الطائرة على وشك الهبوط في مطار محمد الخامس ..
الشوق يملأني من أعلى رأسي و حتى اخمص قدمي، و الحنين إلى بلاد الأمازيغ تزداد مع تسارع نبضات قلبي.
خرجت من الطائرة باتجاه بوابة العبور، اتجهت نحو منطقة الجوازات و انهيت إجراءات الدخول بعد (( لكاعة )) شديدة من موظف الجوازات، استلمت شنطتي و خرجت من أرض المطار ..
ركبت التاكسي باتجاه شقتي في منطقة المعاريف، الجو غائم و نسمات الهواء الأطلسي اللطيفة تدخل مع شباك التاكسي لتثير شجوني بلا توقف.
داهمتني رائعة فائق عبدالجليل بصوت أبو نورة
في الجو غيم
قبلِ الوَعد جيت بدقايق ..
وبعدِ الوَعد جَات بدقايق ..
وإلتِقينا .. بلهفَة العَاشِق لعاشق .. إلتِقينا
وهمِست .. لعيون بتشاوِر عَلينا .. إلتِقينا
وصلت شقتي و استقبلتني صاحبتها بكل حفاوة و ترحيب، وضعت أغراضي و خرجت مسرعاً ملهوفاً و بلا هوادة .
هنالك كأساً من (( الزيزفون الهيدروليكي )) بانتظاري ليريح أعصابي و يهدأني بعد عناء السفر .
اتجهت نحو Sky Bar في فندق Villa Blanca
مكان راقي و رواده من الطبقة المخملية، وهذا هو ما احتاجه بعد عناي و تعبي من سفري .

دخلت المكان ملهوفاً لزيزفوني و كأنه بانتظاري بعد طول غياب، اتجهت نحو البار في منتصف المكان و اتخذت موضعي و جلست .
اشرت للجرسون و أتى مسرعاً مبتسماً و كأنه يعلم ما يجول في نفسي، طلبت منه كأساً من الزيزفون المكتنز بالكرز العبق .
قلت له .. هل الزيزفون الهيدروليكي جاهزاً بانتظاري ؟
قال لي .. و ماهو الزيزفون ؟
قلت له .. لو كنت تعلم ماهو الزيزفون لأصبحت عمدة المكان و الزمان أيها الغشيم، هذا هو مشروب البرجوازيين أيها الفتى العشريني
أنغام الـ House Music تصدح على مسامعي و الزيزفون ينسلت داخل حلقي المتعطش، و كأن فؤادي بدأ يتداوى من مصاعب و مشاغل الحياة .
بجانبي كانت تجلس فتاة (( كازاوية )) و بصحبتها رجل فرنسي أنيق في أربعينات العمر، يتحادثون بالفرنسية فيما بينهم و من الواضح بأن هنالك انسجام بينهم .
لكن .. أصابتني الغيرة من هذا (( الخواجة )) و داهمتني فكرة سرقة هذه الفتاة من بين يديه و احسست بأنني رجل يعيش في العصر الحجري و يجب عليه أن (( يخطف )) ليعيش بكل رومانسية .
بمجرد ذهابه لدورة المياه، قمت بالتكشير عن انيابي و اخرجت عصاء (( الرجل الحجري )) و وضعتها على طاولتي استعداداً لخوض هذه المنافسة .
قلت لها .. سأخطفك من هذا الخواجة !
تفاجأت من كلامي و التفت نحوي بابتسامة و قالت .. يجب عليك أن تكون (( كلاس )) و تجيد الفرنسية لتخطفني .
قلت لها .. أنا لا أستطيع أن أكون (( كلاس )) و لا اتحدث الفرنسية، لكنني (( اغتسل )) بصابونة (( ديتول )) يومياً و طيب المنشأ و الخلق و اشتريت عطراً فواحاً من الانترنت بـ ٦٠ ريال و أرتدي ملابس ذات ماركة مقلدة لكنها نظيفة دائماً و أستطيع الغناء بصوت يزعج الحاضرين .
ضحكت و قالت لي .. ما دخل الصابون في الموضوع ؟
قلت لها .. لا أعلم، و لكنني احببت التحدث معاك و أتمنى لك ليلة سعيدة مع الخواجة
رجع الفرنسي و كأن شيئاً لم يحدث بيننا، استمتعت بجلستي و اكملت زيزفوني ..
قام الفرنسي بدفع الفاتورة استعداداً للمغادرة مع فتاته .. الملعون سيذهب معها و كلي حسرة على مغادرتها .
لكن و كما تعلمون بأن الأنثى كيدها عظيم .. قامت بإعطائي و رقة بحركة خفية من دون علم (( الخواجة )) و غادروا .
فتحت الورقة لأجد رقمها .. فقلت في نفسي (( هذه بركة العطر الفواح و صابون الديتول )) .
يتبع ..
التعديل الأخير تم بواسطة Khaledsfzg ; 2016-11-19 الساعة 11:45 PM