،
اليوم الثاني / الجزء الأول
( الصدفة )
،
لا تقل : أنا غريب
الغريب للغريب وطن
قلبان يلتقيان ، في المكان
يرسمان الشجن
قلب يقول : أحبك
وقلب يصرخ : ما أقسى الزمن
أنا العاشق المغترب
قصائدي حبيباتي
دمي كان لها الثمن
،
أستيقظت الساعة 1 والنصف ظهرا ً
كنت أشعر برغبة للنوم أكثر
لا للنوم بل هروب من الواقع الذي أصبحت به هنا في هذه المدينة
كنت مثقلا ً وكسولا ً فحتى ظلي كان نائم ولا يرغب في النهوض
حاولت أن أبث في قلبي السعادة ، أخذت شور بارد كبرودة عاطفتي ومشاعري
أرتديت بنطال أزرق وتيشيرت أبيض ، سرحت شعري ، رششت بعض العطر الفرنسي
أغلقت باب غرفتي وما كاد أن يغلق ، سأترك غرفتي تعاني الوحدة مثلي وتجربها قليلا ً
في المصعد أنظر لوجهي في المرآة وأقول : اليوم أجمل
أخبرت الاستقبال رغبتي في تناول الافطار وبعض القهوة الساخنة
تناولته في الفضاء الخارجي للفندق ، أريد بعض الهواء الجديد
أنهيت افطاري وقررت أن أذهب إلى مقهى قرب الكلية كما وصف لي
صاحب المقهى ( بودراع ) كما يسمونه هناك
أستقليت التاكسي ، 10 دراهم السعر
في الطريق أشاهد من النافذة الناس وأتفحص وجوههم كأنني مخبر سري
أشاهد المباني وأتساءل : خلفها أناس يحبون ، يكرهون ، نائمون ، حزينون
وصلت للمقهى المنشود ، دفعت المبلغ ، فتحت الباب ، مشيت صوب الباب
كان المقهى شبة فارغ إلا من النادل والطاولات التي كانت ترحب بي : أهلا بك يا غريب
غريب ؟
حتى أنت يا خشب تعرف اني في غربة !
أخترت طاولة داخل المقهى منزوية في الأخير كفتاة عذراء ليلة زفافها
طلبت قهوة ، أنتظرت ، أتت القهوة
رشفة الرشفة الأولى ، الثانية
لم أكمل الرشفة إلا وفتاتين يتجهان نحوي كأنها غيمتان توشكان على الهطول
من حسن أو سوء الحظ جلستا جواري ( لا أعرف أيهما هو حظي )
طلبتا مشروب غازي لا أعرف اسمه ولكن من لون الزجاج عرفت أنه ( برتقال )
وظلتا تتحدثان مع بعضهما ويقلبان في الهاتف تارة يشغلنا موسيقى وتارة يريان بعضهما الرسائل
ألتفت لهما وبدأ الحوار الفوضوي مثلي :
أنا : السلام عليكم
هما : عليك السلام
أنا : ما رأيكما لو تنضمان لي على طاولتي ؟
هما : واحدة ترددت والآخرى قامت إلى طاولتي مباشرة
لحقت بها الآخرى بعد ألحاح صديقتها عليها
أنا : د.ضيف الله / من السعودية
الأولى : أنا ( س ) من سطات
الثانية : بعد ضحكة جميلة : أنا أيضا ّ ( س ) من سطات
( من المفارقات العجيبة أن كلتا الفتاتين يحملان نفس الاسم )
كانتا صديقتان في نفس الكلية مع اختلاف التخصص
( س ) 21 سنة كلية الحقوق
( س ) 22 سنة كلية الاقتصاد
( سأضع أرقام لكي لا يختلط عليكم الاسم )
( س . الحقوق ) و ( س . الاقتصاد )
( س . الحقوق )
فتاة جميلة جدا ًجدا ً كأنها قطعة من القمر
خجولة / أنيقة / ضحكتها تشق السماء لنصفين من فتنتها
( س . الاقتصاد )
فتاة جريئة / ضحوكة ، عيناها كأنهما كوكب دريّ
تحدثنا طويلا ً عن كل شيء نعرفه
أبتدأ من المغرب والطقس والمستقبل والحياة والسعودية والناس والعالم
( س . الحقوق ) كانت رسمية بعض الشيء معي حتى في حديثها
كانت تتكلم بثقة كأنها خيل عربية أصيلة تعرف قيمة جمالها وفتنة صهيلها
( س . الاقتصاد ) كانت جريئة وتتحدث معي كأنها تعرفني منذ زمن
وكانت تشاكس ( س . الحقوق ) وتغيضها أحيانا ً بالكلام حين كنا نتحدث سويا ً
حتى أصبحنا أثنان ( أنا و س . الاقتصاد ) ضد ( س . الحقوق )
كانت تعلو ضحكاتنا في المقهى الذي بلغ عدد زواره 5 طاولات فقط مليئة والباقي فارغة
