لا زلنا ندندن على أطراف الموضوع وليس لبهُ
لنأخذ مثالاً ، ربما تكون الصورة أوضح من خلاله .
إنطلقت إشاعة قوية عن إنسان في محيط مجتمعه .
هل الإشاعة سَتـَقـُضُ مضجعهُ وتعكر صفوه ُ ؟ بالتأكيد نعم ، إذا هو في أزمة بسبب هذه الإشاعة .
هل سيلجأ إلى عمل ما تجاه هذه الإشاعة ، غالباً نعم ، إذاً هو في دائرة رد الفعل .
هل ردة الفعل تتضمن خيارات متعددة ؟ غالباً نعم ، إذا هو بحاجة إلى دراسة كافة الخيارات ، وبالتالي إدارة تنفيذها بالطريقة الصحيحة .
الإشاعات لن تتوقف إلى يوم الدين ، فبدلاً من إهدار الوقت في لعن الإشاعة وقائلها ، لماذا لا نتعلم أفضل الطرق للتعامل معها .
نسمع بشكل مستمر عن أشخاص يقال عنهم حكماء وأخرين يقال عنهم حمقى ، بسبب تعاملهم مع مواضيع ساخنة كانت بدايتها إشاعة ، والسر في ذلك أن الحكيم يتروى في المسألة ويقلبها على كافة الأوجه ، والخروج برأي مُتبصر ، وهذا رجل إكتسب فن إدارة الأزمة بالفطرة أو بالعلم ، أما الأحمق فيطلق العنان لمشاعر الغضب والعاطفة فتصرف إنتباهه عن الرأي الصواب وبالتالي يزيد الطين بِـِلة .
ولنا في رسول الله أسوة ٌحسنة
عندما إنطلقت الإشاعة عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وبلغت مسامع النبي صلى الله عليه وسلم ، كان تسلسل الحدث كا لتالي :
1 . كان النبي صلى الله عليه وسلم مع جيش المسلمين خارج المدينة حينما بلغه خبر حديث الإفك ، وإستمع الى تفاصيله .
( تداول المسألة في هذه البيئة لن يكون مفيداً على الإطلاق ، بسبب التوتر والإرهاق الناجم عن السفر والقتال ، وهو ما سينعكس سلباً على إتخاذ قرار أو توصية ما ، فآثر عليه الصلاة والسلام الإنتظار إلى حين العودة إلى المدينة )
2 . جمع النبي صلى الله عليه وسلم عدداً محدوداً من كبار الصحابة ليستشيرهم في الأمر .
( الإستشارة وسيلة ناجحة بشروط معينة ، لأن الأراء المتعددة تغلب الرأي الواحد ، وغالباً يُشكّل فريق لإدارة الأزمة)
3 . خطب النبي صلى الله عليه وسلم في الصحابة بقوله : ما بال أقوام يؤدونني في أهل بيتي ... إلخ
( إتخاذ قرار سريع لمنع تفاقم الأزمة ، وهي في هذه الحالة وقف تداول حديث الإفك بين الناس )
براعة شديدة منه صلى الله عليه وسلم في إدارة أزمة حديث الإفك .
أتمنى أن تكون المسألة أكثر وضوحاً الأن ، وإن شئتِ المزيد فلا بأس .