،
اليوم الثالث / الجزء الأول
،
أنا وقلبك ِ ننتظرك ِ
في مقهى آخر الشارع
والشوق ينتظر
ثلاثة رابعنا الحب
القهوة خامسنا
وسادسنا قطع السكر
كلنا ننتظر حضورك ِ ، يا حبيبتنا
على أحر من الجمر
فلا تتأخري علينا ، كثيرا ً
قاسي حين الحب يتأخر
،
أستيقظت في الساعة 11 و 40 دقيقة صباحا ً
كنت أشعر ببعض التفاؤل كسماء قضت ليلها بأحضان القمر غزل وقُبلات
على عجالة أخذت شور وبدلت ملابسي كي أكون أنيقا ً
ورششت الكثير من العطر حتى سمعت همسه يقول :
( في حضرة الجمال كل شيء يبدو جميلا )
توجهت لمطعم الفندق وتناولت الإفطار وشرب كوب من البرتقال
كان يبدو عليّ أني ذاهب للقاء ملكي الملامح والصفات
توجهت للموعد المرتقب ( نفس المقهى في اللقاء الأول )
كاد ظلي من فرحته أن يسبقني للعنوان
ولسان حالي يقول :
هذا عمرك والعمر هي
حمامة بيضاء تحلّق في سماك
فلا تتعجل في خطاك
الشوق ظلك
والحب ينتظرك ما دمت
تعرف نهاية هواك
وصلت للمقهى فاخترت نفس الطاولة التي كان بها اللقاء الأول
أتى النادل ليأخذ طلبي فأشرت له أن ينتظر قليلا ً
أمسكت الهاتف وأرسلت رسالتين بنفس الصيغة :
أين أنت ِ ؟ أنا في المكان المحدد
لم تجب ( س . الحقوق )
أجابت ( س . الاقتصاد ) : في الطريق
حاولت أن أبدو متماسكا ً ورتبت كلماتي جيدا ً في قلبي
كأني طالب قبل دخول قاعة الإمتحان يراجع دروسه لكي لا ينسى
كان المقهى شبه فارغ إلا مني وظلي المحترق شوقا ً للقاء وظللت أسأل :
كيف سأبدو ؟
كيف ستبدوان ؟
ماذا سأقول لهما ؟
ماذا ستقولان لي ؟
وفي زحام الأسئلة المتعبة إذا بهما يحضران
نجمتان في سماء الفتنة
بل شمسان أشعلتا قلبي قبل أشتعال الصباح
نهضت لهما ومددت يدي ، والحقيقة أن يدي أمتدت بلا شعور وبلا أستئذان من جسدي
كانتا في أوج الجمال والأناقة التي تئن لها جدران المقهى
حتى أن الطاولات أحسست أنها تلقي عليهما السلام والتحية
جلستا جواري وكان قلبي يخفق ، يرقص ، يرتعش ، يتوقف ( ما عدت أدري وصف الحال )
رائحة العطر منهما كانت قوية حتى أن عطري خجل من نفسه وذاب
سألتهما : ماذا تشربان ؟
أجابت ( س . الاقتصاد ) : مشروب غازي
أجابت ( س . الحقوق ) : وأنا كذلك
قاطعتها : لو طلبت ماء هل ستطلبين مثلها ؟ وضحكت لها
أجابت : نعم ، وابتسمت
كانت ابتسامتها كفيلة أن تسقط علي المطر لكنني نسيت المظلة لذلك سأغرق بها
طلبت ( كالعادة ) كوب قهوة ( نص نص )
كنت أشعر بالخجل منهما لإشعال سيجارة وأنا أرشف القهوة
ففظلت عدم فعل ذلك ( بعض النساء لا يحببن رائحة الدخان )
بدأت الحديث معهما عن ماذا صنعتا ليلة البارحة وكيف حال أهلهم وأحوالهم
أجابتا : الحمد لله بخير
كان يبدو على ( س . الحقوق ) التوتر قليلا ً فحاولت تبديد هذا التوتر فمازحتها :
لماذا كلما رأيتك ابتسم ؟
ربما وجهك يذكرني بمتحف ( اللوفر ) الفرنسي حيث اللوحات الباهظة الثمن
أو ربما يبدو عليك الكبر قليلا ً فقد تجاوزتي ال 80 عاما ، وضحكت لها
ضحكت ( س . الحقوق ) بخجل وقالت : فيلسوف
