عرض مشاركة واحدة
 الصورة الرمزية Tourist
Tourist

المشاركات: 2,640
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: دولة الكويت
العمر: 41
Tourist غير متواجد حالياً  
قديم 2012-06-26, 01:02 PM
 
تقرير مصور : الاضرحة بالمغرب ... خرافة و شعوذة و سحر !!!



يلجأ كثير من المغاربة إلى أضرحة الأولياء والتقرب إليها بهدف حل مشاكلهم الاجتماعية والنفسية والجنسية, ويعتقد البعض أن كل ضريح يسهم في حل نوع معين من المشكلات والصعوبات التي تواجههم.

ومن أبرز هذه الأضرحة التي يبلغ عددها نحو 50, ضريح "سيدي ميمون" بالمنطقة الشرقية من المغرب الذي يشتهر بين عامة الناس بكون المرأة العاقر التي تلجأ إليه تلد بعد وقت قصير وتعود إليها خصوبتها المفقودة, وضريح "سيدي يحيى بن يونس" الذي "يزوج" العوانس.

ويحكي الدكتور عبد المجيد كمي الاختصاصي النفسي أن صديقا له مكانته التعليمية المعتبرة، لم تكن زوجته تلد رغم مرور سنوات عديدة على زواجهما وعرض حالتهما على عشرات الأطباء والمختصين لكن بدون جدوى إلى أن لجأ إلى ذلك الضريح، فلم تمر سوى أسابيع قليلة وحملت زوجته، فسميا مولودهما الأول "ميمون" نسبة وتيمنا بصاحب الضريح.


أضرحة مختصة .. حتى بالحمل !

ويُعرف ضريح "سيدي يحيى بنيونس" شرق البلاد بكونه يزوج العوانس، وضريح سيدي عبد الرحمن "مول المجمر" في نواحي الدار البيضاء وهو مشهور بأنه يعالج "العكس" عند النساء خاصة اللواتي يعانين من مشاكل شخصية أو أسرية، ويبطل مفعول السحر من خلال التبخر عنده ببخار الرصاص المذاب، وضريح "لالة يطو" الذي تفد إليه كل زوجة راغبة في أن تجعل زوجها يحترق شوقا إليها ويعود إليها صاغرا مطيعا.

وهناك ضريح أكثر شهرة هو ضريح "بوشعيب الرداد" بنواحي مدينة آزمور المغربية، المعروف وسط مرتاديه وزواره بكونه ملاذ النساء المشتكيات الباكيات من حظهن العاثر، فتمشي إليه المرأة العاقر للتبرك، حيث تفتح حزامها داخل الضريح وتتركه هناك ليبيت ليلة بغية نيل بركة ولي الله بوشعيب الرداد، التي تجعلها ـ حسب اعتقادها ـ ذات رحم خصبة، ومنهن من تلجأ إلى هذا الضريح للحفاظ على زوج متمرد أو يسعى للزواج بثانية.

ومن الأضرحة المشهورة أيضا بالمغرب ضريح "لالة عيشة البحرية" بضواحي آزمور وهو "مختص" في طرد شبح العنوسة عن الفتيات اللائي فاتهن قطار الزواج، وتقوم العانس داخل الضريح بمزج الحناء بماء الورد وبلوازم أخرى وتخط بيدها اسم زوجها الموعود على جدار الضريح بجانب كثير من الأسماء الأخرى ما يدل على توافد العديد من العوانس على نفس الضريح ومن أجل الغاية ذاتها.

دراما نفسية

ويفسر الدكتور عبد المجيد كمي أن العانس حين تلجأ للضريح تذهب إليه بثقة عمياء، وبانقياد تام وهو ما يسميه المغاربة "التسليم" أو "النية"، ويسميه أهل الاختصاص العلاج بالإيحاء، والثقة هنا لها دور في التخفيف عن الضغط النفسي على هذه العانس أو أي زائر للضريح من أجل غاية أخرى.

والمصابون بالنوبات الهستيرية ـ يردف الخبير النفسي ـ يستجيبون أيضا لخاصية الإيحاء وتفيدهم زيارة الأضرحة حيث يعتبر مكانا مناسبا لتفريغ شحناتهم النفسية الشديدة، فالمرأة التي تتخبط وتسقط بعنف على قبر الولي بالضريح أو في أرجائه والناس يحيطون بها ورواد الضريح يهتمون بها.

