وفجأة وبينما هي تسير،
التفتت للخلف لترى جنوبيها ( زوجها ) وقد سقط أرضا،
اسرعت إليه وبدأت تحتضنه وتبكي،
لكنه بقي في غيبوبته،
فشعرت فجأة أي فاجعة اصبتها،
كانت طوال الوقت تؤذي صاحبها،
حملته بين ذراعيها، وضمته بشدة، وهي تبكي وترجوه أن يفيق، وتعده أنها ستتوقف في المرة التالية ولن تتركه يموت بردا،
وبينما هي على حالها، سمعته يهمهم،
ففتح عينيه وطلب منها أن تضمه أكثر،
ففعلت،
وفي اليوم التالي بات الجنوبي أفضل، وصارت صحته بخير،
لكنه لا زال منهكا،
فطلب منها الاسترخاء لبعض الوقت،
لكن الشمالية نظرت حولها فرأت أن المكان لا يشجع على البقاء،
وقالت: لما يبقى الكثير، الغابة في الجوار،
وصارت تفكر: لما كل هذا ، لماذا يتعب الجنوبي سريعا، أليس هو الرجل وعليه أن يكون اكثر نشاطا مني....
وكان الجنوبي يفكر: ما هذه المرأة القاسية، كيف لها أن تفعل بي هذا، الا تشعر بالبرد، ألا ترغب في الدفء، لماذا لا تقترب مني أثناء السفر، لماذا تصر على المشيء امامي، وغرس الغصن الناشف في الأرض،
فسألها: لماذا تغرسين غصنا ناشفا في الأرض أمامك كلما سرت.....؟؟
قالت: لكي أتأكد بأن الأرض أمامي صلبة، فلا أقع في هوة، وأتركك ورائي، لأني وجدتك متردد وخائف،....
شعر الجنوبي بالاعجاب بها اكثر، لكنه لم يعد يحبها كما السابق،
فهي في نظره شيء مختلف، هي ليست امرأة بمعنى المرأة التي كان يعرفها،
فنساء القبيلة مختلفات، إنهن دافئات، ملتصقات، فاتنات، أمهات الحب فعلا،
لكن هذه المرأة ليست سوى عقل يسير على الأرض...... إنها كرجل.......!!!!
وبينما هما مستغرقان في التفكير،
شاهدا القبيلة تقترب منهما، فشعرت الشمالية بالخوف، والضيق، إنها تخشى أن تؤثر القبيلة على زوجها، فتمنعه من السفر، او أن يعطلون الرحلة بكثرة الاسترخاء،
لكن الجنوبي ما أن رآهم حتى شعر بالفرح، شعر بالسعادة الغامرة، وكأن الحياة عادت إليه من جديد،
إنه بحاجة إليهم، فقد شعر بالوحدة والبرد القارس عندما تركهم، الشمالية التي علق عليها الأمال لم تعوضه شيءا فقط عذبته، وتركته يتألم بردا،
إنها قاسية لا تشعر به، إنها جونكر لا تكاد تتعب،
إنها مخيفة في الوحشة، فهي لا تقترب ولا تحب ولا تود،
إنها لا تفكر سوى في نفسها،
تريد العودة إلى موطنها، إلى عالمها، حتى ولو كان على حساب حياتي أنا الجنوبي المسكين،
إنها مجرد وحش كاسر يختبأ تحت هذا المظهر الأنيق،
وعندما التقى بالقبيلة حياهم، وسألهم: كيف وصلتم إلى هنا....؟؟
قالوا: لقد فكرنا في كلام الشمالية، ورأينا أن كلامها صحيح، علينا ان نتحرك، فلحقنا بكم، ...؟؟
أين هي كي نشكرها...
فكر الجنوبي في كلامهم، وقال في نفسه: نعم هي خير من يفكر، لكنها لا تكاد تشعر بالأخرين إننا على لحم بطننا منذ الأمس وأني استغرب قدرتها على مواصلة العمل بلا طعام،
ثم قال لهم: إنها تعمل هناك، إنها تصعد الجبل، لترى الطريق الذي سنسلكه غدا،
فقالت القبيلة: ياه، تلك امرأة جسورة، هنيئا لك بها،
فقال الجنوبي في نفسه ليتكم تعلمون ما أنا فيه من هم،
لكن أحد افراد القبيلة الحكماء سأله: مابلك تبدوا متعبا، ولونك ازرق، وكأنك تموت، ..
فأجابه: إني اعاني البرد القارس بحق يا جدي، إني متعب،
فقال له الحكيم: تزوج من اخرى، أنت بحاجة إلى هذا الزواج، ....
الجنوبي: نعم انا بحاجة، لكني لا ارغب في جرح مشاعرها فهي حساسة، وأقل امرا يجرحها، لست اعرف كيف اتصرف لألبي احتياجاتي بدون أن اجرحها، ليتها تفهمني ليتها تعرف احتياجاتي..
فقال الحكيم: تزوج سرا.....
لكن الجنوبي فكر كثيرا، إنه رقيق القلب، لا يحب أن يجرح احدا،
وفي نفس الوقت يحبها، ولا تهون عليه،
ولكنه يكاد يموت من برود مشاعرها،
يكاد يقتله البرود
وكان الجنوبي المحب الجميل الطيب القلب الشهم يقاوم كل الألم الذي يعتريه من شدة البرد،
ويتظاهر امام القبيلة بأنه دافء وبخير،
حتى اوهنته البرودة، وصار يتحرك بتعب شديد،
وبات مريضا،
وكانت إحدى فتيات القبيلة الطيبات الجنوبيات تعتني به
كانت ترمقه بإعجاب،
وكان يتجاهلها احتراما لزوجته،
لكنها تعود لتثير حاجته عبر كلمات طيبة،
وكان يقاوم،