" هل يهرب زوج من بيته لو كان سعيداً مع امرأته ؟! " أخذت هذه الكلمة ترن فى أذنها بعدما سمعتها من أمها ، لكم شكت لها من زوجها ، من جلوسه النادر فى المنزل وكثرة خروجه منه ، ما بين أصحابه ليلاً وعمله نهاراً وسويعات يقضيها فى البيت طالباً الطعام والقيلوية لا غير ، لقد وعت الكلمات جيداً وعلمت أنها بيدها هى لا بيد غيرها .
ويؤكد خبراء الحياة الأسرية ما وعته الزوجة الطيبة من أن هروب الزوج من البيت، وقضاء معظم أوقات فراغه في الاستراحات أو في لقاءات مع الأصدقاء يرجع إلى الزوجة في المقام الأول ، وينصح الخبراء هؤلاء الزوجات بمحاولة جذب أزواجهن إلى البيت، ويكمل د . تامر جمال - عضو الجمعية العالمية للصحة النفسية فى نفس السياق فيقول : " هناك سببين لاختفاء الزوج من بيته ، الأول: أن يكون بسبب طبيعة العمل والرغبة في زيادة الدخل أو تحسين مستوى المعيشة له ولأسرته ، والثاني: يرجع إلى الزوجة نفسها، وهنا تشير الدراسة إلى مسؤوليتها بنسبة 90% لما تحمله من « عوامل تطفيش » تجعل الزوج يلجأ إلى أي وسيلة تساعده على البقاء بعيداً عن بيته" .
أفكار يعود بها إلى البيت
ودعينى أيتها الزوجة الطيبة نذكر بعض الأفكار العملية التي جمعتها لك من أخوة فضلاء كتبوا فى هذا المجال ، أسأل الله أن تكون نافعة لك فى أمر زوجك :-
• عند عودة زوجك من سهرته لا تقابليه ـ كما تقابلينه في كل يوم ـ بوجه عابس ؛ ففي هذه الحالة سيزداد بغضاً لك ولبيته، ولن تفلح معه مناقشاتك المتكررة بنفس الأسلوب .
• وفري له المكان المناسب للجلوس فى بيتك .
• احرصي على الروائح الطيبة في البيت .
• ضعى في اعتبارك أن زوجك ضيف ولابد أن تكرميه بما تملكين حتى يطول جلوسه معك .
• احذرى أن تستقبليه بالحديث عن المشاكل وما حصل من أحداث سيئة خاصة .
• شاركي زوجك في هواياته وشجعيه وإن لم تستطيعي فأتيحي له الفرصة لأن يمارس الهواية التي أحبها .
• لماذا لا تقترحى عليه أن يحضر أصدقاءه في المنزل، وأعدى لهم طعاماً شهيـاً ، فشعورك أنه فى المنزل يخفف كثيراً من الضغط النفسى عليك .
• اجتهدى أن تظهري له كل حب واحترام فهذا يشعره بالمتعة ويسعده حتى لو لم يعبر عن شعوره .
• جميل أن تعطيه بطاقة دعوة – تصنعيها بنفسك – لحفلة صغيرة على العشاء وأطهي له ما يحب من الطعام واعملي برنامجاً ثقافياً ممتعاً، كأن يقوم كل طفل بــدور، فأحدهم يقرأ من القرآن والآخر ينشد قصيدة وغيره يعمل مسابقات .
• إذا كان أطفالك في سن يستطيعون التعبير عن آرائهم فحبذا لو تحدثينهم عن والدهم وتحثينهم على أن يطلبوا منه البقاء بجانبهم لأنهم مشتاقون إليه ويحبونه
وقبل كل هذا أنصحك بأن تحتسبي الأجر في كل ما تفعلينه وتذكري أنك مأجورة بإذن الله على ذلك .
الأبناء هم فلذة الأكباد، وهم أمانة في أعناق الآباء قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال:27-28].
ومن الأمانات التي لا يجوز خيانتها رعاية الأبناء، فالآباء يُسألون عن رعايتهم لأبنائهم إن أحسنوا أو أساءوا لقوله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»(1).
وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيّعه حتى يسال الرجل عن أهل بيته»(2).
وهم زينة للآباء في الدنيا وذُخر لهم في الدار الآخرة قال الله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف:46].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الولد ثمرة القلب، وإنه مجبنة، مبخلة، محزنة»(3).
قال المناوي: "قيل للولد ثمرة لأن الثمرة ما تنتجه الشجرة والولد ينتجه الأب، وإنه مجبنة مبخلة محزنة أي: يجبن أباه عن الجهاد خشية ضيعته عن الإنفاق في الطاعة خوف فقره، فكأنه أشار من النكول عن الجهاد والنفقة بسبب الأولاد بل يكتفي بحسن خلافة الله فيقدم ولا يحجم"(4) ا.هـ.
وأما أنهم ذُخر في الآخرة، لأن الآباء إذا أحسنوا رعاية الأبناء صاروا بمشيئة الله صالحين، والصالح يذر لوالديه بالأجر والدعوة الصالحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»(5).
وهم مرآة لأخلاق وسلوك الآباء والأمهات في غالب الأحوال، فالأبناء يتأثرون بالآباء والأمهات لقوله صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة، حتى يعرب عنه لسانه، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه أو يمجسانه»(6).
