عرض مشاركة واحدة
طالب القرب
مزعوط جديد
المشاركات: 26
تاريخ التسجيل: Nov 2010
طالب القرب غير متواجد حالياً  
قديم 2010-12-08, 11:26 AM
 
نكمل الحكاية ..
يقول صاحبي :
نزلت من الطائرة ..
كان شعوراً عجيباً يعانقك عندما تنزل في مطار محمد الخامس
تشعر لحضتها أن صدرك يتسع لكل شيء .. ويعتدل مزاجك .. ويواتيك إحساس بالمتعة وانشراح الصدر .. وصفاء الروح ..
لقد شعرت لحظتها بأنني استعدت روحي النقية .. مشيت في ممرات المطار كطفل مشدوه النظرة ، لم أتوقف عند كل التفاهات التي يطيل أصحاب المعرفات الوقوف عندها ( دفعت لموظف الجوازات .. ولرجل يراقب الجوازات عند درج في مكان لا أدري ما دوره .. وللرجل الذي دفع لي عربة الشنط .. ولرجل الجمارك .. دفعت بسخاء وأريحية .. لقد وجدت في نفسي رغبة عارمة في العطاء .. أو أنها محاولة للتخلص من كل الفكة بالعملة السعودية .. كنت مشدوهاً ) لكن الشيء الجيد أن كل المبلغ الذي دفعته لم يتجاوز مائة ريال بحال من الأحول .. لكنني أخذت مقابله الكثير من الابتسامات الصفراء وعبارات الترحيب الميتة على الشفاه ( لكن الجميل في الأمر لم أعبر أمام شخص وأشعر أنه يشتمني في داخله )
خرجت من التفتيش .. كنت قد نسيت صاحبي الستيني ، ولا أكتمكم فقد تمنيت في سري أن يكون هو نفسه قد نسيني .. لكنني وجدته في الصالة ينتظرني بجانب الباب وبادرني قائلاً :
- لا تشتري شريحة جوال ترى معي بدل الرقم أرقام ..
- كثر خيرك .. أنا ما أظن احتاجها
- لا وأنا عمك .. تحسب إنك بالديرة .. هنا بتحتاجها كثير ( قالها مبتسماً ولم أفهم المغزى إلا لاحقاً !!)
خرجنا من المطار .. وكان في استقبالنا مجموعة من سائقي الطاكسي .. لم يتحدث معهم صاحبي .. وفجأة ظهر من الخلف رجل حاد الملامح ( له شاربان مفتولان .. ووجه متغضن يوحي بأصوله القروية .. ويتكلم بصوت مبحوح )) رحب به العم أبو علي .. وقال لي :
- هذا صاحبنا جواد سلم عليه .. وهذا صاحبي فلان ..
تبادلنا سلاماً عادياً ، وبادر أبوعلي قائلاً :
- وين السيارة ( استغربت أنا )
- كاينه هناك (ياعمي ) وانطلق إلى الموقف بحركة رشيقة وقد تولى دفع عربة الشنط الخاصة بالعم أبو علي بعد أن وضع كل الشنط على تروللي واحدة ..
مال علي العم أبو علي برأسه وقال :
- هذا جواد .. كان عند واحد من الربع في مؤسسة مقاولات .. فني جبس وزخرفة .. بس ما أدري وشلون قبلته ونشأت بيني وبينه علاقة طيبة .. وأنا خليته يجلس هنا يراعي الفله .. ويستقبلني هنا إن جيت .. و راتبه ماشي ..
- خيار ما سويت .. و الله فعلاً متى الواحد يلقى الرجال اللي يقدر يتفاهم معه في ذي الديره ..
- وش تقصد ؟؟
- ما أقصد شي بس تخبر المغاربه فيهم ( صلافه ) شوي وأخلاقهم جافة ..
- حتى حنا يا السعوديين فينا جفاف في الأخلاق .. كل أهل الصحراء كذا .. بس ترا فيه مشكلة .. أكثر الناس ما يستطيع فهم المغاربة .. ولا يحسن الدخول معهم .. وإلا إذا عرفت لطبائعهم بتلاقي فيهم أناس رائعين .. صح فيهم الطيب والردي .. بس يبقى إن التعامل معهم سهل جداً ..
- يمكن أنت لك وضع خاص ؟؟
- قصدك إني أدفع دراهم وما إلى ذلك ؟؟
- يعني الفلوس تطيب النفوس على ما قالوا
- لا والله أنا تراي حريص .. وما أدفع إلا عندما يكون هناك حاجة لدفع المال .. ولا تظن أن كل الناس ينتظرون منك أن تدفع ليرضوا عنك .. كثيرون من الناس مستقلون مادياً ..
- طيب ليه كل الناس عندها رأي غير رأيك ؟
- طبيعي .. لأنك أنت والشباب اللي زيك تتعاملون مع طبقات دنيا .. مع الشوفيرية والسماسرة والجراسين .. وهذي الطبقة لو تعاملت معها في بلدك بتلاقي من هذا وأردى !!
أومأت رأسي بالموافقة – دون أن أكون مقتنعاً بشكل كامل – لكننا كنا قد هممنا بركوب السيارة ولم أشأ أن يسمع السائق طرفاً من حديثي فيأخذ مني موقفاً ..
ركبنا السيارة .. وانطلقنا ( والغريب أن العم أبو علي فرض علي جدوله الخاص ولم يستشرني إن كنت أود الذهاب إلى طنجه أو كازا ، لكن لم يكن ثم خيار ، وسرحت بصري أتأمل في المناظر حولي .. و بروح الفلاح الأصلي .. اندهشت من طبيعة الأرض وطينتها الحمراء الواعدة .. فأحببتها من أول نظرة .. )
لقد وقعت أسير الأرض نفسها .. حتى وأنا لم أقابل الناس بعد .. مضى الطريق في أحاديث متفرقه مع العم أبو علي .. وتأملات .. ومعلومات يلقيها على مسمعي بين الحين والآخر ويتدخل فيها السائق أحياناً ..

نكمل لاحقاً ......
رد مع اقتباس