كان على الجنوبي أن يقوم ببعض الأعمال لهذه الجماعة،
لكي يقبلوا به على الدوام، فهو يعلم قانون العالم المتجمد، كل شخصي عليه أن يؤدي خدمة ما للجماعة،
ولهذا تطوع كغيره من الجنوبيين في خدمة كل فرد من افراد الجماعة، إنهم يتبادلون الخدمات بشكل مستمر،
لكنه لا يفعل أي شيء لنفسه وحده، كل ما لديه ملك للكل، وكل ما لدى الأخرين ملكه،
هذا امر يشعره بالراحة، والاسترخاء،
يستطيع الاسترخاء حقيقة فعمل الواحد منهم كعملهم جميعا،
مع هذه الجماعة بات أكثر قدرة على النوم
ثمة من يحرسه، وثمة من يغسل ملابسه وثمة من يهتم بطعامه
إن عمله لا يتجاوز الساعتين
فافراد القبيلة كثر، ويتناوبون، ياااااااه ما أجمل التعاون
كم هو مريح كم هو جميل، كم هو مبدع هذا التعاون
لكن،
لا توجد خصوصية هناك، لا شيء لك وحدك، لا يمكنك غلق باب بيتك ففي أية لحظة قد يحتاج أحدهم للمبيت عندك، فكوارث تلك البقعة من الأرض كثيرة، ومفاجأة،
إن الجماعة تهبه الدفيء والأمن والاستقرار بطريقة جيدة، فمعهم أصبح أكثر أمنا، إنهم كجماعة بمقدورهم مساندة بعضهم والدفاع عن بعضهم
في البقع الثلجية من العالم، كل شيء ممل، وكل شيء بارد وقارس، والحياة هناك لا تساوي شيءا بلا صديق وونيس،
إن ما يجعل الحياة وساعات اليوم تمر بسلام،
هما شيئين فقط :
1- المجموعة ( الأصدقاء والزوجة ).
2- النوم.
عليه أن ينام قدر استطاعته، لكي يتجاوز ساعات اليوم الكئيبة الباردة، وفيما عدا ذلك فإنه سيقضي باقي اليوم في العناية بأصدقائه الجدد والتحدث معهم،
الجنوبي لا يبني المستقبل، لأنه مع الانهيارات الثلجية، ومع التنقل المستمر للجماعة لا يوجد مستقبل، ولا توجد طرق راسخة للبناء،
وكما ترون، فإن الجنوبي الذي أصبح سعيدا بجماعته الجديدة، بدأ يتنقل معهم، وكان يحدث نفسه لو أنه يلتقي بفتاة أحلامه الدافئة المشرقة،
كانت في القبيلة التي بات ينتمي إليها مجموعة كبيرة من الفتيات وكلهن معجبات، وهو يميل إلى استلطافهن والتودد إليهن بشكل مستمر،
فكثيرا ما يخبرهن كم هن جميلات، وكثيرا ما يهدي إحداهن تمثالا جميلا من الثلج، فيما يرفقهن جميعا بنظرة فاحصة بين وقت واخر، لكنه يتوق إلى امر أخر،
أمر يفتقده،
إنه كالشمالي الذي يقع في حب الجنوبية لأنها تمتلك ما يفتقده، حيث تمتلك الحب والحنان الظاهر والغامر.
وهكذا فإن الجنوبي سيقع ذات يوم في حب امرأة تفيض دفئا، ونشاطا، أمرأة تحمل ما ينقصه، تحمل النار المتأججة، التي ستسري في اوصاله وتعيد إليه الدفء
كان الجنوبي حتى ذلك الحين، قد حقق مكانة كبيرة بين افراد القبيلة، وقد استطاع بحكمته وسديد رأيه أن يتبوأ مركزا طيبا لدى رئيس القبيلة فأصبح مستشاره الخاص،
وبينما هو يتنقل عبر الثلوج، عثر على فتاة قد تاهت من قبيلة ربيعية بينما كانوا يعبرون القطب، سقطت بين الثلوج، اسرع إلى نجدتها، وكانت باردة حد الموت،
حاول الجنوبيون انقاذها، وبالفعل تمكنوا من ذلك، ورحبوا بها في القبيلة،
بدأ الجنوبي يراقب هذه الضيفة القادمة من المجهول، والتي تختلف عنهم في كل شيء، وكأنها كائن مختلف، إنها نشطة، ولا تعير العواطف الكثير من الاهتمام،
تعمل صامتة، وتعمل بجدية، وتنهي الكثير من الأعمال في وقت واحد، ولا تكاد تشعر بالبرد، كما أنها لا تهتم كثيرا لعينيه الفضوليتين ولا لتوددات افراد القبيلة المستمرة،
ينظر لها الجنوبي، المستشار والقائد الجديد،
وتعتمل مشاعر الحب والاعجاب في قلبه نحوها، ولا يكاد يرى سواها، وفجأة يصبح مخلصا، فيتوقف عن ممازحة بنات القبيلة، ويخصص كل مشاعره للتفكير بفتاته الشمالية،