فهذه عشرة معالم معينة على تحقيق رعاية الآباء للأبناء وقد دفعني إلى تقديمها:
أولاً: لما لتربية الأبناء من أهمية عظيمة في صلاح المجتمع المسلم.
ثانياً: لما نلحظه من إهمال وتسيّب من قبل بعض الآباء والأمهات إما لجهلهم وإما لانشغالهم عن أبنائهم ولم يجعلوا تربيتهم جزءً من عملهم وضروريات حياتهم، وإما لسوء أخلاقهم وعصيانهم.
فواجب على الآباء حسن رعاية الأبناء، وتسهيلاً لهذه المهمة العظيمة فإني أضع بين يدي الآباء هذه المعالم المعينة لتحقيق حسن الرعاية.
ثالثاً: استجابة ومشاركة للأسبوع الدعوي الذي يقيمه المجلس الدعوي بمدينة الشحر حول رعاية الآباء للأبناء، تحت عنوان تربية الأولاد فن وعبادة من الجمعة 11/ ربيع الأول/ 1433هـ إلى الجمعة 18/ ربيع الأول/ 1433هـ.
وهذه المعالم كالتالي:
المعلم الأول: صلاح الأبوين
"فإن صلاح الأبوين صلاح للأبناء في الغالب كما قال ابن كثير رحمه الله تعالى(7) عند قوله تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا}.
إن الرجل الصالح يُحفظ في ذريته وتشملهم بركة عبادته في الدنيا والآخرة بشفاعته فيهم ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة لتقر عينه بهم" ا.هـ.
المعلم الثاني: الاستعانة بالله والاعتماد عليه ودعاؤه الذرية الصالحة
فالله جل جلاله خير معين، وخير حافظ ووكيل، فليُطلب العون منه ويتوكل عليه ويُسأل، فقد دلنا سبحانه على أخلص دعاء وأجمعه في صلاح الذرية فقال حاكياً عن عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان:74].
المعلم الثالث: الأخذ بالأسباب الصحيحة والشرعية في صلاح الأبناء
ومن هذه الأسباب:
أولاً: حسن الاختيار لكل من الزوجين
فالرجل يختار ذات الدين، والمرأة تختار صاحب الدين والخلق، امتثالاً لتوجيهات وإرشادات النبي صلى الله عليه وسلم والتي منها: قوله صلى الله عليه وسلم: «تخيّروا لنطفكم فانكحوا الأكفاء، وانكحوا إليهم»(8).
السبب الثاني: الذكر الوارد عند الجماع
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما لو أن أحدكم يقول حين يأتي أهله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ثم قدّر بينهما في ذلك أو قضي ولد لم يضره الشيطان أبداً».
وقوله: «حين يأتي أهله» أي: للجماع.
السبب الثالث: العقيقة عن المولود
وهي ما يذبح عن المولود ولو مات بعد ولادته للذكر شاتان وللجارية شاة لحديث سمرة رضي الله عنه وغيره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الغلام مُرتهن بعقيقته تذبح عنه في اليوم السابع، ويحلق رأسه ويُسمى»(9).
السبب الرابع: حسن تأديبهم وتعليمهم
فيعلمهم العقيدة الصحيحة ويغرسها في قلوبهم ومن ذلك التعلق بالله والاعتماد عليه والالتجاء إليه وعبادته خوفاً ورجاءً ومحبةً كما يعلمهم ما يصحح به عبادتهم لربهم وكذلك الآداب الحسنة ويجعل قدوتهم في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وخير القرون وهم الصحابة والتابعون وتابع التابعين لهم.
وبعنايته بتعليمهم وتأديبهم يحفظهم من الضياع ويجلب لنفسه الأجر ويجنبها من الإثم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يعول»(10).
فإذا كان في ضياعهم الإثم، فإن في حفظهم ورعايتهم الأجر والثواب.
المعلم الرابع: الإحساس بعظم المسؤولية عليهم
فالإحساس بالمسؤولية يدفعه إلى عدة أمور منها:
الأول: توفير لهم ما يحتاجونه حسب المستطاع
فلا يسلمهم إلى الناس فيُذَلُّون أو يساقون إلى انحراف.
فجانب الملاحظة والمراقبة والتقويم مهم جداً في رعاية الأبناء ومن خلاله يصلح اعوجاجهم ويتدارك أخطاءهم قبل أن تتقوى وتستفحل.
الأمر الرابع: أن يقيم فيهم مبدأ الثواب والعقاب
وهذا الأسلوب من أساليب الكتاب والسنة وهو أسلوب الترغيب والترهيب، وأن يكون الثواب والعقاب لكل فئة عمرية بحسبها ويتّبع في ذلك الأساليب التربوية والتي لا تتعارض مع الشرع الحنيف.
فيترفّع عن اللعن أو التقبيح أو ضرب الوجه أو الألفاظ البذيئة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء»(11).
وقوله صلى الله عليه وسلم: «الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة، والبذاءة من الجفاء، والجفاء في النار»(12).
الأمر الخامس: التفاعل والانفعال في عملية التربية بين الآباء
وهم جهة الإرسال والأبناء وهم جهة الاستقبال، فما لم تقم التربية عليه أي: التفاعل والانفعال تصبح عملية ميتة لا روح فيها ولا حياة وهذا الأمر هو المهم في الإحساس بالمسؤولية عليهم.
