مزاعيط المغرب - السفر الى المغرب - قصة عشق .. عشتها بين أمستردام و مراكش

المذكرة الأولى

هبطت طائرتي في مطار أمستردام الدولي قادماً من مدينة باريس العتيقة.
اتجهت نحو شقتي و التي حجزتها مسبقاً عن طريق موقع Airbnb لمدة خمس أيام وبسعر ٨٠ يورو لليلة الواحدة .
تراسلت مع صاحبة الشقة لأخذ العنوان، وبالمصادفة كانت من الجنسية المغربية .
إسمها نائلة و من مواليد مراكش، تقيم مع أختها في نفس البناية، و تحمل الجنسية الهولندية وتعمل بأحد الشركات منذ سنوات.
أخبرتني نائلة بأنها ليست في أمستردام و بأنها تقضي إجازتها في مدينة مراكش، لكن أختها حياة موجودة في الشقة المجاورة لها و سوف تستقبلني عند باب البناية.
استقبلتني حياة بكل حفاوة و ترحيب وكان بصحبتها ابنتها الصغيرة، أخذتني نحو الشقة و وضعت أغراضي .
أخبرتني بجميع التفاصيل عن مدينة أمستردام و عن أهم الأماكن السياحية بالاضافة إلى مجموعة من النصائح المهمة وكيف أقضي وقت ممتع في المدينة .
قالت لي حياة بأن هذا المنطقة يسكن بها العديد من الجالية المغربية .. فلا تستغرب .

أتجهت مباشرة نحو سوبرماركت في نفس الحي لشراء جميع مستلزماتي .
دخلت السوبرماركت وسحبت عربية التسوق و وضعت بها كل مالذ و طاب من المأكولات بالاضافة لبعض مستلزمات النظافة، و وجدت بأن جميع المنتجات مختلفة عن ماهو موجود في السعودية و بجودة عالية.

اتجهت نحو منطقة الكاشير للمحاسبة على أغراضي، و عند وقوفي في الصف اكتشفت بأن جميع العاملين في منطقة المحاسبة يتحدثون بالدارجة المغربية و بالمناسبة هم من الجنسية المغربية.
على أحد الكاشيرات و جدت فتاة جميلة تسر الناظرين مما اجبرني على تغيير مكاني و الوقوف في صفها الخاص.
جاء دوري للمحاسبة و سلمتها الأغراض لكي تحاسب عليها و ألقيت التحية عليها باللغة العربية، ردت بابتسامة طفيفة و بلباقة و بكل رسمية .. انتهيت من المحاسبة و اتجهت نحو شقتي و أنا أقول في نفسي (( بأن قلبي انفتح لهذه الرحلة ))

قابلت حياة عند البناية و قلت لها ما سبب تواجد كل هذا الكم من المغاربة في أمستردام !
قالت لي .. بأن الجالية المغربية عددها ضخم و تقيم بهولندا من سنين، و سبب كثرتهم ! بأنه في نهاية الحرب العالمية الثانية لم يكن في هولندا بشر بسبب الحرب، منهم من تم قتله ومنهم من هاجر من هولندا أثناء فترة الحرب.
كانت هولندا وقتها تعاني من نتائج نهاية الحرب وكانت تبحث عن يد عاملة لتنمية البلد من جديد ولكنها لم تجد، فتم استقدام مهاجرين من المغرب لتغطية النقص الموجود في البلد، و هؤلاء المهاجرين عاشوا منذ تلك السنين في هولندا و خلفوا العديد من الأجيال حتى وقتنا الحاضر.
وقالت لي .. ستجد الكثير من المغاربة العاملين في كافة المقاطعات، منهم من يعمل في المطاعم و المقاهي و منهم من يعمل في الشركات و الإدارات الحكومية ومنهم رجال الأعمال والذين يتملكون العديد من الشركات في أمستردام.

كانت هذه المعلومة جديدة بالنسبة لي وخاصة بأنني لم أزر أمستردام من قبل.

سألتني حياة .. هل ذهبت للمغرب من قبل ؟
قلت لها .. للأسف لا
قالت لي .. يجب عليك الذهاب للمغرب وخاصة مراكش، ستعجبك كثيراً
وقامت تحدثني كثيراً عن مراكش ..
قلت لها .. أثرتي اشتياقي و سأفكر بالموضوع

شكرتها على هذه المعلومات المهمة و اتجهت نحو شقتي .
دخلت الشقة و وضعت الأغراض فوق الطاولة، أخذت (( دش )) بعد هذه الرحلة المرهقة، قمت بعدها بالاستلقاء على الأريكة .. فكرت في كل ما قالته حياة عن المهاجرين المغاربة و كيف أن هذه الدنيا عجيبة بكل مافيها، وكيف أن هذه الشعوب هاجرت من أجل الحصول على لقمة العيش .

اتجه تفكيري نحو (( فتاة الكاشير )) الجميلة .. كانت في العقد الثاني من عمرها، ذات شعر أسود وعينين عسليتين، كانت تقف بكل ثقة وكأنها تقول (( واثق الخطوة يمشي ملكاً )) تؤدي عملها وهي في قمة جمالها و دلالها و بعيدة عن التكلف والغرور .. ليست فتاة لعوب و تبحث عن رزقها كسائر البشر في أمستردام .
سأذهب مرة أخرى للسوبرماركت في وقت لاحق لرؤيتها و سألقي عليها التحية مجدداً، لعلني أنال استحسانها و أكسب ودها و أتعرف عليها من قرب .
قلبي عبارة عن مساكن شعبية و فيه متسع للجميع وخاصة من يقطنون في أمستردام و يعملون في الكاشير .

أخبرتني حياة بأنها وضعت على الطاولة دليل السياحة في أمستردام بالاضافة لورقة مكتوب عليها كيفية استخدام جميع المواصلات في هذه المدينة للوصول لأهم الأماكن .

أعياني تعب السفر و غفوت لمدة ساعتين على الأريكة من دون إحساس، كان جسمي مرهق جداً ولم أشعر بنفسي.

أفقت من النوم على أصوات بعض الأطفال في الحديقة المجاورة للبناية، اتجهت نحو الشباك و فتحته و ألقيت النظر على هذا المنظر البديع .. قمت بإلقاء السلام على الأطفال من باب الممازحة ولكنهم لم يعيروني اي انتباه و قد حسبت نفسي في السعودية ! .. الأطفال هنا حذرين من الغرباء و يسيرون على تعليمات آباءهم ولا يتحدثون مع أحد لا يعرفونه .. و يبدو بأن هذه المعلومة فاتتني ولم انتبه لها.

كانت الساعة تقارب الخامسة ليلاً .. قم بتغيير ملابسي و ارتديت الجاكيت بما أن الجو كان بارداً .
خرجت من الشقة و اتجهت نحو محطة (( الترام )) ممسكاً بالديل السياحي و كلي شوق للتجول في ارجاء هذه المدينة الرائعة .

صعدت (( الترام )) و اتجهت نحو منطقة Nieuwmarkt
وصلت و ترجلت من الترام باحثاً عن مطعم يُطفئ لي أصوات عصافير بطني، التفت يميناً و يساراً لأجد العديد من المقاهي و المطاعم في الساحة .. احترت في الأختيار و لفت انتباهي مطعم برجر مزدحم و عليه إقبال غير عادي .

يتبع ..