كان الحديث بيننا أشبه بتجمع ثقافي مع عرض أزياء ومسابقات ملكات العالم في آن واحد
كل واحدة منهن تظهر ثقافتها وجمالها وأصالتها ويتشاكسان وأنا صامت أبتسم
كنت أعرف أنهما صديقتان وفيات لبعضهما وهذا واضح
أخبرتهما أن الصداقة عملة نادرة في هذا الزمان المليء بالمصالح الكاذبة
س.الحقوق : ماذا تعمل ؟
أنا : لماذا ؟
س . الحقوق : كلامك مرتب كأنك في محاضرة ، وضحكت
أنا : شاعر وصحفي
س . الاقتصاد : نظرت لي نظرة غريبة وابتسمت
قاطعتها : س . الحقوق : وكلامك ؟
أنا : ماذا فيه كلامي ؟
س . الحقوق : عنيد ، وضحكت
أنا : دكتوراه في الأدب الرومانسي
( طبعا أنا حاصل على الدكتوراه في الأدب الرومانسي من بريطانيا 2014 م )
س . الاقتصاد : واضح واضح ، وقذفت بقطعة سكر على س . الحقوق
س . الحقوق : كم عمرك ؟
أنا : ؟ أكبر منك ، وابتسمت
س . الاقتصاد : غيرت دفة الحوار : كيف المغرب ؟
أنا : جميل بي
س . الحقوق : متعلم ومثقف ومغرور ، مصيبة ، وضحكت
كان الوقت يمضي ونحن لا ندرك ذلك ولم ننتبه له
إلا حين قالت ( س . الحقوق ) مرت 3 ساعات ونحن هنا ، سأغادر للمنزل
أشارت ل ( س . الاقتصاد ) بذلك وقررتا المغادرة
بضحكة جميلة ودعتني ( س . الحقوق ) وغادرت فورا ً
بعدها بدقيقة تقريبا ً قامت ( س . الاقتصاد ) بطلب السماح لها بالمغادرة
قلت لها : بشرط
قالت : وهي تبتسم : تفضل
قلت : أن تقبلي أنت ِ وصديقتك دعوتي للغداء غدا ً أو العشاء الليلة معي
خجلت من طلبي وقالت : موافقة وهي تضحك
تبادلنا أرقام الهاتف على أمل التواصل مع بعضنا لتحديد المكان والزمان
صافحتني وصافحتها كأنني صافحت القدر الجميل
قبل أن تغادر قلت لها : سلمي على قاسية القلب ( أقصد س . الحقوق )
ضحكت بصوت عالي وقالت : حاضر
صرت وحدي ( كالعادة ) في المقهى وطلبت كوب قهوة ثاني
رشفته على مهل وتأملت هذا اللقاء الغريب الجميل ورحت أفكر :
كيف حدث ذلك وأنا قررت أن أغادر هذه المدينة ؟
كأن القدر يقول لي : أنت هنا ولن تغادر
بعدما فرغت من القهوة إذا برسالة ( وتساب ) تقول : Hi عرفتني ؟
قلت : لا
قالت : ( س . الحقوق )
ضحكت وقالت : انا لست قاسية القلب يا مغرور
ضحكت وقلت : أعرف ذلك ولكني فوضوي احب الفوضى وأثارت مشاعرك
سألتها : من أين لك رقمي ؟
قالت : من صديقتك ( قالتها وضحكت بعدها )
قلت : ستظلين قاسية في نظري حتى يظهر العكس ، وضحكت
قالت : ولن أتغير عناد فيك ، وضحكت
كنت أتخيل وجهها الجميل وضحكتها الفاتنة من خلف الهاتف
كطفل يركض خلف الفراشات في فصل الربيع
قالت : أنا وصلت المنزل وسأنام وحين أصحو سأتحدث معك
قلت : نامي في طمأنينة ولا تنسي أن تفكري بي لتكون أحلامك سعيدة ، وضحكت
قالت : مغرور
قلت : معك فقط
دفعت الفاتورة ونهضت لمغادرة المقهى والعودة للفندق ومن ثم لمحطة القطار
،
كنت غريبا ً ، هاهنا
فقال القدر : لا ، لست غريب
هنالك حب ينتظرك
ــ في كتاب حياتك ــ
ومنك قريب
أنا ما حسبت حساب للأيام
ولا للوقت الفاقد للحنان
لكن قلبي لا يغيب
عن العاطفة والأشواق
رغم أن القدر شيء غيب
لا يعلم المرء نهايته أين تكون
لكن عيناها قالتا :
هنا الداء والطبيب
سلام على ( سطات ) وأهلها
حمامتان طارتا في الأفق
وأستقرتا في قلبي الخصيب
،
للجمال بقية ...
"
__________________
،
تخلّيت عن إنسانيتي
فأصبحت ملائكي يُقبّل تراب القمر
.... وأحبك ِ أكثر
ضيف
:
التعديل الأخير تم بواسطة د.ضيف ; 2016-10-04 الساعة 06:52 AM