الأمر السادس: أن يحفظ سمعهم وأبصارهم وألسنتهم وجميع جوارحهم من كل سوء وإلا كان مضيّعاً لهم
فمن الآباء والأمهات من يجلب لأبنائه الويل والدمار والفساد حتى يصدق عليه أنه ديّوث، والديّوث لا يدخل الجنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يدخلون الجنة أبداً الديّوث، والرّجُلة من النساء، ومدمن الخمر»(13) والديّوث: هو الذي يرضى بالخبث في أهله.
المعلم الخامس: أن تكون التربية هي القائد الحقيقي للإصلاح
فالتربية هي العمل بمختلف الأساليب والوسائل التي لا تتعارض مع شرعة الإسلام على رعاية الإنسان وتعهده حتى يصير سيداً في هذه الأرض سيادة محكومة بالعبودية التامة لله رب العالمين(14)، وهي أداة التغيير الكبرى وأثرها عظيم، وهي الخصيصة المثلى للأبوين في حقهما على الولد بعد سبب الإيجاد كما قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23-24].
قال السعدي رحمه الله: "أي أدع لهما بالرحمة أحياءً وأمواتاً، جزاءً على تربيتهما إياك صغيراً.
وفُهم من هذا أنه كلما ازدادت التربية ازداد الحق، وكذلك من تولى تربية الإنسان في دينه ودنياه، تربية صالحة غير الأبوين، فإن له على من رباه حق التربية"(15) ا.هـ.
فالتربية لا يستغني عنها الأبوان المريدان صلاح الأبناء إذا استوعبت جميع مجالاتها الثلاثة:
المجال الأول: تربية الجسد
وتكون بتوفير الغذاء والكساء والمسكن للأبناء من كسب حلال والعناية بالصّحة والنظافة والنشاط.
المجال الثاني: تربية للقلب
وتكون بتغذيته بالإيمان والاعتقادات الصحيحة فلا يكن تعلّق بغير الله ولا تعلّق بخرافة أو بدعة.
المعلم السادس: أن يعطي المربي للأبناء كل مرحلة حقها من التوجيهات والنصائح
وهي عبارة عن ثلاث مراحل:
المرحلة الأول: هي مرحلة الطفولة دون سن التمييز
وهي غالباً ما دون الخامسة أو السادسة أو السابعة وضابطها أن لا يحسن معرفة الخطاب ولا رد الجواب.
المرحلة الثانية: وهي مرحلة الطفولة في سن التمييز
وهي ما دون البلوغ وضابطها أن يعرف الخطاب ويرد الجواب، وهي من السابعة غالباً وما فوق.
المرحلة الثالثة: هي مرحلة بلوغ الحلم
وهي مرحلة التكليف وتعرف بالعلامات نزول المني، ظهور شعر العانة، الحيض عند الأنثى، أو بلوغ الخامسة عشر، وحقها من التوجيهات النصائح:
أولاً: العناية بقلب الفتى بإصلاحه بالأمور التي تصلح القلب فمن ذلك الحض على قيام الليل، وتذكيره بأمور الآخرة وذكر الجنة والنار.
ثانياً: التمسك بالكتاب والسنة فهما العاصم من كل زيغ وفتنة وانحراف، وبيان له الأفكار التي تدس المخالفة للكتاب والسنة.
ثالثاً: الحوار والإقناع.
رابعاً: الوعظ مع بيان العلّة والحكمة.
خامساً: الاقتراب والمصادقة بحيث تكون العلاقة قائمة على الاحترام والتقدير.
سادساً: تنظيم له دورة في الطهارة تكون في المسجد أو غير المسجد للبالغين لأن الفتى والفتاة يحتاجان إلى حديث خاص عن أحكام الطهارة.
سابعاً: الرفق والرحمة وعدم الإثقال في التعليم.
ثامناً: إدخاله في مجتمع الرجال، فببلوغه صار رجلاً فينبغي أن يُقبل في مجتمع الرجال أو يخاطب مخاطبة الرجال وكذلك الفتيات يدخلن مجتمع النساء.
تاسعاً: الإشراك الفعلي في تحمّل المسؤولية.
عاشراً: مراعاة الرغبة والإقبال في التوجيه إلى العلم والمعارف والمهن.
المعلم السابع: التطاوع والتقارب بين الأبوين وخاصة في حضرة الأبناء
فالانسجام بين الأبوين له أثر عظيم بعد مشيئة الله لدوام العشرة بينهما وحسن رعايتهما لأولادهما، لأن الخلاف بينهما، يمزّق كيان الأسرة ويشتتها، كما إنه إذا ظهر أمام الأولاد يدفعهم إلى التمرد والعصيان أو الإصابة ببعض الأمراض النفسية، ولذلك جعل الشرع الهجر لتأديب الزوجة في المضجع فقط فقال عز وجل: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء:34].
وفي السنن والمسند عن معاوية بن حيدة القشيري أنه قال: «يا رسول الله ما حق امرأة أحدنا عليه قال: أن تطعمها إذا أطعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبّح، ولا تهجر إلا في البيت».
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "الهجر هو أن لا يجامعها ويضاجعها على فراشها ويوليها ظهر" كذا قال غير واحد(17).
