده الذي صار في حاجة إلى مراجعة وإعادة نظر على صعيد التحديد والتعريف، خصوصاً بعد أن صار من الممكن تذوق فاكهة الصيف في عز الشتاء، وبعد أن صار عادياً أن «تنبت» حبات الثلج وصفحات الجليد بالخليج العربي لتقدم متعة التزحلق والرياضات الشتوية لمن ألف «ركوب» رمال شبه الجزيرة العربية.

لكن الأصل يبقى أحلى من الصورة، وشواطئ مراكش ليست شواطئ طبيعية كشواطئ «الكوستا دل سول» بالجنوب الإسباني، حيث موج إيستبونا وماربيا وفوينخيرولا وبنالمدينا وطوريمولينوس، أو شواطئ مارتيل والسعيدية وكابونيكَرو بالشمال المغربي، أو مثل شواطئ بيروت والاسكندرية ونابولي، حيث تمتد المياه في العمق، فيما ترافق امتداد النظر نحو ظلمات البحار والمحيطات.

شواطئ مراكش هي مجرد مساحات من ماء منعش للسباحة لمن استبدت به الرغبة في أن يستثمر شمس مراكش لوناً برونزياً ومتعة. ومياه شواطئ مراكش ليست مالحة، فضلاً عن أنها لا تختزن خيرات سمكية، مثل شواطئ أكادير وآسفي، ولذلك فهي لا تصلح للصيد، وبالتالي فلن يكون من الممكن الحديث عن راحة بيولوجية للأسماك أو استعمال شباك مرخص بها، أو حتى أن تتنازع أسماكها الأساطيل الأجنبية، قبل أن توقع أو تُعلق أو تفشل بشأنها الاتفاقيات. ثم إن شواطئ مراكش لا ترسو فيها البواخر ولا تخرج منها السلع نحو باقي دول العالم ومدنه، فهي محصورة في المكان، ووحدها المتعة تتجاوز حدودها. لكنها شواطئ تنوع وتطور خدماتها نزولاً عند رغبة مصطافين يمكن أن يمتد بهم النهار بين ثلوج أوكايمدن وظلال ومياه أوريكا وحدائق المدينة وصباحات ومساءات جامع الفنا ورائحة البنايات التاريخية للمدينة في نفس اليوم.

وإذا كانت معظم شواطئ الدنيا مفتوحة على البحر وظلماتها وأمام الرواد بدون مقابل، فإن شواطئ مراكش لا تنفتح لا على المحيطات ولا على البحار، وليست لها روافد من وديان وأنهار تصب فيها كمعظم بحار الكون، وإنما تكتفي بمياه الحنفيات والآبار التي تُغذيها، فضلاً عن أنها تتطلب جيباً يؤدي واجب الدخول وراحة البال والعوم، خصوصاً أنها تقترح على روادها الاكتفاء بمشروباتها ومأكولاتها التي تعرضها عبر محلاتها.

وتعتبر «الوزيرية»، كما «الشاطئ الأحمر»، نموذجين لشواطئ مراكش. و«الوزيرية» هي شاطئ صناعي وحديقة مائية تستقبل الكبار والصغار، أفراداً وعائلات، مما يعني قدرتها على تلبية أذواق مختلف الشرائح، وهي، بهذا المعنى، مركب متنوع الخدمات، حيث المسابح توظف الأمواج، وحيث ملاعب الكرة الطائرة الشاطئية تجعل المصطاف يخال نفسه كما لو أنه بالمهدية أو الصخيرات أو السعيدية، حيث شواطئ المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط. ولأنها توجد على بعد نحو أربعة كيلومترات من مراكش، على طريق أمزميز، فإن هناك برنامجَ نقلٍ للراغبين في الوصول إليها، ممن لا يملكون وسائل نقل خاصة، على مدار الساعة من أمام قصر المؤتمرات بشارع محمد السادس. وتبلغ مساحة الوزيرية 10 هكتارات وتتميز بوجود 820 شجرة زيتون فضلاً عن أشجار الكاليبتوس، وهي تتوفر على ما يلبي أذواق وانتظارات «المصطافين»، الصغار منهم أو الكبار. الأفراد أو العائلات. حيث يستمتع الرواد بالمزالق المائية، ومياه الري التي تنسل بين أشجار ومساحات الحديقة، وبراميل المياه العملاقة، ومركب قراصنة لمتعة الأطفال، وأمواج صناعية، فضلاً عن مساحات خضراء، كما أنها توفر خدمة مطعمية توافق الأذواق والجيوب، وهي تفتح أبوابها أمام الرواد بداية من 31 مارس (اذار) وإلى غاية 31 اغسطس (آب). أما أسعار الدخول فتتراوح ما بين 100 درهم للصغار و180 درهماً للكبار.

أما الشاطئ الأحمر فيبعد عن مراكش بنحو 10 كيلومترات على الطريق الذي تقود إلى أوريكا، وهو شاطئ صناعي يأخذ شكل مسبح يمتد على مساحة طولها 80 مترا وعرضها 40 متراً، وتحيط به رمال ناعمة ونخيل وأسرة للاسترخاء، ويتميز بمطعم له قدرة استيعابية في حدود 300 شخص. أما الدخول إليه فهو في حدود 70 درهماً، وهو مفتوح أمام العموم من العاشرة إلى الواحدة صباحاً، مع تنشيط موسيقي يوفر للرواد المتعة وراحة البال.

وإلى جانب أمواج «الوزيرية» ومياه الشاطئ الأحمر، هناك شواطئ أخرى لها نفس إيقاع الاستجمام وراحة البال، مثل «نيكي بيتش» و«بيتش غاردن»، لكن بشهرة أقل بين سكان مراكش وزوارها .