المذكرة السادسة
ملاحظة مهمة: حصلت جميع هذه الأحداث بتاريخ (( ٢٠١٥/٥/٢٤ إلى ٢٠١٥/٥/٣٠ ))
قاربت الساعة السابعة فجراً و الجنون لم يزل يأخذني يمنةً و يسرة
قلت للفتاة التي اثارت الجنون في رأسي ولم تترك للثقة مطرحاً .. أنتِ اردتِ البقاء بملء إرادتك و أنا لم أعد أفهمك أبداً، قم بابتزازي و قررتي الذهاب ثم تراجعتي عن قرارك و أثرتي استغرابي، أنا سأذهب للنوم و سأتركك في صالة الجلوس لوحدك .
قالت لي .. لن تذهب للنوم
قلت لها .. لماذا ؟
قالت لي .. أريد إكمال السهرة
قلت لها .. أنا نفسي مسدودة و مرهق ولا رغبت لي بالجلوس
استمرينا في الشد و الجذب على ذلك و قررت أن أقوم و اذهب إلى مضجعي ..
وبالفعل قمت من مكاني و اتجهت إلى غرفة النوم و أغلقت الباب بالمفتاح .
استلقيت على سريري منهك و متعب من أثر السفر و السهر ..
فجأة سمعت صوت (( الأغاني )) ارتفع بشكل جنوني ! وهذا ما كنت اخشاه .. صاحب الشقة طلب مني أن احترم الذوق العام و عدم الاحتفال و رفع صوت الأغاني لأن هذا هو قانون البناية.
الملعونة تريد افتعال المشاكل و بها جنون غير عادي ..
خرجت مسرعاً نحو صالة الجلوس و فصلت السماعات و وبختها بصوت عالي و لكن لا حياة لمن تنادي .. قامت بعدها بالصياح و البكاء !
ماهذا الشيء الَّذِي (( ابتلشت به )) .. هل أفتح باب الشقة و احذف اللعينة نحو الخارج !
أخذت السماعات و اتجهت نحو غرفتي وأغلقت الباب مرة اخرى بالمفتاح ..
فجأة .. قامت بطرق باب غرفتي بشكل جنوني مع ترديد عبارات مليئة بالتهديد !
قلت في نفسي .. هذه المجنونة ستفضحنا .
فتحت الباب و سحبتها نحو الداخل و اغلقت الباب و قمت بالإمساك بشعرها و شددته بقوة ثم حذفتها نحو الأرض، فضحكت بصوت عالي و قالت لي (( هل أنت شاذ ؟ ))
قلت لها .. أنا مثل حليب السعودية كامل الدسم، ولن تنالي ما يريده عقلك يا مجنونة
قمت بالخروج مجدداً و تبعتني نحو صالة الجلوس و كأنني في مصحة نفسية يتقافزون فيها المرضى في كل مكان
فجأة تضحك .. ثم تعاود النواح و أنا لم اكترث بذلك نهائياً .
اخيراً وبعد طول انتظار .. نامت الملعونة طريحة على الصوفة في صالة الجلوس و كأن عفريتها سمح لها بالنوم .
نظرت لها و قلت في نفسي .. نوم الظالم عبادة
اتجهت مرهقاً نحو غرفتي و اغلقت الباب و غطيت في نوم عميق .
قمت من النوم فجأة على أصوات عالية تأتي من خارج البناية !
فتحت النافذة و وجدت كمية هائلة من الأطفال في الشارع المقابل للبناية ..
اتصلت على الحارس و سألته ..
قلت له .. ما كل هؤلاء الأطفال الذين يلعبون أمام البناية !
قال لي .. في البناية الملاصقة يوجد مدرسة أطفال وهذا هو وقت (( فسحتهم ))، والمدرسة لا يوجد بها ساحة خاصة لهم، لذلك يسمح لهم بالخروج أمام البناية وقت الفسحة
قلت له .. لماذا لم تخبرني بالأمس ؟
قال لي .. اسمح ليا يا سيدي .. لقد نسيت أن أخبرك
نظرت لساعتي فوجدتها تشير للحادية عشر صباحاً !
