القصه الثالثه ( 3 )
الســاعة تشيــر للعــاشــرة مســاء هذا موعد دخولي لصالة قدوم الركــاب في العادة لا نرد أحداً إينما كان وكيفما كان مشـواره الأهم أن يكون فيما بيننــا تراضي وإتفــاق في السعر مسبقاً , حتى لو مجاناً وأنا راضي لا يمنــع , حيــن تخرج من صالة القدوم تجد أمامك شارعين الأول للخدمات حفظ الله الجميــع ( سيــارات أســعاف سيارات إطفاء ) ثم رصيـف بعرض متريـن ثم شـارع تقف على طوله سيارات الأجــرة كنت في الربع الأخير من ذلك المســار بمعنــى أن موعد ركوب أحد الزبائن معي بات قريباً جداً يتميز مطار الملك عبد العزيز أنك ترى القادميــن عبر الزجـاج كانو كثر الذين يريدون مكــة ويتضح هذا من لبسهم للإحرام , بعد خروجك من الباب لو نظرت تجاه اليســار ستجد في نهايته فندق إسمه كروان أو كراون المطــار لا أفتكر الإسم تحديداً يمين الفندق هناك ما يشبه القبو تدخل منه لتخرج على المكتب التنفيذي لكبار الشخصيــات , ومواقف للمكتب التنفيذي .
على حيـن غفلةٍ مني إذا بصــوت أنثــوي رقيق جداً يسألني ( أيــن أجد البوابة رقم 7 ) كنت حينها منشغل جداً بمراقبة الخارجين من الصالة رديت ونظري نحو الزجاج الكاشف عن القادميـن ومتى سوف يخرجون , البوابة رقم سبعة مش موجودة هنـا , ثم قالت بلطف وبنبرة تشير لحاجتها الماسة والملحـة لإن أعطيها بعض الإهتمام , طيب أخدمنــي يخوي , نظرت نحوهــا وإذا بها فتاة في الثلاثينات تقريباً من عمرها تسألني أن أجد لها البوابة رقم سبعــة لقد مرت على صف التكاسي من خلفي وتركتهم كلهم وتوجهت نحوي مبـاشرة , لا أعرف لماذا الذي أعرفه يقيناً أنه ربما قدر أراد منـي أن أكتب هذه الكلمــات , طلبتها أن تعطيني العنوان بالتحديد قالت والله يخوي أنا معرف شي ( لكنتها تشير إلى أنها من نجد ) توي طالعة من التنفيذي وواصله توي من الرياض وراجعه للرياض بعد ساعـــة والي يعافيك تســاعدني , طلبتها العنوان مرةً أخرى حتى اسأل المرحلين فهم خبراء بالعناوين قال أحدهم إن البوابــة رقم سبعــة ربما تكون في الصالة الشماليــة وذلك وفق بيانات الفتاة فهي تبحث عن شخص قادم من مصر عبر الخطوط المصــريـــة وهذا يشير وبقوة إلى أن الهدف سوف يهبط أو هبط في الصالة الخاصــة بالخطوط الأجنبيــــة , قالت بلطف شديد توصلني لهنـاك , قلت نعم تفضـلي ركبت خلفي مبـاشــرة , المشوار تلكلفته 70 ريال وفي الطريق وضعت مائة ريال على المقعد بجواري وقالت بكذا حيبقالك عندي 40 ريال لإنك حترجعنـي , أتجهت للصالة الشمــالية أجرت إتصالاتها , وإذا الموقع خطأ , أخذت الهاتف منها وتحدثت مع الرجل وقال أنه في صالة كبيرة وأن هنــاك إجراءات مشددة وأنه محرم عرفت تماماً أنه يقصد صالة الحجاج , أخبرتها أنه في صالة الحجاج إنطلقنا ثم أنتظرت أنتظرت ولا يبدو أن هنــاك أمل في خروج الرجل .