المعلم الثامن: أن يظهر الأبوان حبهما لأبنائهما من غير مبالغة
لا شك أن الأبناء لهما حب في قلبي أبويهما، ولا ينبغي إخفاء ذلك الحب بل ينبغي أن يشعر به الأبناء، حتى يبادلوا أبويهما ذلك الشعور، ولكن ذلك باعتدال من غير إفراط، لأن الإفراط في الحب يعمي صاحبه ويحول بينه وبين التربية الصحيحة، كما لذلك أثر سيئ على الأبناء حيث يبعث فيهم ألاّ مبالاة وكذا ضعف الهيبة للأبوين ولأوامرهما، بل قد يبلغ الأمر إلى فرض أوامرهم عليهما.
أولاً: احترامهم وتوقيرهم وعلى وجه الخصوص في حضرة غيرهم.
ثانياً: السلام عليهم إذا دخل وهم جلوس.
ثالثاً: بذل الهدية لهم وتتأكد إذا اتصلت بمناسبة لمجيء من سفر أو نجاح أو نحو ذلك.
رابعاً: الثناء عليهم فيما فعلوا من أمر معروف وخير ويكون عند الأسرة وكذلك عند أصحابهم لأن الثناء له أثر على النفوس إذا كان حقاً.
خامساً: تفقّد أحوالهم وصحتهم ومتابعة علاجهم إذا مرضوا.
سادساً: اصطحابهم للنزهة والمناسبات والمسرات والجمع والأعياد وفي الصلوات.
سابعاً: الاعتناء بمصالحهم وإقناعهم بها.
ثامناً: إشراكهم في المشاريع الأسرية.
وكل ما ذكرناه يحقق بإذن الله الأمر الذي أردناه وهو تبادل مشاعر الحب بين الآباء والأبناء وهذا من أعظم المكاسب في تربية الأبناء، فنسأل الله أن لا يحرمنا من الحب لأبنائنا ومن حبهم لنا.
المعلم التاسع: منح الآباء الأولاد الثقة
لا يمكن للآباء اكتشاف مهارات وقدرات أولادهم ما لم يمنحوهم الثقة مع المتابعة والملاحظة بحسب فئاتهم العمريّة، ومن الخطأ الذي يرتكبه بعض الآباء والأمهات الحجر على الأبناء في القيام ببعض المهام الأسريّة في التربية بما يتناسب مع جنسهم ذكوراً و إناثاً، ولا يستعجل كل من الأبوين النتائج السليمة في بداية خطوات منح الثقة بل يجعلانهم يتصرفون بحسب عقولهم بعد توضيح لهم المهمة والفكرة والعمل، ومن الطبيعي أن تكون النتائج الأوليّة في الغالب متدنية ولكن بالتشجيع وتجدد الثقة تتحول النتائج إلى مقبولة ثم تكون نتائج مرضية.
المعلم العاشر: دفعهم إلى المخالطة باعتدال ومنعهم العزلة التامة
فالأولاد دون التمييز وبعد التمييز لا يستغنون عن مخالطة أقرانهم في الشارع وفي المدرسة وفي المسجد ومنعهم من ذلك له آثار سلبية سيئة من عقد نفسية وانطواء وعزلة عن الناس ولا يعني ممارسة هذا الحق لهم تركهم من غير ملاحظة ومراقبة وتوجيه بل يتطلب هذا الأمر جهداً كبيراً وذلك بالقيام بغسل كل ما يجلبه الأطفال من الشارع خاصة وكذا المدرسة إذا لم تكن مدرسة تربوية تعليمية، وهذا الغسيل يجعل الأولاد قادرين على التغلّب بإذن الله على كل خلق سيئ ومواجهته بالخلق الطيّب، والتمييز بين الحق والباطل حتى لا يُغرر بهم فينخدعون.
وختاماً أيها الآباء:
فتلك عشرة معالم في تربية الأبناء، فانظروا فيها نظر راغب جاد لا نظر عابر غير راغب في ازدياد، وأن ما ذكرته في تلك المعالم متيسّر سهل إذا وجد.
أولاً: القناعة بما ذُكر في المعالم.
ثانياً: الرغبة والاستعداد.
ثالثاً: العزيمة الصادقة.
رابعاً: الجدّية في التطبيق.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم لي ولكم التوفيق والسداد والصلاح وأن يصلح بنا ويجعلنا وإياكم صالحين مصلحين ويقر أعيننا بصلاح أولادنا أجمعين ويجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين ويجزي خيراً من كتب وانتفع ونشر أو أعان على النشر.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
------------------------
(1) رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنه.
(2) رواه النسائي وصححه الألباني في صحيح الجامع.
(3) رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها.
(4) انظر فيض القدير 6/ 378.
(5) رواه مسلم عن أبي هريرة.
(6) رواه الطبراني عن الأسود بن سريع، وصححه الألباني في صحيح الجامع 4559.
(7) انظر تفسير ابن كثير عند تفسيره لسورة الكهف.
(8) رواه ابن ماجه والحاكم والبيهقي عن عائشة، وصححه الألباني في صحيح الجامع 2928.
(9) رواه أبو داود وغيره.
(10) رواه أحمد وأبو داود والحاكم والبيهقي عن ابن عمر وصححه الألباني في صحيح الجامع 4481.
(11) رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد والحاكم عن ابن مسعود، وصححه الألباني في صحيح الجامع 5381.
(12) رواه الترمذي والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة، وصححه الألباني في صحيح الجامع 3199.
