،
( الجزء الأخير )
وإنك ِ الحياة
يُغنّي القلب للشوق أنشودة :
هي الذكريات : هي الأمنيات
هي الأمس والحاضر : هي الآت
طارت حمامات الحلم لسماء الحب
طارت قُبلات
غريبان ِ جمعهما القدر
ـ في أرض غريبة ـ
فأنشأ الوطن بأرض ( سطات )
استيقظت من غفوتي في تمام الساعة 11 والربع
لم أبرح السرير فظللت أقلّب في نفسي الحديث والاتصال والكلمات
شعرت برغبة جامحة لشرب كوب قهوة ، كنت أشعر أني بحاجة لصوتها
قمت بالاتصال بها فورا ً ، لم أدرك أنها كانت نائمة ، لم تجب على الاتصال
نهضت من سريري كعصفور يريد التحليق لأي مكان
بدلت ملابسي ونزلت للاستقبال ومنه للمقهى المجاور
وجدته على وشك الإغلاق ، طلبت كوب قهوة ، حضر الكوب
كان الشارع خالي إلا من ذكرياتها والريح يتيمة بلا صوتها وعطرها
فرغت من القهوة ومع كل رشفة أسأل :
هل سأعود حقا ً لهذا المكان ؟
عقلي يقول : نعم
قلبي يقول : نعم نعم
دفعت فاتورة القهوة ولم أشأ العودة للفندق فقمت بالمشي قليلا ً
كان الصمت يعم المكان وأضواء المنازل من خلف النوافذ تحاورني :
يا غريب كيف أنت الآن ؟
أنا بخير وأنت ِ ؟
لا جواب
يا حبيب كيف أنت غدا ً ؟
ليس بخير وأنت ِ ؟
لا جواب
حتى ظلي أقلقني بالسؤال والعتاب :
لماذا لا تبقى ليلة أو ليلتين ؟
ماذا سيضر لو بقينا ؟
هناك من ينتظرك وتنتظره
أجبته : رحلتنا مؤكدة بعد 6 ساعات
وفي ضباب الأسئلة وضياع الإجابة عدت للفندق
وجدتهم أغلقوا الأبواب من الداخل ، ناديت ، خرج الحارس العجوز بابتسامة وفتح الباب
اعتذرت منه على الإزعاج فأشار لي : لا مشكلة
صعدت للغرفة ، استلقيت على السرير ومسكت الجوال أفتش به
قمت بأرسال رسالة لها :
السلام عليكم
أعتذر عن أزعاجك في هذا الوقت كنت أتمنى أن أجدك مستيقظة
سأغادر ( سطات ) الساعة 6 صباحا ً
وسأكون في المطار حتى قبل الرحلة الساعة 10 صباحا ً تقريبا ً ، أتصلي بي
قمت بترتيب حقيبة السفر قبل أن يحضر السائق في الساعة 6 صباحا ً
السائق ( أدريس )
رجل من ( سطات ) طيب كأهلها ، كريم كشوارعها وصادق كنسائها
أخذ مني ترتيب الحقيبة تقريبا ساعة ونصف للتأكد من أن كل شيء على ما يرام
أخذت شور ، أرتديت بدلة السفر وأنتظرت السائق
على جمر أنتظر
على موت ..
والإنتظار عذاب
كالذي ينتظر إعدام
كان الغرام ، نائم
كنت المشتاق ، لا ينام
أحلامك ِ سعيدة يا ست البنات
يا كل الأحلام
دقت الساعة 6 صباحا ً ، لم يحضر السائق
نزلت للأستقبال لأنهاء أقامتي وقمت بالأتصال به ، لم يجب
بعد 4 دقائق حضر السائق لباب الفندق
ودّعت الفندق والأخوة في الأستقبال على كرم ضيافتهم لي وشكرتهم
أنطلقان أنا والسائق ( أدريس ) نحو المطار
كانت الشمس غائبة ولم تطلع بعد ، فظلت أن أكون مبكرا ً في المطار تحسبا ً لأي طارئ أو عثرة تحدث هناك
أخذنا الحديث أنا و ( أدريس ) عن سبب زيارتي للمغرب وأين ذهبت وكيف كانت
كان رجل بسيطا ً جدا ً وصادق وواعي ومؤدب
متزوج ولديه ابن بعمر 12 سنة تقريبا ً وزوجته تعمل سكرتيره بأحد الشركات
كان راضي عن حياته وهذا القناعة كنز لا يعرفه أهل الطمع والجشع
أخبرته أني أريد تناول الفطور وكوب قهوة فأشار لي المدينة القادمة ( برشيد )
مررنا بهذه المدينة وقد حان موعد ذهاب الطلاب للمدارس والجامعات والأعمال
كانت كخلية النحل من كثرة الحركة والسيارات والباصات
وجدنا مقهى على الشارع تماماً ، كان الجو رائع وبارد ومنعش
تناولنا الفطور وكوب قهوة أنا وهو سويا وتحدثنا عن ( برشيد )
وكيف أن هذه المدينة هي المقصودة بالمثل الدارج ( ... برشيد يداوي )
مازحته ضاحكا ً : الحمد لله زرت سطات ( سطات تسطي ) وتداويت في برشيد ( برشيد تداوي )
أنطلقنا للمطار ، كان الجوال صامتا ً ولم تتصل ( س.الحقوق )
وصلنا للمطار دفعت للسائق ( أدريس ) أجرته ودخلت المطار
كان المطار شبه خالي ( ربما لأنه الصباح الباكر )
كان التفتيش وكل شيء ميسر ( عكس ما يروج له البعض من وجود مضايقات )
ظللت عند بوابة الأقلاع لأنتظار الرحلة
وأنا أقلب في هاتفي إذا بشخص يسلم علي :
ضيف ؟
وش جابك ؟
أنا كنت هنا منذ 14 يوم تقريبا ًوأنت ؟
أنا لي 14 يوم لكني في ( أغادير )
طبعا من محاسن الصدفة أن هذا الشخص صديق وزميل عمل
أخذنا نتحدث عن الرحلة وما شاهدته وما فعل و ... و ..