ويضيف أن هذه الظروف التي تحف بمثل هذه الزائرة المريضة تخف من حدة مشكلتها، فضلا عن ما يمكن تسميته "الدراما النفسية"، حيث يجد زائر الضريح لغرض معين عينات بشرية ترنو لنفس الهدف أو أشخاص آخرين لها حوائج أخرى فيتحاكون مما يفضي إلى متنفس للعلاج، غير أن هذا لا يعني أن ارتياد الأضرحة كله إيجابيات بل إن سلبياته وعواقبه أعقد مما يمكن تصوره"..

خيارات غير محسومة

ويعتبر الأخصائي الاجتماعي الدكتور عمر حمداش أن الأضرحة بالمغرب تعتبر مؤسسة اجتماعية قائمة الذات عبرت عن حكمة جماعية في تدبير العلاقات والأوضاع الاجتماعية العادية و في التعامل مع الأحوال الخاصة من أزمات وتوترات، وهو ما ينبغي إيلاؤه التقدير عوض ذلك الموقف الانطباعي العام المستصغر لشأنها.

ويعزو حمداش سبب الإقبال على الأضرحة من المغاربة إلى كون الخيارات العامة للناس غير محسومة بعد، فهي "خيارات تكون متوجهة حينا بقيم العلم والعصر الحديث ومتوجهة حينا آخر بقيم الإرث التراثي والثقافي المحلي أو الديني العام، ويمكن أن تكون بعض حالات الفشل أو تعثر مسارات التعامل مع ماهو جديد وحديث مناسبة لتجريب أو استعادة أو استعادة المنظومة الثقافية التقليدية برمتها بما في ذلك اللجوء إلى الأضرحة وممارسة ما يرتبط بها من طقوس ومسلكيات، ويصير وضع الزيارة والضريح في مثل هذه الحالات المرتبكة محققا لمكاسب رمزية واجتماعية هامة.

التفسير السياسي

وتفشي الأضرحة في قرى المغرب ومدنه، ومكانتها الدينية والاجتماعية والثقافية والنفسية تعود إلى عوامل أخرى كثيرة معقدة، يذكر منها الصحفي الباحث مصطفى حيران أن "مغاربة القاع الاجتماعي والاقتصادي، كانوا دائما في حاجة إلى ذلك التفسير الخارق لبعض الظواهر التي استعصت على أذهانهم، من قبيل وجود شخصيات دينية، عبر الأجيال السالفة أتت أشياء " خارقة " كزهد في الدنيا والناس ( لسبب من الأسباب ) أو " كرامات " من قبيل " علاج " الناس...إلخ، وبطبيعة الحال فإن مستوى الوعي المتدني للناس، فضلا عن وجود مصلحة معينة في استمرار الظاهرة، يُفسِّر استمرارها باعتبارها تنتمي لزمن طفولة الوعي البشري.

ويعطي الباحث المغربي تفسيرات سياسية لظاهرة إقبال المغاربة على الأضرحة طلبا للعلاج وقضاء الحاجات، ويقول إن أي مركز حكم في كل المجتمعات، يسعى إلى استثمار بعض عناصر المحافظة الاجتماعية والدينية والثقافية المتأصلة أو المكتسبة لدى المحكومين، غير أن مكونات المحافظة تختلف من مجتمع لآخر، وبالنسبة للمغرب فإنها تتخذ أشكالا غاية في الخرافة والشعوذة، مثل الأضرحة والمواسم وما يُحيط بها من طقوس وثنية جديرة بمتحف التاريخ، وسعي صلب الحكم – أي المخزن – إلى استثمار هذا التخلف الديني والثقافي، يؤكد أن استمرار شكل حكمه التقليدي رهين – في جزء كبير منه – ببقاء مثل هذه المظاهر المتخلفة.

الآثار الاجتماعية

والإقبال على هذه الأضرحة والإدمان على زيارتها ووضع الثقة النفسية والاجتماعية فيها لحل مشكل ما أو علاج مرض معين تؤشر على وجود مواقف ومشاعر وسلوكات دالة على تلك الحظوة التي مايزال الضريح يحتلها في وجدان ورؤى المغاربة.

