رجال الدرك الملكي بين المطرقة و السندان
لقد اهتزت قنوات التواصل الإجتماعي في ربوع الوطن و خارجه اثر انتشار مقطع فيديو بوم الخميس الماضي يتناول اعتداء همجيا لمواطن ( شمكار) بسلاحه الابيض الطويل على الدركيين بإحدى ضواحي مراكش إثر محاولتهم لاعتقاله و الذي خلف موجة من الهلع و الذعر لدى الساكنة ,الا أن هذا المعتدي لم يقف عند حده بل همّ برشق سياراتي الدرك الملكي بالحجارة و خرّبهما بسيفه ملحقا خسائر مادية جسيمة و أثرا نفسيا بليغا على الجميع .
ففي هذا الخضم نتساءل الم يحن الوقت لاستعمال السلاح لمكافحة امثال هذا السلوك ؟و في ايطار التساهل القضائي و السكوت وقلة الحزم أفلا يساهم ذلك في دعم و انتشار هاته الأشكال من الإنحرافات لتصبح ظاهرة اجتماعية يعسر معالجتها و ضبطها ؟ وهنا توضع المساطير القانونية في قفص الإتهام وتصبح مؤسسات الدولة مسؤولة عن هذا الإنحراف ,بل يصبح التساؤل عن ما مدى كفاءة الايطار القانوني المهيكل لكل هذا و ذاك و مايترتب عنه من هشاشة تنخر هياكل الدولة و تنشكك في حكامتها؟
إنه في ظل التحديات الأمنية المتزايدة التي تعرفها بلادنا، أصبحت الحاجة ملحة إلى تمكين رجال الدرك الملكي من استعمال السلاح عند الضرورة خاصة امام تهديدات الجانحين المسلحين، في إطار القانون واحترام حقوق الإنسان، وذلك من أجل الحفاظ على أمن المواطنين وسلامة الوطن.
إن الدرك الملكي، باعتباره مؤسسة أمنية حيوية، يوجد في الخطوط الأمامية لمواجهة الجريمة وحماية الأرواح والممتلكات، خصوصًا في المناطق القروية والنائية. وتفرض طبيعة المهام الموكلة إليه التعامل أحيانًا مع مجرمين خطرين، لا يترددون في استعمال العنف أو الأسلحة النارية في وجه رجال الأمن، مما يجعل استعمال السلاح من طرف الدركيين خيارًا لا مفر منه في بعض الحالات خاصة مواجهة المسلحين، حفاظًا على حياتهم وعلى حياة المواطنين الأبرياء.لذا يجب النظر في تحسين و تحديث القوانين و الإجراءات المعمول بها لضمان تحقيق أقصى درجات الأمان لأفراد الدرك الملكي و لغيرهم .
غير أن استعمال السلاح يجب أن يظل مؤطرًا بضوابط قانونية ، تستند إلى مبدأ التناسب والضرورة، وتراعي سلمية التدخل كلما أمكن ذلك. فهدفنا ليس الترويج للعنف، بل ترسيخ الأمن والاستقرار، وجعل السلاح وسيلة استثنائية تُستخدم حين لا تجدي وسائل الردع الأخرى.
كما ينبغي أن يُواكب هذا التمكين تكوين مستمر للدركيين في كيفية التعامل مع مختلف الوضعيات الخطيرة، والتدريب على اتخاذ القرار في اللحظة المناسبة وتعزيز قدراتهم، دون تهور أو تردد، مع اعتماد أدوات تكنولوجية حديثة تسهّل التدخل وتقلل من الحاجة لاستعمال القوة القاتلة.
إن المواطن المغربي يطمح إلى وطن آمن، تسوده الطمأنينة وسيادة القانون. ولتحقيق ذلك، لا بد من دعم رجال الدرك وتوفير كل الوسائل القانونية والمادية التي تمكّنهم من أداء واجبهم في أحسن الظروف. فاستعمال السلاح، حين يُفرض كخيار أخير، يجب أن يُفهم كوسيلة لحماية الأمن الجماعي، لا كتهديد له.
وفي النهاية، فإن أمن الوطن مسؤولية مشتركة، تبدأ من احترام القانون وتنتهي عند دعم المؤسسات الأمنية بما يكفل لها أداء مهامها بكل احترافية ومسؤولية. وعلى رأس هذه المؤسسات، يظل الدرك الملكي صمام أمان يستحق منا كل التقدير والدعم.