حان موعد صعود الطائرة ، وقلبي يخفق بشدة ويدي ممسكة بالهاتف ، لا أتصال ولا رسالة
سرت صوب الممر المؤدي لباب الطائرة وأنا أنظر للخلف وأتحسر على عدم سماع صوتها قبل الرحيل
كان التفتيش دقيقا ً ومعقدا ً جدا ً جدا ً( من جانب الخطوط السعودية )
حتى أني أخذت وقت أكثر من الذي أخذته من تفتيش وجمارك المغرب بمرتين
جلست على مقعدي وأنا أنظر لهاتفي النظرة الأخيرة علها تتصل أو ترسل رسالة
حان موعد الأقلاع ، أغلقت هاتفي بعد فقدان الأمل ، قاسي ذلك
أكملت حديثي مع صديقي وكان يحدثني عن ( أغادير ) بشغف ولهفة
سألته : كم مرة ذهبت للمغرب ؟
قال : 7 مرات ، كلها ( أغادير )
أدركت أن ( أغادير ) إدمان من نوع فاخر ، ربما
حاولت أن أنام قليلا ً لكني لم أنم ( لا أستطيع النوم في الطائرة أو السفر )
أخرجت ورقة وقلم وكتبت آخر قصيدة لي في المغرب :
لا تحزن ، يا قلب
هكذا قال القدر
كنّا هناك ، سويا ً
وها نحن سويا ً في السفر
تلك الجميلة صارت لنا
وطن ، كنّا غرباء
فصرنا أصدقاء
جسدان ِ والحب مقر
تلك الأصيلة ملاذنا
طريقنا للحياة السعيدة
فلا تبكي ، لا تضجر
سنعود ، ذات يوم ، سنعود
لتقول لها : أحبك ِ
وأنا أقول : أحبك ِ أكثر
سنعود ، يحملنا الشوق
لعينين مغربيتين
وابتسامة المطر
سلام يا ( ..... ) أينما كنت ِ
وعلى قلبك ِ الصادق طمأنينة
وجهك ِ الملاك قبلة
وثغرك ِ محراب السكينة
سنلقاك ِ ما دام العمر باقي
سنلقاك ِ ، طال الزمان أو قصر
وصلت لمدينة جدة مساء وكان في أستقبالي ( زوج أختي )
أخبرته أني أريد العودة لمنزلي ولا أريد أن أرى أحد
عدت للمنزل ووضعت الحقيبة جانبا ( ظلت الحقيبة مغلقة كما هي لمدة شهر كامل )
فتحت الجوال ( الشريحة المغربية ) فوجدت رسالة وتساب من ( س.الحقوق ) :
آسفة كنت نائمة ، سامحني ، كنت أتمنى أكلمك قبل السفر ، طمني اذا وصلت
قمت بالرد عليها :
وصلت وما وصلت
وصل جسدي فقط لكن روحي وقلبي تركتهما في صندوق الأمانات في فندق ( سطات )
انتهى التقرير
ملاحظات :
1 / كل ما كتب في هذا التقرير حقيقي وحدث
2 / سطات ليس مدينة سهر فلا ديسكو ولا مرقص ولا خلاف ذلك
3 / إن لم تكن تعرف أحد في سطات فلا تأتي لها لأنها لن تروق لك خاصة أهل السهر كما أشرت سابقا ً
4 / جمال سطات في أهلها والبساطة التي هم عليها
5 / مازلنا نتواصل أنا و ( س. الحقوق ) و ( س. الأقتصاد ) على الوتساب
بين الفترة والفترة نتجاذب أطراف الحديث ونضحك على المواقف التي دارت بيننا
تم الأنتهاء من هذا التقرير في تمام الساعة 8 صباحا ً ليوم 1 / 1 / 2017 م
لكم حبي وتقديري واحترامي
د.ضيف ( ضيف الله )
"
__________________
،
تخلّيت عن إنسانيتي
فأصبحت ملائكي يُقبّل تراب القمر
.... وأحبك ِ أكثر
ضيف
:
التعديل الأخير تم بواسطة د.ضيف ; 2017-01-01 الساعة 08:11 AM