ولا أدل على ذلك، يشرح الدكتور عمر حمداش، من اقتران بعض الأيام الأسبوعية والمناسبات الاجتماعية أو بعض الاحتياجات العائلية والشخصية بمثل هذه الزيارات المتواترة عند عدد لا يستهان به من المغاربة وخاصة النساء منهم بأجيالهم المختلفة، ويمكن أن تكون فترات مثل الصيف مناسبة لإنعاش ملموس وواضح لمثل هذه الحالات.

ويضيف الخبير الاجتماعي أن الإدمان على زيارة الأضرحة قد يكون مكلفا في ما يتعلق بالانعكاسات الاجتماعية السالبة المحتملة لعلاقات الزوج بزوجته أو علاقات الجيران ببعضهم، أو ما يمكن أن يصادف المرء أثناء الزيارة من متاعب صحية أو بدنية قد لا تجد الصدى والتفهم المطلوب على صعيد الأسرة بالأساس في ظل اتخاذ موقف رافض أحيانا من الرجال لزيارات تعتبر مشبوهة تقوم بها النساء، مما يجعل التوتر يجد أرضا خصبة له عبر الزيارة والتبرك بالضريح بعد أن كان الضريح مناسبة فيما سبق لتخفيض التوترات ومعالجة الأزمات وتسوية الخلافات والبحث عن حلول.

ضرب وتنكيل

من جانبه، يطرح الأخصائي النفسي عبد المجيد كمي مشكلة خة تحدث في بعض الأضرحة بالمغرب من قبيل ما يحدث مثلا في ضريح "بويا عمر" بنواحي مراكش، حيث يقوم بعض القيمين على الضريح المذكور باستغلال البسطاء بل وضرب المرضى النفسيين والمصابين ببعض الأمراض العصبية الذين يزورون الضريح باعتباره مكانا مشهورا في المغرب بمداواة هذه العينة من المصابين.

ويردف كمي أنهم أحيانا يتعرضون للتجويع والتخويف والتنكيل بدعوى أن ذلك سيفيدهم في العلاج، وتزداد حالتهم سوءا من قلة الأكل بل من التخدير أحيانا، ويجمع المرضى 10 إلى 15 فردا في حجرة واحدة في ظروف لا إنسانية، وهذا يحمل معه خطورة حيث لا يأتينا مثل هؤلاء المرضى إلا بعد استشراء المرض النفسي فيهم مما يؤخر العلاج الحقيقي والفعال"..

رضا رسمي

أما الموقف الرسمي من الأضرحة وما يجري فيها فهو موقف مشجع، حيث يقول عبد العزيز سميح مسؤول وقيم عن ضريح معروف تؤمه النساء العاقرات طلبا للعلاج وللخصوبة: إن الضريح بالمغرب يؤدي دوره الاجتماعي والروحاني، والدولة تشجع الأضرحة التي يبلغ عددها زهاء 50 ضريحا بالمغرب، ولا تضع أية عراقيل على الذهاب إليها والتبرك بها لأن الضريح قد يلعب دور المستشفى ودور الطبيب المعالج، وإلا إذا لم تكن هناك أضرحة لطالب مرتادوها وزوارها ببناء مستشفيات ومستوصفات وتطوير البنية الصحية في المغرب.

وقد يتعذر هذا على الدولة أحيانا، لهذا تجد أن هناك رضا رسميا حول دور الضريح واستيعابه لكثير من المشاكل الفردية والأسرية، عدا احتوائه لبعض المطالب الاجتماعية المتنامية.

جدير بالذكر أن الأضرحة بالمغرب تعتبر مثل المساجد والزوايا والمدارس العتيقة فضاءات ومؤسسات تابعة للدولة، تخضع لوصاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وللتنظيم الداخلي لهيكلها ومصالحها، حيث تسهر مثلا مصلحة تسيير الأملاك الوقفية بالوزارة بمراقبة جميع الأضرحة الموجودة بالمغرب، وتهتم مصلحة الأعمال الاجتماعية بشؤونها وبالمواسيم والتظاهرات الدينية التي تقام في فضاءات هذه الأضرحة
على بعد عشر كيلومترات جنوب مدينة الجديدة تقع جماعة مولاي عبد الله التي حملت اسم وليها الشهير وتعرف سنويا نزوح آلاف المغاربة من كل الجهات، ليكون اكبر موسم على الصعيد الوطني على خلفية عدد زواره الذي يفوق مليونين وخيامه التي تحول فضائه إلى ما يشبه مدينة خيام. والزائر لابد وان يقف مشدوها أمام مظاهره المميزة للحياة بدكالة والتي لها من الإثارة ما يجعلها عامل جدب وإعجاب حقيقيين تخلق لديه شعورا بجمالية الحياة المغربية.

