(عرس القرآن)
هناك عادات هيأها الأمازيغيون لتنتقل عبرها الأفكار الإسلامية من العربية إلى الأمازيغية بطرق غاية في التشويق والإيحاء. ومن أبرز تلك
العادات (سْلُوكْتْ) التي تدعم الحضور الإسلامي في البيئة السوسية، فأثناءها يقرأ القرآن جماعيا، وتنشد قصيدتا البردة والهمزية للإمام
البصيري، وكل ذلك باللغة العربية، ويتم فيها الشرح بالأمازيغية، لأن كل الفقهاء الأمازيغيين يفسرون معاني القرآن على قدر الطاقة.
إن (سّلُوكْتْ) احتفال خصصه الأمازيغيون للطّلبة كي يحضروا في جميع المناسبات، ويؤكدوا على حضور الإسلام في كل الممارسات، ولحضور
مناسباتها يكون الطلبة قد تهيأوا واستعدوا وتزينوا بأحسن ماعندهم، ويستقبل مجيئهم بغاية الفرح والسرور، ويجلسون في أحسن مكان
وعلى أجمل فراش، وتقدم إليهم أحسن أنواع الأطعمة، ويعبرون عن فرحتهم بحماسهم في أداء تاحزابت، وإنشاد شعر يمدح الكرماء في
مايسمونه تّرجيز. ويعتمد حفل (سْلوكْتْ) على ثلاث دعائم: (تاحزّابت) و (البوصيري) و (تّرجيز)، ولكل منها دور في التفاعل القوي بين
الأمازيغيين والمتن الإسلامي.
(تاحزّابت)
(تاحزّابت) نسبة إلى حزب القرآن الكريم، والمقصود بها نوع من أداء قراءة القرآن برفع الصوت بأقصى مافي حلق الطلبة من قوة وتمطيط في
القرآن جماعة في منتزهاتهم (أدوال)، أو في المواسم التي يتلاقون فيها. ولانراها بعيدة عن هدف تحريك مشاعر الأمازيغيين بطريقة إنشادية
لمتن لايعرفون معانيه، ولكن طريقة إنشاده تخلق بجلالها تواصلا رائعا، ويتجلى تأثيرها البهيج على ملامح القراء الذين يؤدونها بحماس
تجسده حركاتهم الموقعة بإيقاع طريقة القراءة، ويعبر عنه اندماجهم المطلق في الأداء، وكذلك ترحيب الناس وتشجيعهم لجودة القراءة. ولعل
هذه الإحتفالية هي سر المحافظة عليها رغم ما واجههم من انتقادات، وقد قاومهم كبار العلماء ولكن لم يفيدوا فيه شيئا، وقد اهتم الشعر
الأمازيغي التعليمي بالمتن القرآني، فنظمت أبيات ومقاطع بعضها خاص بالرسم القرآني، وبعضها بالتجويد. وكثيرا ماتنشد بالأمازيغية خلال
حفل سلوكت القرآني.
نسمع كثيرا من يقول عن سلوكت إنها (تامغران القران)، أي عرس القرآن، لأنها احتفال له مقوماته الخاصة. إننا فعلا في عرس لايهتم
بمباشرة تبليغ خطاب ديني بالأمازيغية، ولكن جلاله وجماله والإعتقاد في حصول الثواب به هو الذي جعلهم يقبلون عليه بكل حواسهم
مخصصين له النهار كله كما يخصص قسط من الليل لاحتفال (أحواش).
الرمز الشعري في عرسه: أحواش لأن العادات الأمازيغية تعتبرهما غير متناقضين، بل إن أحدهما يكمل الآخر بأداء وظائف محددة، ذلك أن
سلوكت احتفال بكلام الله، وسنة رسوله وبحُفّاظهما، أما أحواش فاحتفال بفنية كلام العباد، وبنبل أعمالهم المعبر عنها بلسان الشعراء
(ءيماريرن) و (رّوايس) إن (سلوكت وأحواش) احتفالان لا تتم بهجة مناسبة أمازيغية بدونهما، بل إن من عوائد المغرب وخصوصا سوسنا
الأقصى، أن الأعراس والختمات القرآنية في الأفراح والإحتفالات عندهم سواء,
تقبلوو شكري لكم لكل من اعطى الموضوع اهتمام من وقته
اخوكم حديدان