(13) رواه الطبراني عن عمار بن ياسر، وفي راوية الحاكم والبيهقي من حديث ابن عمر: «ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديهن والديوث، ورجلة النساء» والحديثان في صحيح الجامع 3062-3063 .
(14) انظر منهج أهل السنة والجماعة في قضية التغيير.
(15) انظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان.
(16) بتصرف من كتاب نحو تربية إسلامية راشدة من الطفولة حتى البلوغ تأليف محمد بن شاكر الشريف، وما بين القوسين من عندي.
(17) انظر تفسير ابن كثير .
تعريف المُعانقة:
قال ابن منظورفي «لسان العرب» (ج10/ص271): \"وعانقه معانقةً وعِنَاقاً التزمه فأدنى عُنقَه من عُنقه\"
وقيل كما في «معجـم لغة الفقهاء» (ص 438): \"بضم الميم من عانق وضع كلٌ من الرجلين ذقنه على كتف الأخر وعنقه على عنقه وضمه إليه بيديه\"
وقال الشيخ ابن عثيمين عن ذلك كما في«اللقاء الشهري (13) – ليلة (17) شهر بيع الثاني (1414هـ)»: \"المعانقة معناها في الأصل إلتقاء العُنقين فهي مأخوذة من العنق وهو أن يختلف عنق هذا وهذا\"
وقال المحدث عبد المحسن بن حمد العباد ضمن درسه «شرح سن أبي داود»: \"المعانقة كون الإنسان يُخالف بين عُنقه وعنق الأخر، بحيث يكون عنق أحدهم على عاتق الأخر\"
حكم المعانقة عند القدوم من السفر:
ذكر سعادة الدكتور عبد العزيز بن أحمد الجاسم [عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود- كلية التربية -قسم الدرسات الاسلامية] في بحثه: (السلام وأهميته في السنة النبوية) والذي نُشِر في «مجلة البحوث الاسلامية» (ج59/ص318): \"ان المعانقة لم يثبُت فيها حديث مرفوع صحيح\" وذكر في الهامش حديثين وضعف اسنادهما، وقال: \"وانما ثبُتت المعانقة عن بعض الصحابة\"
قلت: وفي كلامه نظر، فإنه صحيح لم يثبُت خبر مرفوع يأمر فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- بمُعانقة القادم من السفر، لكن ثبُتَ من فِعلِه -صلى الله عليه وسلم- أنه عانق بعضاً من أصحابه وهم قادمون من سفر، وقد قال ابن القيم في «زاد المعاد» (ج2/ص408): \"وكان يعتنق القادم من سفره\"
وجاء عن عون بن أبي جُحيفة عن أبيه [وهب بن عبد الله] قال: (لما قدِم جعفر بن أبي طالب من هجرة الحبشة تلقاه النبي -صلى الله عليه وسلم- فعانقه وقبل ما بين عينيه).
(إسنـاده صحيح) ... رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج2/ص108) (ح1470)، وفي «المعجم الأوسط» (ج2/ص287) ، وفي «المعجم الصغير» (ج1/ص40) (ح30) ، وابن أبي عاصم في «الأحاد والمثاني» (ج1/ص277) (ح364)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج13/ص174) ، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج9/ص271): \"رواه الطبراني في الثلاثة وفي رجال الكبير أنس بن سلم ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات\" ، وله شواهد كثيرة ذكرها الزيلعي في «نصب الراية» (ج4/ص254-255) وابن حجر في «التلخيص الحبير» (ج5/ص245-246) وفي «الدراية» (ج2/ص231-232) ، والشيخ الالباني في «السلسلة الصحيحة» (ج6/ص332) (ح2657) ، وحكم عليه بالصحة في «السلسلة الصحيحة» (ج6/ص332) (ح2657).
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (قدم زيد بن حارثة المدينة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فأتاه، فقرع الباب، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانا، يجر ثوبه، والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده، فاعتنقه وقبله).
(إسنـاده ضعيف) ... رواه الترمذي في «الجامع» (ج4/ص496) كتاب الاستئذان (باب ما جاء في المُعانقة والقُبلة) (ح2732) وقال: \"هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث الزهري إلا من هذا الوجه\" ، والطحاوي في «شرح معاني الأثار» (ج4/ص281) (ح6905) ، والبغوي في «شرح السنة» (ج12/ص290) (ح3327) ، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج18/ص360) ، وعـزاه في «كنز العمال» (ج10/ص569) (ح30262) للواقدي وابن عساكر، وفي «تحفة الأشراف» (م13/ص412) (ح16611) للترمذي ، وذكره ابن حجر في «فتح الباري» (11/68)، والنووي في «الأذكار» (ص)، وفي «رياض الصالحين» (ص)، وابن القيم في «حاشيته على سنن أبي داود» (ج14/ص85)، ونقلوا -ابن حجر والنووي وابن القيم- تحسين الترمذي وسكتوا عنه، وقال الذهبي في «ميزان الإعتدال» (ج4/ص407) \"منكر\" ، وضعفه الألباني في تحقيق «مشكاة المصابيح» (ج3/ص13) (ح4682)، وفي تحقيق «رياض الصالحين» (ص355) (ح896)، وفي «ضعيف الترمذي» (ص326)].
