عرض مشاركة واحدة
طالب القرب
مزعوط جديد
المشاركات: 26
تاريخ التسجيل: Nov 2010
طالب القرب غير متواجد حالياً  
قديم 2010-12-07, 11:10 AM
 
( الجزء الثاني )
( كنا وقفنا في حديثنا عند الشخص الذي تفاجأت بروئيته في الطائرة )
لقد رأيته وتأكدت أنه هو ولا أحد غيره
فأنا أعرفه حق المعرفة
فهو صديق والدي ، وجارنا – أحياناً – ( عاد حلها ذي ... جارنا أحياناً )
إنه رجل ستيني ، واسع الثراء ، و كان يشغل منصباً مرموقاً في جهاز حساس ، أتاح له الكثير من النفوذ ، وكان يمثل لنا شيئاً عضيماً ، وكان والدي – رحمه الله – يحترمه بشكل مبالغ فيه ..
لهذا لم أكن أتخيل أن أقابل هذا الشخص ( الكبير في نظرنا ) في طائرة متجهه إلى كازا ( ووين ؟؟؟ في الدرجة السياحية ) ، عاد أنا استغربت .. ( ودخلت بحيص بيص .. أسلم عليه .. ما أسلم عليه .. يا ولد سلم .. أكيد الرجال شافك .. وترا شرهته كبيرة ..)
قمت : وسلمت عليه ( صبحك الله بالخير أبو علي .. ألتفت إلي بنظرة هائمة .. كأنه يدقق في وجهي .. أنزل رأسه لثانية .. ثم رفعه .. وكأنه يحاول يعمل فورمات لذاكرته .. وتوقعت في تلك اللحظة أنه يقول في سره : وش هالنشبه .. بس كنت قد اتخذت قراري بالسلام .. وبعدين ما فيه شي يدفع للخجل .. وهو الكبير .. وانا شاب سفيه ما علي شرهة – طبعاً شاب قياساً بالستيني- ))
رجعت كرسيي .. أكلت تبن .. وجات الوجبه .. ضربنا الرز – طعمه أي كلام – بست قلت في نفسي ممكن يخفف الحرقان ( ويدف البيتزا الله لا يعيد ذكرها )
بعد شوي .. إلا ذاك الشاب ياقف على راسي ويهمس لي ( ترا الشايب يبغاك تجي جنبه .. وأنا بقعد مكانك ) استغربت بس قلت لنفسي : ( قم يا ولد شف وش عنده )
جلست إلى جانبه ، وبعد التحايا والمجاملات ، أخذنا بأطراف الحديث ، و يبدو أنه كان يريد أن يفتتح حديثاً مطولاً عن المغرب !!!: (613):
قال لي : أنا إلى قبل أمس ما كان عندي نية أسافر .. بس والله تكدرت بالليل .. وحسيت بضيق .. وقلت ما يشرح الخاطر غير أربع أيام في المغرب نقزرها .. ودورت حجز ما حصلت غير سياحية .. وقلت أروح .. والظهر يبي يشكي بس أتحمل ..
سحب صاحبي الستيني تنهيدة عميقة ، والتفت إلي بسؤال مفاجيء قائلاً :
- أنت أول مرة تروح المغرب ؟
- لا والله يا عم ما هي أول مرة
- طيب ما معك ربع ؟
- لا والله ما لقيت أحد يجزم معي ، وخبرك العالم في وظايفها ودراستها ما هم مثلي فاضين ..
- أجل ورا ما نتخاوى أنا وياك يا ولدي
( قلبت الفكرة بسرعة .. لم يكن الرفض خياراً متاحاً .. ولم أكن سعيداً بهذه المفاجأة .. فأنا لدي أهداف وخطط ومشاريع لا تتناسق مع وجودي إلى جانب رجل بعمر والدي تقريباً )
- قلت : من يحصل له خوتك يا عم – كثر خيرك –
- أجل أول شرط تناديني من الآن باسمي الصريح ، ما فيه أبو فلان ولا عم و لا غيرها ..
- طيب طيب ( هكذا أجبت )
- وأنا بناديك باسمك ، وترا نبي نخلي البساط أحمدي ، وأنا أدري إنك شاب و جاي تستانس ، أما حنا راحت علينا .
طبعاً من سياق الحديث اكتشفت أن الرجل يأتي ليقضي اياماً جميلة في طنجة ، ,أنه يملك فلة – لا بأس بها – في طنجة .. وأنه يجلس أحياناً في منزل صديق له في كازا يوم أو يومين .. ثم يذهب إلى بيته في طنجة .. لكنه هذه المرة سيتجه إلى طنجة مباشرة لقصر المدة ..
خلال ساعات الرحلة دار بيني وبين الرجل حديث ممتع ، تخلص هو وأنا من كل القيود والحواجز ، وتحدث لي عن ذكرياته بكل حرية ، وبدا لي غير الرجل الذي أعرفه ( إذ ظهر بمظهر الرجل المرح المتفائل ، كان يلقي الدعابات اللطيفة ، ويحكي قصصاً عن مغامراته في المغرب ، وكيف أنه يتفاءل بهذا البلد ويعشقه )
استمر حديثنا يقاطعه أحياناً صمت وتأمل ، وقبل أن تهبط الطائرة بقليل التفت إلى قائلاً :
-ترا سواليفنا اللي من شوي ما هي للنشر
- أفا علييك ، لا توصي حريص ..
- إيه أنا أدري إنك ما توصى ، بس قلت التأكيد زين ..
- أيه معك حق ، وترا بعض الناس قربة منشقة ..
- لا والله وانت الصادق قل مثل الشق على الذن........ ما يسولف إلا باردى ما يعرف عنك ..
- الله يستر علينا ..
- أجل وترى الفله اللي في طنجة ما جبت أنا طاريها لأحد من الجماعة حتى عيالي ما يدرون عنها ..: (715):
- والله صحيح ، الكتمان زين ، ما ودك كلن يعرف مراويحك
-والله أنا ما همني .. بس تخبر العيال وأم العيال .. وأنا ها الحين كبرت .. والمشاريه ( الشرهات ) كثرت .. ونبي نستر الله لباقي الاعمار ..
- الله يستر على الجميع .. وأنت ما عليك منقود
- هما حنا متفقين إن ما فيه هرج مجاملات
- إيه نسيت ، بس وش كان المفروض أقول ؟
- قل : الله يستر عليك .. وإلا لو يدرى عن دشارتك كان علوم ..
ختم الحوار بضحكة حقيقية مني ومنه أزالت الكثير من الحواجز ...: (780):
( وبقيت بعدها أتأمل طويلاً .. يا لهذه المغرب الساحرة .. كيف تستطيع تأليف القلوب .. وجمع الناس مهما تفاوتت مراتبهم وأعمارهم وأجناسهم .. إنه تخلق فيك رابطاً مشتركاً .. ورغبة حقيقة في مشاركة الآخرين كل ما تملك من المال والعواطف والوقت !!!! )
رد مع اقتباس