عرض مشاركة واحدة
معزب كازا
مزعوط مميز
المشاركات: 360
تاريخ التسجيل: May 2011
الدولة: كازا-الكويت
معزب كازا غير متواجد حالياً  
قديم 2011-08-25, 12:45 AM
 
مقاهي كورنيش الدار البيضاء ..مقصد عشاق السهر بالليالي الطوال



السهر خلال هذه الليالي في المغرب لا يقتصر على مكان محدد، بل تتعدد الأمكنة وتتنوع حسب مرتاديها، لكن الأكثر رواجا هي المقاهي، وأقرب المقاهي إلى «ناس كازا» كما يقول المغاربة، تلك التي تقع على كورنيش الدار البيضاء. معظم المقاهي في هذه المدينة، التي تعد قلب المغرب النابض، تظل مغلقة خلال النهار إلى حين موعد الإفطار، حيث يقدم بعض المقاهي وجبة الإفطار للصائمين، وتستمر مفتوحة في وجه الزبائن حتى مطلع الفجر، حيث يقدم بعضها وجبة السحور، لكن لا يبقى حال على حاله، ولا يبقى مكان على ما كان عليه.
هذه المقاهي تبدو مهجورة في النهار ومكتظة في الليل، تتوزع على أرصفة شاطئ «عين الذئاب» وشاطئ «سيدي عبد الرحمن»، الليل يضيء بأنوار المقاهي وأضواء السيارات، ووجودها قرب البحر في هذا الصيف القائظ، جعلها قبلة لعشاق السهر، تزدحم شوارعها وتمتلئ أرصفتها، سيارات ودراجات حشود من الناس منهم من يمشي فرادى ومثنى ومنهم ما دون ذلك.

تنتابك الحيرة نحو أي مقهى تقصد وأي نوع من الموسيقى تستمع، فلا يخلو مقهى من غناء أو موسيقى، تحييك على نغماتها وترحب بك.

يبتسم خالد بكل بشاشة ويرحب بالجميع ويدعوهم إلى دخول المقهى، الذي يقف أمام بابه بلباس وربطة عنق سوداوين وقميص أبيض. طويل القامة قوي البنية في عقده الرابع، لا تعلم أهو حارس للمقهى أم نادل. يقول خالد، في هذا الشهر يزداد الإقبال على المقاهي كثيرا خاصة المجاورة للبحر، وتكون المنافسة في اجتذاب الزبائن شديدة، مما يستدعي تزيين المقهى والرفع من جودة خدماته، بدءا من حسن الاستقبال إلى رسم انطباع جيد يعد بزيارة أخرى، وزاد قائلا، نقيم كل يوم سهرة يحييها فنانون ونجوم من كل الألوان الموسيقية التي تتلاءم وتنسجم مع أذواق زبائننا.

في المقهى عشرات الطاولات ومئات الكراسي، وزبائن يتعذر تقدير عددهم، أغلبهم يتراقصون صغارا وكبارا مع إيقاعات أغان شعبية. في حين اختار بعضهم أن يهتز منتشيا على كرسيه والتصفيق مع ترديد كلمات الأغنية، أغلبهم على ما يبدو لم يأت لتجاذب أطراف الحديث أو «تقليب المواجع»، وإنما جاء هروبا من رتابة المنزل واجتماعات العمل وما بينهما، لا سيما أنه خلال شهر رمضان، يمر النهار ببطء ويسهل على كثيرين تعكير المزاج والدخول في اشتباكات وملاسنات كلامية.

«في المقهى» ليس عنوان قصيدة مطلعها «جواري اتخذت مقعدها» لنزار قباني، لكن في المقهى أزواج منفردون وأسر مجتمعة وأصدقاء شباب وبنات، يحتسون أكوابا من العصير وكؤوسا من الشاي والقهوة، وأكلات خفيفة على الموائد، إنها تشكيلة مفعمة بالتجانس يلونها أناس يرغبون في اللقاء والسهر، تكتظ بها المقاهي وتتزاحم بها الشوارع. الجلوس في المقهى يتيح لكل فرد الشعور بأنه مع الآخرين، بيد أنه بإمكان كل فرد من المجموعة أن يكون وحيدا ومع غيره في الوقت نفسه، أن يختار الصمت أو الكلام متى شاء، أن يستمع لما يقال أو يصرف الانتباه، أن يشاهد ما يعرض له أو يتأمل ما يريد.

السهر في مقاهي كورنيش الدار البيضاء له نكهة الابتعاد عن كل شيء، خاصة هموم الحياة العادية وروتين المنزل. تقول حليمة، وهي فتاة رشيقة في عقدها الثاني، اعتادت المجيء إلى هذه المقاهي والتجول قرب البحر، «لأني بصراحة أجد فيها متنفسا يجعلني أحس بالراحة بعيدا عن ضوضاء المدينة». وتضيف أن ما يميز هذه المقاهي عن غيرها في وسط المدينة أو غيرها من الأماكن، أنها مجاورة للبحر، حيث يراودك إحساس وكأنك وسط البحر، تسمع خرير المياه وصوت الرياح، إنها فعلا الحرية والانعتاق من قيود العمل وأعباء المنزل.

على مقربة من مقهى تجد مقهى آخر بل مقاه متجاورة، تنبعث من كل واحدة أصوات الموسيقى، متقاطعة مع ضوضاء الشوارع المحيطة، وصخب المارة، وأبواق السيارات، وأصوات الباعة المتجولين، الذين يركنون في كل شارع غير عابئين بالزحمة أو الاكتظاظ، تنوعت مبيعاتهم من بائع الورد والحلي واللعب، وبائع اللوحات الفنية والتحف الخشبية، وبائع الوجبات السريعة وأطباق الحلزون.

وأمام إحدى العربات أصر بوشعيب، وهو رجل في عقده السادس يتحرك بخفة ونشاط، أن يقدم لنا طبقا من الحلزون أو «الببوش» كما درج المغاربة على تسميته، قبل أن ينطلق في حديثه لنا عن أهمية طبق الحلزون ومزاياه الصحية التي تفيد الإنسان وتقيه من أمراض عدة. يشرح بوشعيب قائلا «إن طبق الحلزون هذا، بالإضافة إلى طعم مذاقه الشهي واللذيذ فإنه يحتوي على مجموعة من الأعشاب الصحية»، وحول فاعلية هذه الأعشاب في علاج الأمراض، قال بوشعيب، إنها تنشط الدورة الدموية وتزيل الزكام وتقوي مناعة الإنسان، كما أنها تعالج عدة أمراض.

قد تتشابه المقاهي في الظاهر أو تختلف، مقاه اختارت التعاقد مع مطربين، ونصبت قرب ساحل البحر، خياما على الرمال، بينها سهرات تحييها فرق من الغناء الشعبي والراي والفلكلور، كما تحييها في بعض المقاهي مكبرات الصوت التي ينساب منها صوت أغان متنوعة. يستمر السهر في مقاهي الكورنيش في الدار البيضاء حتى الفجر، ويمر الوقت سريعا حتى يشعر الساهرون بالندى لينبههم أن صباح يوم جديد قد اقترب.
((جريدة الشرق الاوسط))
__________________
آحـــــــن للمغـرب وادور التفاكيـر
اليـوم جـــــاي وبعد يومين نـــاوي
زيـن التمشـي بيـن كـــازا واقاديـر
دارً على شـــــــمة هـواهـا شفـاوي
على المحيط الاطلسي جلسة عصير
تســوا حياة اهـــل الحكي والقهاوي
رد مع اقتباس