قال الشيخ ابن عثيمين في «شرح رياض الصالحين» (3/31) مُعلقاً على مُعانقة النبي -صلى الله عليه وسلم- لزيد بن الحارثة: \"الرسول قام يجر ثوبه فعانقه وقبله؛ لأن زيداً -رضي الله عنه- كان قادماً من سفر، فإذا كان عند القدوم من السفر فهذا لا بأس به\".
وقد ثبت عن الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم كانوا يتعانقون عند قدومهم من السفر فعن أنس -رضي الله عنه- قال: (كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا تلاقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا).
(إسنـاده حسن) ... رواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (ج1/ص37) (ح97)، وقال المنذري في «الترغيب والترهيب» (ج3/ص290) (ح4114): \"رواته مُحتجٌ بهم في الصحيح\" ، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج8/ص36): \"رجاله رجال الصحيح\" ، وحسنه الألباني في «صحيح الترغيب» (ج3/ص22) (ح2719)، وقال في «السلسة الصحيحة» (ح2647): \"اسناده جيد\" ، وقال الشيخ بن باز في «حاشيته على بلوغ المرام» (ح767): \"سند رجاله رجال الصحيح\" ، وقال أيضاً كما في «مجموع فتاوى ومقالات» (ج11/ص389): \"رواته مُحتجٌ بهم في الصحيح\"
وقال الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (ج6/ص338): \"له شاهد قوي للمُعانقة في السفر\"
وقال الشيخ عبد السلام البرجس آل عبد الكريم في رسالته «أحكام السلام» مُعلقاً على هذا الأثر: \"فدل هذا الأثر على أن الصحابة إذا لاقي بعضهم بعضاً اكتفوا بالمُصافحة ما لم يكن أحدهم قدِمَ من سفر ففي هذه الحالة يُعانقونه ويُقبِلُونه\"
ولما رحل جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- إلى عبد الله بن أنيس -رضي الله عنه- شهراً إلى مصر خرج عبد الله بن أنيس -رضي الله عنه- واعتنق كل منهما الأخر.
(إسنـاده حسن) ... رواه أحمد في «المسند» (ج25/ص432) (ح16042)، والبخاري في «الأدب المفرد» -مسنداً مرفوعاً- (ص 337) (ح970) ، وعلقه في «صحيحه» (ج1/ص40) كتاب العلم (باب الخروج في طلب العلم) ، والحاكم في «المستدرك» (ج2/ص475) (ح3638) وقال: \"صحيح الإسناد\" ، والبغوي في «معجم الصحابة» (ج4/ص67) (ح1605)، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج10/ص346): \"رواه أحمد ورجاله وثقوا\" ، وحسنه الألباني في «السلسة الصحيحة» (ج6/ص303).
وعن الشعبي أن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- (كانوا إذا التقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا).
(إسنـاده صحيح) ... رواه ابن أبي الدنيا في «الإخوان» (ج1/ص182) (ح126)، والطحاوي في «شرح معاني الأثار» (ج4/ص281) (ح6906)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7/ص100) (ح13353)، وفي «شعب الإيمان» (ج11/ص290)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (ج6/ص301)، وقال في (ج6/ص304): \"اسناده جيد\"
فهذه الأدلة الثابتة في السنة وآثار الصحابة تُفيد أن المعانقة للقادم من السفر مستحبة.
قال الطحاوي في «شرح معاني الأثار» (ج4/ص281): \"فهؤلاء أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد كانوا يتعانقون\"
وقال الشيخ عبد السلام البرجس آل عبد الكريم في رسالته «أحكام السلام»: \"الصديق إذا لقي صديقه اكتفى بالمصافحة -معى السلام- ويُستثنى من ذلك من قدم من سفر فإن المُعانقة مستحبة عندئذٍ\"
صور المُعانقة:
من التعريف السابق تبين لنا الصورة الصحيحة للمُعانقة وهي كما ذكر الشيخ ابن عثيمين: \" إلتقاء العُنقين وهو أن يختلف عنق هذا وهذا\"
لكن من المعلوم أن أكثر الناس تعارفوا على أن وضع الخد مع خد الأخر هي المعانقة فهل هذا الفعل صحيح؟
سُئل المحدث عبد المحسن بن حمد العباد ضمن درسه «شرح سنن أبي داود»:
السؤال: من المعلوم أن المعانقة في هذا العصر تختلف باختلاف الجنسيات والعادات، فما هو النوع الصحيح من هذه المعانقات الموجودة؟
فأجاب: المعانقة نوع واحد وهي المخالفة بين العنقين وهي شيء واحد غير متعدد، أما وضع خد مع خد فليس هذا معانقة، فالمعانقة مخالفة العنقين، وهي مأخوذة من العنق لا من الخد، فهي ليست بمخاددة ولكن معانقة.
وقال الشيخ ابن عثيمين عن ذلك كما في«اللقاء الشهري (13) – ليلة (17) شهر بيع الثاني (1414هـ)»: \"هي من الأمور التي يتبع فيها العرف إذا كان فيها جلب مودة وقد اعتاد الناس اليوم انهم يتعانقون عند اللقاء بعد الأسفار ويتعانقون أيضاً عند الوداع في الأسفار فهي من الأمور التي تكون حسب العادة\"
قلت: فلا إنكار على هذه الصور المختلفة للمعانقة التي تعارفت عليها بعض المجتمعات فهي تدخل في باب العادات، فالأصل فيها الإباحة حتى يرد دليل صحيح يدل على أن هذه الصور التي اعتادها بعض المجتمعات من المعانقة ليست مباحة وإنما محرمة فيُعمل بهذا الدليل.
