تخفيض سعر صرف الدرهم المغربي

يستعد المغرب لتنفيذ تعويم تدريجي لعملته الدرهم على عدة مراحل ، وكان البنك النركزي المغربي قد اعلن مسبقا عن ان التعويم سيبدأ من شهر يوليو 2017 الي انه تم التأجيل لأسباب فنية، لكن من المرشح انه سيكون ابتداء من العام القادم 2018

و يثير هذا القرار تساؤلات وتخوفات من تداعياته على الاقتصاد المحلي والقدرة الشرائية للمواطنين،
ويرتكز مشروع تعويم العملة المغربية، على الانتقال التدريجي نحو نظام صرف أكثر مرونة من أجل تعزيز تنافسية اقتصاده وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية.

واعتبر والي بنك المغرب أن كل الضمانات متوفرة "من أجل نجاح هذا التعويم الذي سيكون بشكل تدريجي، فالتعويم هو قرار اختياري في الوقت الذي تعيش البلاد وضعاً مالياً واقتصادياً عادياً".


ماهو نظام الصرف المرن أو "تعويم العملة"؟
يعني تعويم العملة هو جعل سعر صرف العملة مرنا بحيث يكون قابلا للارتفاع او الانخفاض دون تدخل البنك المركزي ، بمعنى اخر تصبح العملة الوطنية كالسلع قابلة للارتفاع في حال الطلب و الانخفاض في حالة العرض، او يمكن تشبيهه بحركة الاصول الرأسمالية كالاسهم مثلا التي تتعرض للتفاوت السعري نتيجة حجم الطلب و العرض ، وعند تلك الالية يمكن ان يتغير السعر اكثر من مرة خلال اليوم الواحد.

متى ترتفع قيمة الصرف و متى تنخفض ؟
لتبسيط المسألة للعامة نورد هذا المثال البسيط
بافتراض ان لدى البنك التجاري المغربي فقط 1000 يورو و سعر الدرهم مقابل اليورو الحالي هو 10 دراهم لكل يورو (اجمالي الاجنبي بالدرهم هو 10,000 درهم مغربي) نفترض انه يوجد في المغرب 3 تجار فقط تاجر اثاث و تاجر سيارات و تاجر مواد غذائية، بريدون استيراد بضاعتهم من ايطاليا.
تاجر الاثاث يريد استيراد بضاعة من ايطاليا بقيمة 700 يورو ، لاتمام عملية الاستيراد سيضطرالي تحويل قيمة الاثاث الي المصنع الايطالي و تتم عبر بيع (7000) درهم مغربي للبنك التجاري و شراء (700) يورو منه ليتمكن من الدفع الي المصدرالايطالي باليورو
سيتبقى لدى البنك التجاري 300 يورو لكن بسعر12 درهم لليورو الواحد (اي 3600 درهم) نظرا لوجود طلب على اليورو
تاجر السيارات سيستورد سيارات بقيمة 150 يورو، سيشتريها من البنك التجاري بقيمة اجمالية (1800 درهم)
سيتبقى لدى البنك التجاري 150 يورو فقط، و لكن بسعر 13 درهم لليورو الواحد(اي 1950 درهم)
تاجر المواد الغذائية سيستورد بضاعة بقيمة 200 يورو وسيقوم بشرائها من البنك التجاري بقيمة اجمالية (1950 درهم)
لكن لا يوجد لدى البنك سوى 150 يورو فقط ، وسيضطر الي شراء 50 يورو من بنك اخر بسعر 14 درهم لليورو اي 200 يورو بسعر اجمالي 2650 درهم (150×13+50×14)
طبعا الزيادة في السعر لا تعني للتاجر المسنورد شيئا لانها سيقوم باضافتها مع هامش الربح الي قيمة البضاعة الاجمالية التي سيدفعها في الاخير لمستهلك (على قفاه)

والسيناريو الاخر هو متى يرتفع سعر الدرهم
اذا كان تصدير السلع من المغرب اكثر من استيرادها، هنا تنعكس الاية، فالمستوردون بالخارج سيقومون ببيع اليورو شراء الدرهم للدفع لمصدريهم المغاربة، و سيتم تباعا ارتفاع الدرهم نتيجة الطلب المتزايد علية (الشراء) مقابل بيع اليورو، عندها ستصبح البضائع المستوردة رخيصة نظرا لارتفاع قيمة الدرهم نتيجة طلب المستوردين الاجانب عليه
طبعا هناك دول مثل اليابان تضطر الجكومة الي التدخل للحد من ارتفاع الين بسبب الطلب العالي من المستوردين للبضائع اليابانية في الخارج و تقوم بضخ كميات كبيرة من الين في الاسواق لكبح جماحة لانه في الاخير اذا زاد الطلب على الين سيرتفع قيمتة و سترتفع معة كلفة البضائع اليابانية المصدرة مما يجعلها تتكدس ولا تباع نظرا لارتفاع اسعارها. وتنعكس اجمالا على الدورة الاقتصادية

مالنتائج المتوقعة عند تحرير سعر صرف الدرهم ؟
على المغاربة
النتائج المتوقعة على المستهلك المغربي ستكون مؤثرة، حيث ستصبح كلفة المواد المستورده باهضة، و الجميع يعلم ان المغرب يستورد غالبية احتياجاته و مواده الاولية من الخارج ، اما البضائع المصنعة محليا ستكون رخيصة.
على السياح
سيشعر السائح بانخفاض اسعار الكثير من الاشياء بشكل ملحوظ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:اسعار الخدمات المقدمة كالانترنت و الاتصالات و الطاقة واسعار الاجرة و اسعار السكن سواء للتملك او الايجار، كذلك الاكل و الشرب و اسعار البضائع المصنعة محليا.

لكن قي المقابل عند انخفاض الاسعار ستصبح المغرب وجهة سفر مغرية للكثير من السياح، وقد تستقطب سياح جدد من دول اخرى نظرا لانخفاض اسعار الاقامة والخدمات فيها، مما يؤدي الي جلب العديد من العملات الاجنبية وادخالها الي البلد، و تساهم بشكل اخر في اقتصاد البلد.

لماذا تلجا الدول الي تحرير عملتها
عادة ما يعتبر تحرير سعر العملة الوطنية احد ادوات الاصلاح الاقتصادي، وغالبا ما تلجا الدول الي تعويم او تحرير عملتها لاسباب منها
- جلب المزيد من الاستثمارات الاجنبية الي الدولة، حيث ستساهم الاسعار الرخيصة في الخدمات و
المعيشة الي اغراء المستثمرين و المصنعين الاجانب.
- اعادة التوازن الاقتصادي في حال وجود فجوة كبيرة بين الاستيراد و التصدير.
- توفير العملات الاجنبية في اي وقت للمستثمرين و القضاء على الاسواق السوداء.
- انعاش السياحة اذا كان لدى الدولة المقومات السياحية.
- تطبيق سياسات صندوق النقد الدولي التي تشترط تعويم العملة الوطنية.

امل ان اكون قد قدمت شرحا بسيطا و وافيا عن مسألة تحرير العملة و تأثيرها محليا و خارجيا

ودمتم بود و سعادة

CasaBlanca