ضحكت أكثر ( س . الاقتصاد ) وقالت : هي هكذا دوما ً مع الغرباء
فقلت : هل تصدقين يا ( س . الاقتصاد ) أن ( س . الحقوق ) جميلة لكن صمتها أجمل
قالت ( س . الاقتصاد ) : هذا يعني أني ثرثارة ، وضحكت
قلت : ربما وربما ( الأولى تعني لا والثانية تعني نعم )
تحدثنا بعد ذلك عن أحوال الجامعة وكيف هي مستوياتهما وما هي النظرة المستقبلية لهما
كل واحدة منهما لها طموح وأحلام كحال كل البشر الطامحين للحياة الرغيدة
وفي غمرة الحديث لاحظت على ( س . الاقتصاد ) أنشغالها بالجوال
فقلت لها : أنت ِ معنا ولست ِ معنا وهذا من صالحنا ، وضحكت لها
قالت : كيف ؟
قلت : أنت ِ معنا : فقط جسد
لست ٍِ معنا : مشغولة بالجوال
من صالحنا : لكي أتفرد بـ ( س . الحقوق ) دون أزعاجك ، وضحكت لها حتى سمع النادل تلك الضحكة
كنت مشغولا ً بعينيّ ( س . الحقوق ) فعيناها جوهرتان في صندوق من حرير
كانت تملك جمالا ً لم أرى مثله إلا في الأحلام المخملية
وخجلا ً عميقا ً وهذا جمال آخر بالنسبة لي
( أجمل ما في النساء الخجل )
وتحدثنا وتحدثنا
وفي منتصف الحديث وضعت يدي على ساعة اليد لدقائق وتركتها
تعجبت ( س . الحقوق ) من فعلي هذا وسألتني : ماذا ؟
أجبت : قمت بإرجاع الساعة 40 دقيقة للوراء
نظرت لي بطرف عينها تعجبا ً وقالت : لماذا ؟
قلت : لا أريد الوقت أن يمضي وأريد أن تظلي هنا أكثر لو سألتني كم الساعة
قالت وهي ضاحكة : أنت مجنون مجنون ووضعت يدها على فهما لكي لا أسمع ضحكتها
كلما ضحكت ( س . الحقوق ) ظهرت ( غمازة ) صغيرة في خدها
فقلت لها بمشاكسة : تصدقين سأصنع لي غمازة مثلك ، وابتسمت لها
قالت : لن تكون مثل غمازتي
سألتها : لماذا ؟
قالت : التي لدي أصلية وأنت أصطناعية
ضحكت لجوابها وهززت رأسي قائلا : للصمت حكمة
مضى الوقت رغم أيقافي له في ساعتي لكنه لئيم لا يفهم قيمة الشوق
نظرت ( س . الاقتصاد ) إلى ( س . الحقوق ) وقالت : نذهب ؟
نظرت لي ( س . الحقوق ) كأنها تقول : نذهب ؟
قاطعت تلك النظرة وقلت : هذه آخر ليلة لي في ( سطات )
لم تصدقا كلامي فأقسمت لهما أني مسافر غدا ًصباحا ً إلى مطار كازا للعودة للوطن
فأشارت ( س . الحقوق ) لـ ( س . الاقتصاد ) : نجلس قليلا ً
ألتفت لـ ( س . الاقتصاد ) وقلت : كوني مع هاتفك أفضل ، وضحكت
أكملت حديثي مع ( س . الحقوق ) عن دعوتي للعشاء هذه الليلة وألحيت عليها
فأعتذرت مني بكل أدب وقالت : أهلي لا يرضون خروجي لوحدي في الليل
قلت لها : إذا ً يكون غداء
تحرّجت مني حين رفضت العشاء لكنها قبلت الغداء
لم أصدق نفسي فقلت وأنا أضحك : أخيرا ً تواضعتي أيتها الطاؤوس
قالت : لماذا تحب احراجي كثيرا ً
قلت : لأنك ِ جميلة حين تخجلين
،
خجولة ، وهل أجمل من ذلك
الخجل في النساء فتنة
وجه مغربي لو رآه الربيع
لعرف قيمة الأزمنة
وابتسامة بيضاء كادت
تشطب خارطة الأمكنة
تلك المغربية غدت
للجمال عنوان وللحب جنة
،
للجمال بقية ....
"
__________________
،
تخلّيت عن إنسانيتي
فأصبحت ملائكي يُقبّل تراب القمر
.... وأحبك ِ أكثر
ضيف
: