عرض مشاركة واحدة
 الصورة الرمزية الاشعط ملك الذئاب
الاشعط ملك الذئاب
مزعوط نشيط
المشاركات: 102
تاريخ التسجيل: May 2017
الدولة: المملكه العربيه السعوديه - الرياض
الاشعط ملك الذئاب غير متواجد حالياً  
قديم 2017-09-12, 03:35 AM
 
نموذج يجسّد السلام والتسامح والاعتدال والملتقى الأمثل للحضارات المملكة المغربية - بقلم محمد بسام الحسيني

نموذج يجسد السلام والتسامح والاعتدال والملتقى الأمثل للحضارات
المملكة المغربية - بقلم محمد بسام الحسيني

إذا أردت أن تلون أيامك بالفرح، وأن تستحضر التاريخ لتعيشه في أجمل لحظات الحاضر فلتكن وجهتك المغرب، فالمملكة المغربية نموذج حضاري يجسد السلام والاستقرار والتسامح والاعتدال والجمال والتنوع الطبيعي. والمغرب محطة الالتقاء الحضاري بين شرق العالم وغربه وشماله وجنوبه، لذا تعد الهوية المغربية نتاجا مثاليا في بلد جميل بطبيعته وشعبه، بصحرائه وبحره، بسهوله وجباله، وبفنه ومعماره.ليس من بلد أحق في وصفه بـ «ملتقى الحضارات» من المغرب، فهنا نجد الطابع الأندلسي في العمران والمأكل والملبس والزليج (الفسيفساء) التي تزين البنيان، وتجد ايضا القلاع والحصون والمعابد التي تعود الى عصور الفينيقيين والرومان والشعوب القديمة، يصعب ان تستكشف بلدا بحجم المملكة المغربية في أسبوعين، لكن كان هذا التحدي خلال رحلة «دروب مغاربية» بقيادة الصديق عبدالوهاب الحمادي الذي رسم مسارها وحدد محطاتها في إطار هدف محدد هو استكمال رحلة سابقة في إسبانيا بعنوان «دروب أندلسية» شملت قرطبة وطليطلة واشبيلية وغرناطة ومدريد، فقد كان المغرب على مدى قرون الوريث الحي للحضارة الأندلسية وموطن الأندلسيين الموريسكيين الذين وجدوا فيه ملاذا آمنا بعد تهجيرهم.

الوصول

بدأت الرحلة بالوصول الى مطار «الدار البيضاء» الذي تحط به أغلب الرحلات القادمة من دول مجلس التعاون، وقد ضم الوفد مشاركين من الكويت والسعودية والإمارات وقطر والبحرين ولبنان، تجمعنا في كازابلانكا ومنها انطلقنا الى المحطة الأولى طنجة، ولكن قبل الوصول الى مدينة «ابن بطوطة» مررنا بأصيلة المدينة الثقافية الشهيرة التي تعانق البحر كمنارة تبث نور الجمال والثقافة التي يعبق بها كل شيء في المدينة: الأزقة، المباني، المساجد، ورائحة مياه المحيط.

طنجة

وصلنا بعد ذلك الى طنجة وتحديدا الى منارة رأس سبارتيل نقطة الالتقاء بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي وبين القارتين الأوروبية والأفريقية والتي تطل على اسبانيا، تستمد المدينة اسمها من «تينجيس» زوجة عنتي ابن «بوسيدون» إله البحار عند الإغريق.

في طنجة الحديثة شاهدنا الشوارع الفسيحة والقصور والعمارات والفنادق الفخمة ومنها مقر اقامتنا «منتجع الموفنبيك» والميناء الجديد الى جانب الأحياء القديمة والتي يوجد في أحدها ضريح الرحالة ابن بطوطة الطنجي الذي ولد بالمدينة عام 1304م وغادرها سنة 1325 ليزور 44 بلدا ومنطقة بأسمائها وحدودها الحالية في شمال افريقيا ومصر والعراق وبلاد فارس وشرقي الجزيرة العربية واليمن وافريقيا الشرقية وآسيا الصغرى والقسطنطينية وروسيا الشمالية وآسيا الوسطى والهند والمالديف وسيلان وسومطرة والصين.. ثم غرناطة ومنطقة الصحراء الغربية قبل ان يترك لنا كتابه الشهير «تحفة الأنظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار».

وصادف وصولنا الى طنجة مع أول أيام عيد الأضحى المبارك لنؤدي صلاة العيد مع أهل المدينة المفعمين كما مختلف أهل مدن المغرب بالسعادة والرضا.

شفشاون

من طنجة انتقلنا الى مدينة شفشاون وهي مدينة تقطنها غالبية من الموريسكيين سليلي المرحلين من سكان الأندلس المسلمين واليهود وقد بنيت على يد المولى علي بن راشد، لإيواء المسلمين الذين طردهم الإسبان من أرضهم.

طبيعتها جبلية وفيها قصبة تاريخية اتخذها علي بن راشد مقرا لقيادته وثكنة عسكرية لقتال البرتغاليين والإسبان.

في المدينة ايضا ساحة عمومية شهيرة وأزقة يغلب عليها اللونان الأبيض والأزرق السماوي.

وفيها التقينا بالشيخ علي الريسوني، وهو من مشايخ الصوفية، وحفيد مؤسس المدينة الذي حدثنا عن الدين والصوفية في المغرب وتاريخ المدينة وعلاقات الشعب المغربي مع الدول العربية والإسلامية وعن دوره في إدراج قضية الأندلسيين في الدستور المغربي الجديد.

وليلي وإفران

وتتجلى عظمة التاريخ الروماني في المغرب بأطلال مدينة «وليلي» أو «فوليبوليس» التي تقع في موقع استراتيجي بشمال المغرب محاط بالسهول الخصبة والمياه الوفيرة.

تحوي المدينة معبدا ومحكمة وساحات ومنازل وحمامات وقوس نصر بناه الامبراطور كركلا وفيها لوحات رائعة من الفسيفساء لآلهة الرومان مثل باخوس وأورفي، وبالقرب من وليلي توجد بلدة «ضيعة عوا» المعروفة ببحيرتها الشهيرة ومدينة إفران التي تلقب بـ «سويسرا المغرب» والمعروفة بحدائقها الغناء ومنازلها.

مكناس

الوجهة التالية كانت مدينة فاس لكن قبل زيارتها مررنا بمدينة مكناس التاريخية والتي كانت في الماضي عاصمة للمغرب وتعد واحدة من أهم مدن العالم في التاريخ الإسلامي.

أبرز العهود التي مرت عليها كانت في أيام حكم السلطان اسماعيل من الأسرة العلوية التي تحكم المغرب حاليا وله ضريح كبير وضخم في المدينة التي تزدان بالحدائق والمساجد والمدارس الدينية.

فاس

يرجع تاريخ «فاس» إلى اكثر من 1200 سنة عندما بنى نواتها الأولى المولى ادريس الأول، تشتهر بجامع القرويين الذي يضم أقدم جامعة في العالم والتي أنشئت عام 859م، وقد أنشأت الجامع أم البنين فاطمة الفهرية التي يروى أنها وهبت كل ما ورثته لبنائه وظلت صائمة محتبسة إلى ان انتهت اعمال البناء حيث صلت فيه شكرا.

وبعده أنشئت عشرات المدارس الدينية المهمة ومنها المدرسة البوعنانية.

الى جانب الفنادق الكبرى وكما في مختلف المدن التاريخية تنتشر في أزقة فاس "الرياض" (المنازل الفندقية) التي يدير غالبيتها الأجانب وخاصة الفرنسيين ممن اشتروا منازل بنيت قبل مئات السنين وحولوها الى فنادق صغيرة ذات تصنيفات متفاوتة تتراوح بين منتهى الفخامة ومنتهى التواضع.

الرباط

وبعد جولة في فاس وأسواقها ومدارسها ومبانيها العربية توجهنا الى الرباط عاصمة البلاد السياسية حيث المباني الحكومية وصومعة حسان الشهيرة وهي احدى ثلاث منارات شيدت في القرن الثاني عشر وتحديدا في عهد الموحدين في زمن الخليفة أبويعقوب يوسف الموحدي، وهي احدى أشهر مآذن العالم وتتشابه في تصميمها مع «الخيرالدا» في اشبيليه والكتبية في مراكش.

وخلال زيارتنا كانت لاتزال الصومعة تخضع لأعمال ترميم بدأت قبل فترة ومقابلها يوجد ضريحا الملكين محمد الخامس والحسن الثاني.

في الرباط أيضا زرنا قصبة الوداية العالية الأسوار والتي تنتشر في داخلها الأسواق والمطاعم وأجواء الغناء التراثي لاسيما «الغناوا» وهو نوع خاص من الغناء الأفريقي الجذور شبيه بموسيقى السود في أميركا.

الصويرة.. والأرغان

الى جانب شجر الأرز الذي يشتهر به لبنان توجد بالمغرب غابات أرز عمرها آلاف السنين ويستخدم خشبها في تشييد وتزيين المباني الفخمة، وتنفرد البلاد بنوع مميز من الأشجار يدعى «الأرغان» ويستخرج منها أنواع من الزيوت والعسل والدبس ومواد التجميل ذات الفائدة العالية جدا.

وتنتشر هذه الغابات في مدينة «الصويرة» او «موكادير» أو «الموخادور» وهو الاسم البرتغالي الذي تشتق منه.

وفي الطريق الى «الصويرة» تمتد غابات «الأرغان» وتنتشر المعامل التي تستخرج زيوتها وموادها، ويستمتع الزائر بمشاهد قطعان الماعز وهي تصعد على أغصانها (الأرغان) لتأكل قشور ثمارها ثم ترمي اللب الذي يُجمع ويعصر لاحقا لاستخراج الزيت وباقي المشتقات منه.

الى جانب الشاطئ الرملي الخلاب للصويرة على الأطلسي، حيث اسراب طيور النورس، وأسواقها الفسيحة التي تشبه بطابعها أسواق الجزر، يستمتع الزوار بالتجوال وأخذ الصور في حصن «السقالة» الضخم والذي يعود تاريخ بنائه الى أيام الفينيقيين قبل الميلاد الى ان أتى البرتغاليون وأعادوا ترميمه وتحصينه كأحد أهم الحصون أو "القصبات" في المغرب.

مراكش

المحطة قبل الأخيرة كانت في مدينة السحر والجمال مراكش البديعة بشوارعها ومنازلها وساحاتها خاصة ساحة جامع الفناء التي

لا تهدأ وتضج بالحياة على مدار الساعة.

يزور مراكش سنويا مليونا سائح نصفهم من الفرنسيين، وتتميز بمبانيها التاريخية ولاسيما صومعة أو مئذنة الكتبية التي تعمل حتى اليوم، وقصر «الباهية» الذي بناه احمد بن موسى «باحماد» الذي كان يشغل منصب الصدر الأعظم في عهد السلطان عبدالعزيز وكانت له 4 زوجات و29 من المحظيات والجواري يعشن في القصر الذي حمل اسم أقرب زوجاته الى قلبه، وكان باحماد وصيا على العرش ورجلا يوصف بالميكافلية لشدة دهائه وحنكته، وقد مات مسموما بعدما دست احدى جواريه السم له بعد 6 سنوات قضاها في القصر البديع، وبعد شيوع خبر موته تعرض القصر للنهب، لكن أجنحته الراقية والخلابة التصميم والتنفيذ بالنقوش والفسيفساء بقيت وفي جنباتها الكثير من الأسرار، وخلال فترة الحماية الفرنسية للمغرب كان هذا القصر مقرا للمفوض الفرنسي في مراكش.

ومن معالم مراكش الشهيرة فندق المأمونية أحد أعرق وأهم الفنادق في العالم وفندق رويال منصور المعروف بفخامته وميدان سيدي علي بن فلاح حيث تُعرض يوميا لوحات من التراث يستعرض فيها الخيالة مهاراتهم الى جانب عروض شائقة للفنون الشعبية المغربية.

بعد ثلاثة أيام بلياليها في مراكش انتقل وفد «دروب مغاربية» الى المحطة الأخيرة في الدار البيضاء العاصمة التجارية للبلاد.

كازابلانكا

أبرز مباني كازابلانكا هو مسجد الحسن الثاني وهو عبارة عن تحفة معمارية خلابة صممه المعماري الفرنسي الشهير ميشال بينسو بمساعدة اكثر من 70 من كبار مهندسي المغرب يبلغ طول مئذنته 210 أمتار وهي أعلى بناء ديني في العالم، كما يبلغ طول قاعته الداخلية الرئيسية 200 متر وعرضها 100 متر وارتفاع سقفها 65 مترا ليكون المجموع 365 يوما اي عدد أيام السنة الميلادية.

استغرق بناؤه 6 سنوات (1987-1993) وهو أكبر مساجد افريقيا، سقوفه المشيدة من خشب الأرز المتين تُفتح آليا وجدرانه مزخرفة بأجمل النقوش والزليج (الفسيفساء) التي يشتهر بها المغرب وفق الأسلوب الأندلسي.

وفي قاعاته السفلى نوافير للوضوء فيكون بذلك جمع في بناء واحد الأرض والماء والسماء.

يفتح المسجد أبوابه أمام الجميع من نساء ورجال في غير أوقات الصلاة ليكون نموذجا للالتقاء والتعايش الذي يميز المغرب كحلقة وصل بين دول وحضارات العالم، وتتسع قاعته الداخلية لـ 25 ألف مصلّ وباحته الخارجية تتسع

لـ 80 ألفا، وبني على البحر استنادا الى الآية الكريمة (وكان عرشه على الماء).

التعديل الأخير تم بواسطة الاشعط ملك الذئاب ; 2017-09-12 الساعة 03:42 AM
رد مع اقتباس