وجرت العادة أن يقوم الفلاحون ببيع منتجاتهم والعمل على تهيئ جيادهم وترويضها استعدادا لـ"الحركة" بضم الراء وجمع الخيمة ولوازمها إلى حيث مكان الموسم، ثم يحضر حفظان الضريح للاعتناء به بطلاء جدرانه وضمان الماء فيه وغسل أثاثه والحفاظ على نظافته فتبدأ الطقوس والعادات المتوارثة بتقديم كسوة الضريح والذبيحة في موكب رسمي على أنغام فرق عيساوة كما تقوم "السربات" بزيارة الضريح للتبرك و طلب "التسليم" درءا لحدوث مكروه.

والوافد على هده المنطقة قد لا يعلم أن سيدي عبد الرحمان المجدوب الشخصية المغربية الشهيرة وصاحب أشهر الرباعيات الزجلية قد ولد بها في احد أيام رمضان للعام الهجري 909 قبل أن يرحل للاستقرار بمكناسة الزيتونة ولأسباب مجهولة لم يوضحها كتاب المناقب الذين تحدثوا عن هذا الوالي الصالح فقد رحل عنها رفقة والده إلي مكناسة الزيتونة واستقر بها.

وتقول إحدى مصادر عبد العظيم الزموري وهي معلومات يطغى عليها الطابع الأسطوري أن رجلا من المدينة المنورة اسمه إسماعيل أمغار تماثلت له رؤيا في نومه تأمره بالرحيل إلي المغرب لينفع الناس ببركاته. فاصطحب معه اخوين له يعقوب وأبي زكرياء إلي حيث قادهم نور سماوي إلى منطقة تيط (منطقة جماعة مولاي عبد الله) حيث استقبله السكان من صنهاجة ودكالة استقبالا حسنا.

ولم يلبث أن حظي بالإجلال والتقدير من قبل السكان الصنهاجيين فزوجه زعيمهم بابنته التي رزق منها بإسحاق الذي كان على خلق أبيه زاهدا متعبدا.

ويذكر صاحب كتاب جواهر الكمال في تراجم الرجال أن نسب مولاي عبد الله يعود إلى الحسين بن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ومن الكرامات التي تحكى عنه يقول صاحب كتاب التشوف إلى أصل التصوف انه كان يوتر الصلات في جزيرة صغيرة وسط البحر لم يعد لها اثر اليوم.

وكان يخلع نعليه ويخطو باتجاه البحر سائرا حافي القدمين على سطح الماء دون أن تبتل قدماه أو يغرق حتى يبلغ أطراف الجزيرة صحبة أتباعه ومريديه يراقبون مشدوهين فاغري ألفاه.

والخلاصة أن تيط رباط كبير أسسته أسرة شريفة رابطت بالمنطقة في منتصف القرن الثاني عشر ميلادية، وعندما نزل البرتغاليون سنة1513 م بمدينة ازمور أعلن سكان تيط خضوعهم والتزموا لهم بأداء إتاوة سنوية لكن السلطان الوطاسي محمد نظم حملة عسكرية ضد البرتغاليين.

واستولى على تيط وقتل جابي الملك البرتغالي ورحل سكان المدينة إلى ضواحي فاس ثم أمر بتخريب الأسوار حتى لا يستعمل البرتغاليون هذا الحصن سنة1514م.

ويذكر الكانوني انه قد دفن بتيط من الامغاريين الشيخ أبو الفداء إسماعيل والشيخ أبو عبد الله أمغار وفي هده الفترة بذات مدينة تيط تفقد تدريجيا أهميتها الاقتصادية والإستراتيجية لتتحول إلى قرية صغيرة وسط أطلال الرباط القديمة.