لكن من كان حريصاً على اتباع سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وتحصيل الأجر والثواب فاليحرص على تطبيق هذه المُعانقة بالصورة الصحيحة.
تكرار المُعانقة:
يُلاحظ كثير من الأخوة الذين يحرصون على تطبيق السنة يُكررون المُعانقة ثلاثاً ويقولون إن ذلك من باب (الْوِتْرَ)، فهل هذا ثابتٌ في السنة الصحيحة؟
سُئل المُحدث محمد ناصر الدين الألباني كما في «سلسة الهدى والنور (شريط رقم: 192)»: هل المُعانقة تكون ثلاثاً؟
فأجاب: هـذا ليس له أصل، بل المُعانقة ليس لها نظام.
ويُفهم من كلام الألباني (ليس له أصل) أي: لمن يعتقد سُنيتها، أما كونها عادة بعض المجتمعات أنهم يتعانقون مرتين وبعضهم ثلاثاً فهذا لا بأس به.
وقد سُئل المحدث عبد المحسن بن حمد العباد ضمن درسه «شرح سنن أبي داود»:
السؤال: المُعانقة هل تكون مرة أو ثلاث مرات؟
فأجاب: ما نعلم تحديداً لذلك، سواء كانت مرة أو مرتين، وأما كونها تكرر وتردد فلا أعلم فيها شيئاً، لكن تحصل بمرة أو مرتين.
المعانقة قبل السفر وعند التوديع:
يقول الإمام البغوي في «شرح السنة (ج12/ص293)» متحدثاً عن المعانقة: \"فأما المأذون فيه، فعند التوديع، وعند القدوم من السفر، وطول العهد بالصاحب، وشدة الحب في الله\" وقد نقل كلامه المحدث الألباني في «السلسلة الصحيحة» (ج6/ص305).
قلت: وشاهدنا أنه يُشرع المعانقة عند التوديع وقبل السفر.
وقد سُئل المحدث عبد المحسن بن حمد العباد ضمن درسه «شرح سنن أبي داود»:
السؤال: ما قولكم في المعانقة عند توديع المسافر هل هو سائغ؟
فأجاب: الذي يبدو أنه لا بأس به، ولا تكون المعانقة عند كل لقاء، وإنما إذا حصل التلاقي تكون المصافحة، وأما المعانقة عند السفر وعند القدوم من السفر فلا بأس بها؛ لأن هذا السلام يعقبه فراق.
أشخاص في نفس البلد ولكن طال غيابهم عن بعضهم فهل يُشرع لهم المُعانقة عند اللقاء؟
سُئل المحدث عبد المحسن بن حمد العباد ضمن درسه «شرح سنن أبي داود»:
السؤال: هل المعانقة خاصة بالقدوم من سفر أم تشرع إذا غاب الرجل عن أخيه حتى لو كانا في نفس البلد؟
فأجاب: الأثر الذي جاء عن الصحابة أنهم كانوا إذا قدموا من سفر، وإذا كان الإنسان افتقد أخاه لمدة طويلة وكان كل واحد منهما يحسب للآخر أنه قدم من سفر أو أنه مسافر، فليس في ذلك بأس.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه واخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
المراجع:
1. المسند، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (المتوفى سنة: 241هـ)، طبعـة دار الحديث - القاهرة - الطبعة الأولى (1416 هـ - 1995 م)، تحقيق: أحمد محمد شاكر - حمزة أحمد الزين.
2. الأدب المفرد، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري (المتوفى سنة: 256هـ)، طبعـة دار البشائر الإسلامية -بيروت- الطبعة الثالثة (1409هـ - 1989م)، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي.
3. صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري (المتوفى سنة: 256هـ)، طبعـة دار ابن كثير –بيروت- الطبعة الثالثة (1407هـ - 1987م)، تحقيق: د. مصطفى ديب البغ.
4. جامع الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي (المتوفى سنة : 279هـ)، طبعـة دار الحديث - القاهرة - (1426هـ - 2005م)، تحقيق: أحمد محمد شاكر ، د. مصطفى الذهبي.
5. الإخوان، أبوبكر عبد الله بن محمد أبو بكر القرشي ابن أبي الدنيا (المتوفى سنة: 281هـ)، طبعـة دار الكتب العلمية -بيروت- الطبعة الأولى (1409هـ - 1988م)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا.
6. معجم الصحابة، أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي (المتوفى سنة: 317هـ)، طبعـة دار البيان -الكويت- الطبعة الأولى (1421 هـ - 2000 م)، تحقيق: محمد الأمين بن محمد الجكني.
7. شرح معاني الآثار، أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي (المتوفى سنة: 321هـ)، طبعـة عالم الكتب -بيروت- الطبعة الأولى (1414 هـ ، 1994 م)، تحقيق: محمد زهري النجار.
8. المعجم الكبير، سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني (المتوفى : 360هـ) طبعـة مكتبة العلوم والحكم - الموصل - الطبعة الثانية (1404هـ – 1983م)، تحقيق: حمدي بن عبدالمجيد السلفي.
9. المعجم الأوسط * أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (المتوفى سنة: 360هـ)، طبعـة دار الحرمين -القاهرة- (1415هـ)، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد ، عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني.