أثنـاء الإنتظــار قلت لها رحلة العودة بعد نصف ساعة أو أقل ربما تفوتك الرحلة الحجوزات صعبــة جداً , إذا سمحتي ماذا تريدين من الرجل ؟ , قالت أكسسوارات أرسلت لي مع هذا الرجل من مصـر وأنا بحاجتها للمسلسل , تحاول هنا أن تلفت إنتباهي إلى أنها ممثلة , لم القي بالي لرموزها سألتها أن أرجعها للمطـار ثم أقابل أنا الرجل وأخذ الأغراض وأرسلها بالبريد أو مع أي مســافر للريــاض ضحكت , قالت لا بكرة الصبح عندي إجتماع عمـل مع المنتج , طيب أبقولك ترى ساعة الإنتظـار 70 ريال والحين فات أكثر من نصف ساعة قالت لا تهتم في المبلغ , الحقيقة لم أرتــاح , أثناء الإنتظــار قالت أنت بــاين ما عرفتنــي , للأسف لا , ذكرت أسمها فقلت عسى ما تكونين تطلعيــن في لاين سبـورت في إشـارة لعدم معرفتي بالمسلسلات جملة وتفصيــل بل لا أعرف قنــاة أسمها الخليجيـــة ولا أتــابع مسلسل أسمه هواميــر الصحراء أبداً , وأنني بحاجة لإنهاء هذا الوضع بشكل عاجل , أخذت تجري محادثة عبر الهاتف مع شخصية يبدو لي أنها مهمـــة في المسلسل وتطلبه تأجيل إجتماع الغد وأن رحلتها غادرت هذا بعد مضي أكثر من ساعة على وقوفنا في إنتظار الإكسسوارات .
بعد ساعة ونصف الساعة خرج الرجل ومعه علبة قدمها للسيدة ثم طلبتني أن أنطلق نحو منطقة لإول مرة بحيـاتي أسمع بها مما أضطرني لسؤال سائقي التاكسي و المرحلين لا أحد منهم يعرف الموقع , أخذت جوالها وكلمت المرأة التي تطلبها الحضور وصفت بشكل دقيق وإذا به موقع في منطقـة خالية وبعيدة عن جدة تقريباً مائة كيلو , الليل الظلام وأنا سائق التاكسي وممثلة مرموقة , الشيطـان هنــا يلعب دور رهيب , سرت الهواجيس في عروقـــي وأخذت أضرب الإحتمالات التي ربما ترد , وفي الطريــق قالت لازم تتابع المسلسل يتحدث عن كذا وكذا وقصته كذا وكذا , بالي منشغـــل فيما سوف تأول إليه الأمــور , في هذه الأثنـاء لم أعرفها فعلاً ولست متيقناً أنها فعلاً ممثلة أو نحوه وليس همي كان همي وبكل صراحــة الحسـاب الذي أراه زاد بشكل كبيــر عليها قلت لها على حقيقة ما في صدري وأني أرغب في تنفس الصعداء الحساب كذا وكذا ردت بنفس رتم الرد الأول لا تهتم في موضوع الحســاب , حتى تصفى الأذهــان من كل هاجس أوضح أن تاكسي المطـار يدخل الصالة ومن ثم يخرج وهناك صورة لرقم اللوحــة بالوقت الذي دخلت فيه سيارة التاكسي للصالة فإذا ما فقد أحد أمراً ما ولم يميز سائق التاكسي كل ما عليه فقط أن يعطي تقديراً الوقت الذي ركب فيه للتــاكسي , بكل سهولة سوف يحضرون سائق التــاكسي هذا من جانب الجانب الأخر أنني رجل لا أميــل كثيراً للحرام فالقانون لا يجتمع زنــا مع غنى أبداً .
كأن الفتاة أرتاحت لي بشكل رهيب وأخذت تخرج وتفرج عن همها المحبوس في صدرها أخذت تتحدث وتتحدث وتقول وتقول حتى سقطت دموعها من عينيها هدأتها وعلمت أنها في تعاسـة غير عاديـــة , مازحتها وقلت أن الممثليــن وفق الدراسات العلميـــة يرتاحون حين يتقمصون شخصيات الأخرين وهذا نوع من الهستيريا قالت والله صحيح قلت لها المال الحسب النسب الشهرة كلها لا تقود للسعادة قالت نعم صحيح والله صحيح بل هي وبــال على رأسي أخذت تدعي على نفسها أن لو خلقت بصفة غير ما هي عليه أو أن تكون شخصيــة غير ما هي عليه , في نفسي قلت سبحان الله . قلت لها هل أمعنتي يوماً في سورة يوسف الحقيقة أنني بارع في توصيف سورة يوسف , سألت سؤال غريب قالت لماذا بكى يعقوب عليه السـلام وسخط على فراق إبنه , هذا الموضوع حيرني ترى , تقولها بعفوية وإستغراب , قلت لها يوسف عليه السـلام سأل والدة ذات السؤال وقال له لماذا يا والدي بكيت وحزنت حتى أبيضت عيناك من الحزن وكنت تعلم أن لو لم نلتقي في الدنيــا سنلتقي في الأخرة قال يا ولدي لقد كنت أبكي حزناً أن تخرج عن ملة أباك فلا أراك , بمعنى أن تحيد عن النهج الصواب فلا نلتقي , تبسمت وطلبت أن أفيض عليها من سورة يوسف عليه السلام أسهبت حقيقة إسهاب شديد وكانت كلماتي مرتبة ومؤثرة لدرجـة أنها أخذت تبكي من جديد , وكان مما قلت أن زليخـة تلك المرآة التي عشقت يوسف يقال ( إسرائليات ) أنها تابت توبة عظيمــة وأن الله تعالى أعاد لها شبابها وجمالها وحسنها ورونقها وأنها حين تزوجت يوسف عليه الســلام لم تعد تكترث لإمر يوسف وخذت تعتكف كثيراً وحين سُألت لماذا ؟ قالت وجدت من أعشقه وأحبه أكثر من يوسف إنه رب يوسف .