وعلى بعد اثني عشر كيلومترا من الجديدة إلى اسفي عبر الطريق الساحلية تمتد بقايا أسوار وأبواب وأبراج منيعة يذكر التاريخ أنها تعود لأسباب دفاعية ضد الغارات المسيحية وهى آثار قاومت قوة الطبيعة ولازالت اليوم تشهد على أمجاد تاريخ المنطقة العريق وتنفتح الأسوار على أبواب مختلفة الشكل.

وفي مكان قريب من البحر تنتصب صومعة على زاوية مولاي عبد الله، ويذكر التاريخ ايضا أن لتيط مكانة ضمن كبريات المدن المغربية وهي مثال فريد في العمران.

وأقوى دليل على القوة التي تمتعت بها عائلة المغاريين خلال القرن الثاني عشر الميلادي هو أقدس رباط بحري في بلاد المغرب، أما تسمية المدينة باسم تيط.

وللفظ في الأصل بربري يقابله في اللغة العربية العين وحسب المصادر الإسلامية فان المنطقة كانت تسمى بالبربرية تيطنفطر أي عين الفطر بينما تقول بعض الروايات الشفوية أن هده التسمية جاءت بناء على كون سكان المنطقة كانوا يفطرون بالماء بعد الصيام قبل تناول الفطور.

وفي أيام الموسم يفد إلى جماعة مولاي عبد الله آلاف الزوار لتشكل امتدادا بشريا هائلا هو أقرب لنزوح شبه جماعي يتكرر في هذه الفترة من كل سنة.

وتصطف عربات محملة بالخيام ولوازم الاصطياف على جنبات الطريق على امتداد الشاطئ وتنتشر آلاف من الخيام على طول سور المدينة العتيقة إلى حدود دور السكان الواقعة بجانب الضريح أو خلفه.

وتصبح كل المهن والحرف مشروعة المنظمة والغير منظمة والمنفلتة عنوة من لجان المراقبة وشروط الصحة والجودة، تتناسل السلع مثل الفطر من كرموس، طايب اوهاري، الحرشة والمسمن والبوكاديوس، سردين مشوي، ومالذ وطاب من أنواع الطاجين، وينام الناس كيفما اتفق ويأكلون ويزدحمون كما اتفق ويرمون نفاياتهم مخلفين جبال من والقاذورات تتحول فيما بعد الى مختبر لمختلف الحشرات الزاحفة والطائرة.

وتعرف زيارة الوالي الصالح إقبالا منقطع النظير وما أن يتقدم الزائر نحو الضريح حتى تطالعه لوازم الزيارة المعروضة علي طول الممر الذي يقود إلى الضريح شموع وبخور وتمائم وحلي ومجامر.

وفي الجانب الأخر نساء ينقشن الأيادي والأرجل بالحناء، في الداخل ثابوث يقوم الباحثين عن البركة بتقديم الشموع وبدورة حول الضريح ثم الخروج من الباب الخلفي، دخول وخروج لا ينقطع، وهناك نساء يمكثن طويلا بجانب الثابوث يتلو ن اقراحهن ورجائهن.

ولكن هل وحده الموسم والتبرك بضريح الوالي الصالح هو ما يحمل الزوار على القدوم إلى موسم مولاي عبد الله امغار؟

تبدأ الزيارة إلى "المحكن" من الساعات الأولى لصباح الجمعة الباكر في هدا المكان السحري الاستشفائي بالساحل الصخري قبالة ضريح الوالي الصالح وغير بعيد عنه حيث تنتصب خيمتان لـ" شوافتان" لاستقبال كل من أعجزتهن الحيلة في طرد "تابعة" أو نحس اونيل عريس طال انتظاره أو علاج من مرضا أوفك ضيق.

وتقتضي شروط الزيارة الخضوع لطقوس "المجمر" بالسير جيئة وذهابا فوقه تنثر الشوافة على جمره أعشاب من نوع خاص تدعى "التبخيرة" قبل أن تعمد المتبركات إلى إلقائه خلفها ليتهشم فيذهب حسب اعتقادهن الضيق أو النحس.

وتبدأ المرحة التالية باستحمامهن عاريات كما ولدتهن أمهاتهن في سبعة أمواج داخل مكان صخري سحري "المحكن" حتى أن المتلصصين في غفلة منهن يشكلون حضورا يوميا للتملي بتفاصيل أجسادهن فتبقى الأعناق مشرئبة حتى عصر اليوم موعد انتهاء الفرجة.

