عرض مشاركة واحدة
رانا
موقوف
المشاركات: 3,303
تاريخ التسجيل: Sep 2012
الدولة: في هذه الحياة
رانا غير متواجد حالياً  
قديم 2012-10-31, 10:41 PM
 
ألف ليلة وليلة ...وقفات


السلام عليكم
أحببت طرح موضوع مهم جدا
سمعنا به ولكن القليل من استوعب المعاني الهادفة من هذه القصة التي اخترقت كل العصور
ولا زالت تروى
اليوم جئتكم بحاية شهرزاد وشهريار
ما أطلبه فقط هو القراءة بتمهل
وحمل ورقة وقلم
وكتابة ما استفدته
وستكتشف في النهايةالكثير من الامور تسائل عنها الكثير
وتعب في ابجاد تحليلها اغلب الناس
لن اضعها كاملة ولكن متفرقة حتى تسهل القراءة والتدوين

القصة انقلها
بقلم: كلشان البياتي

نسج الحكايات ليست عملية سهلة ولا يجيدها أي شخص مهما بلغت درجة العبقرية والذكاء عنده، وشهرزاد بغداد، ناسجة الحكايات، كانت تعاني كل ليلة من نسج الحكاية، لإرضاء شهريار ذلك العصر، ولشطب الخيانات من ذاكرته، حتى تأمن نساء بغداد من غدر رجال بغداد فيما بعد، ويعشن في سلام ومودة، بعد أن فاحت رائحة الخيانات من قصور الخلافة، وخافوا من انتشارها داخل حجرات الرعّية وغرف نومهم.. كانت الأميرة شهرزاد تنسج أحلى القصص والحكايات عن بغداد، تحكي كل ليلة حكاية لتعتق رقبة امرأة من الذبح، تنسج حكاية ولكن ليس أي حكاية، بل حكاية تسحر قلب الملك شهريار، وتسلب لبه، وتجذب عقله قبل روحه.

حكت الأميرة الفادية والمضحّية بنفسها من اجل الجيل القادم من نساء بغداد، ونساء عصرها- حكايات جميلة وعذبة عن بغداد، واختارت شخصيات مؤثرة مثل الشاطر حسن، والتاجر سندباد، وحسن البصري، وعلي بابا وحرامي بغداد الأربعين، والعصفورة ياسمين، وعلاء الدين ومصباحه السحري، والأميرة شجرة الدر، والمغني المشهور عثمان الموصلي والمطربة سمر هد، والرشيد ومغامرته مع الجواري في قصور بغداد.

حكاياتها كلها، كانت عن بغداد في عز أمجادها وازدهارها، حكت عن انتصارات بغداد وزهوها أبان المنصور، والرشيد، وخلفاء بني العباس، وحكت عن بغداد أبان عهد شهريار نفسه وكيف أن التجارة ازدهرت، والأسواق عمرت، والبنيان ارتفعت، كانت شهرزاد تقرأ نفسية شهريار قبل قص أي حكاية ونسجها، وتقرأ أن الملك يقضي وقته في إدارة شؤون المملكة، ويصرف جهده في أمور الرعيّة، وعندما يأتي إلى فراشه في الليل، يريد مثل أي رجل أن يقضي وقتا ممتعا مع زوجته وحبيبته ويكره أن يعّكر مزاجه أي شي، وكل الشؤون الخاصة بالرعيّة يتم تناولها وتداولها خارج الغرفة، ومن هذا الباب، امتنعت شهرزاد عن نسج أية حكاية محزنة ومؤثرة ممكن أن تؤثر سلبا على نفسية الملك، وتجعله يسترد وعيه ويقف على المؤامرة التي تدبرهّا له من خلف الستار، لكبح جماحه، وحمله على التخلي عن نيته السوء- بالانتقام من كل النساء وذبحهّن بعد كل ليلة طرية وشيقّة مثل الدجاج..

كانت شهرزاد تنسج حكاية في الصباح وترغب أن تقدمها للملك في الليل على كأس من الحب والهيام، لكنها كانت تغيّر الحكاية عندما يقتحم الملك عليها غرفة النوم، تنسج حكاية أخرى غير التي صاغتها في الصباح، كانت القوى تخونها، وتخشى أن يقف الملك على أصل الحكاية، ويكتشف إنها تدّبر لعبة إنقاذ بنات بغداد ونسائها من عملية غدر أكيدة يدبرها الملك خلف الكواليس في سبيل إنقاذ كرامة الرجال التي أهينت عندما شاعت خيانة الملكة بين الخدم والحشم.

وكان الملك يطمح أن يسمع حكايات جميلة عن بغداد، فهو رجل "عنيد"، ماكر، داهية كبيرة لا يسمع لأحد، ولا يتناقش مع احد، وبغداد في نظره كانت جميلة ولياليها مليحة، وبغداد منتصرة أبدا، والجيوش تحرس أسوارها أبدا، وحكايات بغداد كلها تسر، ولا يوجد في تاريخ بغداد، قصة نكبة، أو نكسة، ولا قصة حزينة واحدة تزعج الملك وتؤثر على نفسيته.

عندما كان الملك يخلد إلى النوم، بعد كل حكاية ثرية تنسجها شهرزاد من مخيلتها، كانت تشعر بتأنيب الضمير والإحساس بالعذاب، وكانت تشعر إنها تخدع الملك، وتنام ليلتها مرهقة وخائفة، ومرعوبة، فقد يأتي يوم ما، ويكتشف الملك إنها كانت تنسج الحكايات من مخيلتها، وحكاياتها كلها غير واقعية، وتفتقر إلى الحقيقة، والصدق..
يتبع ........



اتمنى القصة تعجبكم