لقد عاش يوسف عليه الســلام في مملكة تسمى الهكسوس من الأشياء التي يجب أن تقف عندها أن يوسف عاش في مصــر وأن موسى عليه الســلام عاش في مصر كذلك , كل الآيــات التي تتحدث عن موسى عليه الســلام تقـول بتنظيم سياسي ومسميات وظيفية تختلف عن النظام السياسي والمسميات الوظيفية لمن عاش في عهد يوسف عليه الســلام وبعد تدقيق وجد أن موسى عليه الســلام عاش في حضارة الفراعنة إذا كلمة فرعون لقب لحاكم مصر أبان عهد موسى عليه الســلام بينما في قصة يوسف لا تجد هذه المسميــات بل تجد العزيز الملك , الهكسوس أحتلو مصــر وبقو فيها قرابة المائة عام هذه الحقبة هي التي عاش فيها يوسف عليه الســلام , تم بيعه بثمن بخس من قبل أخوته للإسماعليين بدو رحل قامو بدورهم ببيعه على بتوفار عزيز مصــر أو نقدر نقـول رئيس مجلس الوزراء في مصر حينها أو نائب الملك وكانت القصـة التي يعرفها الجميــع الشاهد من قصـة يوسف
تم بيعــه كعبد بثمن بخس لبدو رحل قامو بدورهم ببيعه لعزيز مصـر الذي أحبه فأكرم مثواه , والده فقده فحزن عليه حزناً شديداً دخل عليه السلام السجن سنين لمكيدة حدثت من قبل النساء زليخـة أو راعيـل بعد سنين من الهم والغم والكمد تزوجت بمن أحبته , أخوة يوسف عليــه الســلام كلهم في نهاية المطــاف تحولت حياتهم لمسرات وأفراح فمصر أصبحت أغنى وأقوى دولة حينها يعقوب ألتقى أبناءه ورأى بعينيه العظمة التي وصل إليها أحب الأبناء لديه يوسف عليه السلام أصبح نائب ملك مصــر ( وللعلم يقال أن الهكسوس دولة عاشت مائة عام وأنها أنتهت موحدة لله تعالى ) , وهذا قانون في الحيــاة فالســعادة تلد من رحم الآلم .
وصلنا لوجهتنا نزلت مع صديقتها تم أخذي لصالة كبيرة قُدم لي القهوة والتمر والشاهي ونحوه أقترب موعد صلاة الفجر أذنت وأقمت الصلاة وصليت وإذا بعمالة تقترب مني وتصلي معي , أنتهينا خرجت زبونتي ثم توجهنا للمطــار من جديد وفي الطريق قالت تراك أثرت فيني بقصـة يوسف عليه الســلام , راح أقولك شي مهم أنا والله ماني حابه حالتي وعندي رغبة في تغيير مسار حياتي , فحياتنا تقع في حدود دون الدنيـا وآلمنــا لا نخرجه لإحد مهما كانا وكيفما كــان تحركاتنا محسوبة علينا , أوصلتها للمكتب التنفيذي ثم غادرت .
اليوم الثاني أتصلت على جوالي تسأل عنـي وعن أحوالي , وطلبتني طلب غريب جداً وهو أن أوصل بعضاً من البنادول لصديقتها التي بالأمـس استغربت لإن لصديقتها خدم وحشـم توجهت بالبنادول , قابلتني وأعطتني ضعف المبلغ الذي أخذته البارحــة تعجبت ولكني فيما بعد أدركت أن هدفها مكافئتي بشكل سخي جداً , حمدت الله تعالى على ما من به علي من فضـل وخيــر .
وضعت التاكسي في المطـار وركبت سيارتي الأخرى وتوجهت لمنزلي لإستعد ليوم أخر وقصـة أخرى