وهكذا يتكرر المشهد كل أيام الموسم حين تحج إليه شابات من كل فج واغلبهن من المناطق القريبة من مدينة الجديدة ومنهن الراغبات في طرد نحسهن أو عانسات أو متوجسات من تقدم العمر بهن.

وفي ركن قريب من الضريح الوالي الصالح يوجد مكان مبلط في شكل دائرة يتوسطه عمودا إسمنتيا يشبه إلى حد ما قفص المتهمين داخل المحاكم يقصده المتخاصمون المتنازعون ليدفعوا بالمشتبه به إلى وضع يده اليمنى على فوق العمود الأسمنتي فيبدأ بإلقاء اليمين ويقول بحق الوالي الصالح انه كذا وكذا فيفض النزاع بالوصول إلى حل يرضي الأطراف المتنازعة.

وفي مكان آخر شرق ضريح الوالي يوجد المشور على بعد أمتار من جانب المقبرة وهو عبارة عن بيت عاري لا تتعدى مساحته عشر أمتار او ينيف وبدون باب جدرانه مسبوغة بطلاء الجير اغلب زواره من النساء القرويات يقصدنه بغرض الشكوى وكلهن أمل في ان ينصفن من غبن او ظلم.

فهده امرأة في عقدها الرابع تستعطف وتتوسل بسبب إهمال الزوج لها على حين غرة تحولت حياتها معه إلى جحيم لا يطاق ولم تفهم أسبابه إلي أن نزل عليها - خبر ارتباط زوجها بأخرى – كالصاعقة وسعت بكل ما أوتيت من جهد إلى تفريقهما دون جدوى ولم يبقى لها من حل سوى اللجوء إلى المشور لعلها تفلح حيث أعجزتها الحيلة في نيل حقها المسلوب.

نزعت دثار رأسها ثم شرعت في مسح أرضية المشور به وهي تمطر التي انتزعت زوجها منها بوابل من الأدعية والمصائب.

وبين الفينة والأخرى تفد النسوة على المشور بعد أن يزرن ضريح مولاي عبد اله أمغار وضريح سيدي جعفر وسيدي الفزاري وهن محملات بالدجاج والشموع كهدايا في انتظار تحقيق المطلوب ويعدن بإحضار "المرفودة" إن تحقق مسعاهن.

ولا تتوقف أغراض الزائرات عند هدا الحد فقد صادفت جريدة العلم سيدة في عقدها الرابع جاءت لزيارة المشور بعد أن أعياها دفع واجب كراء الدار التي تقطنها وهي تمني النفس بالمال الذي سيفك ضيقها و يمكنها من بناء او شراء مسكن يخلصها من لعنة الكراء التي تطاردها في متم كل شهر.

وحين تذرع طول الممر المؤدي إلى الضريح الوالي الصالح ستصادف خيام العرافين والعرافات كل وطريقته الخاصة في ادعاء قدرته على قراءة طالع الأفراد.

وقد اجتمعت حولهم النساء وبعض من الشباب أيضا يجلسون القرفصاء، فها هي ثقافة الخرافة تطل برأسها من قارئات الطالع تتعارك أجساد الزوار رغبة في ضرب الفال من أصحاب "اللدون" و "الكارطا".

بعض المشعوذين يعرضون أعشابهم الصالحة لفسخ السحر حسب زعمهم مستعينين بمكبرات الأصوات لإشهار منتجاتهم انه فضاء خاص باستبلاه الناس.

وتقضي عادات الموسم أن ينصرف الناس إلى قضاء مآربهم خلال الفترة الصباحية ويتجه الزوار صوب البحر بينما يخصصون فترة بعد الظهر للتفرج على ألعاب الفانتازيا، يرتدي الفرسان ملابسهم التقليدية ويركبون جيادهم انطلاقا من خيامهم إلي ميدان الفروسية وهو ما يصطلح عليه محليا "المحرك"، عشرات الفرسان تجتمع في صف واحد "السربة" وكل سربة تمثل جماعة أو قبيلة في انتظار إشارة من قائدهم "العلام" للانطلاق وحين يصيح "أهاو أهاو" ترفع البنادق عاليا ثم يردد "الحافظ الله" كإشارة ببدأ الانطلاق للعدو والركض
__________________




The road never ends ... only our vision does




رد مع اقتباس