10. المستدرك على الصحيحين، محمد بن عبدالله أبو عبدالله الحاكم النيسابوري (المتوفى سنة: 405هـ)، طبعـة دار الكتب العلمية -بيروت- الطبعة الأولى (1411هـ - 1990م)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا.
11. السنن الكبرى، أحمد بن الحسين بن أبو بكر البيهقي (المتوفى سنة: 458هـ)، طبعـة دار الباز -مكة المكرمة- (1414هـ - 1994م)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا.
12. شعب الإيمان، أبوبكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (المتوفى سنة: 458هـ)، طبعـة مكتبة الرشد -الرياض- الطبعة الأولى (1423 هـ - 2003 م)، تحقيق: د. عبد العلي عبد الحميد حامد.
13. شرح السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي (المتوفى سنة : 510هـ)، طبعـة المكتب الإسلامي ـ بيروت ـ الطبعة الثانية (1403هـ - 1983م)، تحقيق: شعيب الأرناؤوط - محمد زهير الشاويش.
14. الترغيب والترهيب، أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (المتوفى سنة 656هـ)، طبعـة دار الكتب العلمية - بيروت- الطبعة الأولى (1417هـ)، تحقيق : إبراهيم شمس الدين.
15. الأذكار، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى سنة: 676هـ) طبعـة
16. رياض الصالحين، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى سنة: 676هـ) طبعـة
17. رياض الصالحين، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى سنة: 676هـ) طبعـة المكتب الإسلامي -بيروت- تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني.
18. لسان العرب، محمد بن مكرم بن منظور (المتوفى سنة: 711هـ)، طبعـة دار صادر - بيروت- الطبعة الأولى.
19. مشكاة المصابيح، محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي (المتوفى سنة: 737هـ)، طبعة المكتب الإسلامي -بيروت - الطبعة الثالثة (1405هـ - 1985م)، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني.
20. تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف، أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي (المتوفى سنة : 742هـ)، طبعـة
المكتب الإسلامي -بيروت- الطبعة الثانية (1403هـ ، 1983م)، تحقيق: عبد الصمد شرف الدين.
21. ميزان الاعتدال في نقد الرجال، أبي عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (المتوفي سنة 748هـ) طبعـة دار المعرفة -بيروت- تحقيق علي محمد البجاوي.
22. زاد المعاد في هدي خير العباد، محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (المتوفى سنة: 751هـ)، طبعـة مؤسسة الرسالة -بيروت- الطبعة الرابعة عشر (1407 هـ - 1986م)، تحقيق : شعيب الأرناؤوط - عبد القادر الأرناؤوط.
23. حاشية ابن القيم على سنن أبي داود، محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (المتوفى سنة: 751هـ)، طبعـة دار الكتب العلمية -بيروت- الطبعة الثانية (1415هـ - 1995م).
24. مجمع الوزائد ومنبع الفوائد، علي بن أبي بكر الهيثمي (المتوفي سنة: 807هـ)، طبعة دار الكتب العلمية -بيروت- (1408هـ - 1988م).
25. فتح الباري شرح صحيح البخاري، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني (المتوفى سنة: 852هـ) طبعـة دار الحديث -القاهرة- (1424هـ - 2004م).
26. كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، المتقي الهندي الب فوري (المتوفى سنة: 975هـ)، طبعـة مؤسسة الرسالة - بيروت – (1409هـ - 1989م)، تحقيق: بكري حياني ، صفوة السفا.
27. فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار، الحسن بن أحمد الرُّباعي الصنعاني (المتوفى سنة : 1276هـ)، طبعـة دار عالم الفوائد -مكة المكرمة- الطبعة الأولى (1427 هـ)، تحقيق: علي العمران.
28. مجموع فتاوى بن باز، عبد العزيز بن عبد الله بن باز (المتوفى سنة: 1420هـ)، طبعـة الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، أشرف على جمعه وطبعه : محمد بن سعد الشويعر.
29. صحيح الترغيب والترهيب، محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى سنة: 1420هـ) طبعـة مكتبة المعارف -الرياض- الطبعة الخامسة.
30. سلسلة الأحاديث الصحيحة، محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى سنة: 1420هـ) طبعـة مكتبة المعارف -الرياض- الطبعة الأولى (1422هـ - 2002م).
31. ضعيف سنن الترمذي، محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى سنة: 1420هـ) طبعـة المكتب الاسلامي -بيروت- الطبعة الأولى (1411هـ - 1991م).
32. اللقاء الشهري، محمد بن صالح العثيمين (المتوفى سنة: 1421هـ) (دروس صوتية مفرغة في الشبكة الإسلامية).
33. أحكام السلام، عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم (المتوفى سنة 1425هـ) (إصدار مركز الكتب الاكترونية).
34. شرح رياض الصالحين، محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى سنة: 1421هـ)، طبعـة مكتبة الصفا -القاهرة- الطبعة الأولى (1423هـ - 2002م).
35. شرح سنن أبي داود، الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر (الشبكة الاسلامية).
36. معجم لغة الفقهاء، د. محمد قلعجي، طبعـة دار النفائس -بيروت- الطبعة الثانية(1408 هـ - 1988 م).
37. مجلة البحوث الإسلامية، طبعـة الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.