يا للهول .. ما كل هذا الحظ السيء ! فتاة مجنونة تنام بالصالة و أصوات أطفال مزعجين تأتي من الخارج ..
لن أستطيع النوم نهائياً بسبب نومي الخفيف .. أي أصوات خفيفة ستوقظني من النوم .
حاولت أن اكمل نومِ و لكنني لم أستطيع النوم سوى ساعة إضافية فقط .
الأرق و الإرهاق اثقل كاهلي ولم أعد أستطيع النوم .
قررت الخروج و نسيان ما حدث و الاستمتاع بالنهار المراكشي،
نظرت للفتاة فوجدتها تغط في نوم عميق على الصوفة في صالة الجلوس، و قمت بتغيير ملابسي و أخذت أغراضي المهمة كجواز السفر و بطائقي الشخصية و أغلقت باب الغرفة بالمفتاح .
تساءلت كثيراً .. هل اتركها نائمة و اخرج ؟
في حالة أنها ارادت الخروج لن تجد شيء تاخذه معها سوى ملابسي ..
إذاً .. سأتركها و أخرج وبالتأكيد لن يوقظها جنونها من النوم الا بعد ساعات طوال .
فتحت باب الشقة و غادرت ولم أقفل الباب الخارجي بالمفتاح، لكي تستطيع المغادرة في أي وقت .
اتجهت نحو مقهى بجانب البناية و شربت كأساً ثقيلاً من القهوة السوداء ..
لعلَ الكافيين يضخ النشاط في جسمي مجدداً .
سألت من يعمل بالمقهى عن أقرب صالون حلاقة، فدلني على صالون يبعد مسافة قريبة من المكان !
أخذت منه وصف العنوان و دفعت حسابي و خرجت .
اتجهت نحو صالون الحلاقة ..
دخلت و ألقيت السلام عليه و جلست، طلبت منه أن يحلق ذقني و يرتب لي هذا الوجه المرهق .
أثناء الحلاقة دار بيني و بينه حديثاً شيق و اخبرني بأنه كان يعمل في السعودية سائقاً لدى شركة نقليات في منطقة جيزان لمدة خمسة عشر سنة، و أخبرته بما حدث لي مع الفتاة و كيف اكتشفت وجود مدرسة أطفال عند الصباح بعد ليلة مليئة بالأحداث .. ضحك مطولاً وقال لي بأنني لست محظوظاً و بأن هنالك شخص دعى عليّ .
سألته عن مطعم شهير و قريب يقدم الأكلات المغربية و دلّني عليه مشكوراً ..
تحدثنا كثيراً و كتب لي قائمة بأهم الأماكن السياحية و المطاعم الشهيرة و اخبرني بنصائح ذهبية عن مراكش وكيفية التعامل فيها.
شكرته كثيراً على حسن تعامله و غادرت المكان .
اتجهت نحو مقهى (( Elite )) والذي يبعد مسافة بسيطة عن ماكدونالدز في منطقة جيليز ..
وجدت كرسي استراتيجي في زاوية المقهى في الجلسات الخارجية و يطل على الشارع مباشرة، اتجهت نحوه مسرعاً و جلست .. طلبت من الجرسون أن يحضر لي اثقل كأس قهوة سوداء في العالم !
جسمي مثقل بالتعب و الإرهاق ولم أنم سوى أربعة ساعات .
لن أدع التجربة السيئة تسيطر عليّ و سأنتصر لنفسي، سأعتبره يوم جديد و سأتناسى ما حدث لي .
اخرجت جهازي الجوال و استمعت إلى موسيقى هادئة (( Smooth Jazz )) وبعض من السيمفونيات العالمية الشهيرة .. ارتشفت من كأس القهوة الثقيل بشفتي المرهقتين و أخذت نفساً عميقاً من سيجارتي لعلها تحرق ما مررت به من تجربة جنونية مع اللعينة .
ضللت أتلفت في المارة وهم يذهبون في كل اتجاه .. هنالك فتاة ثلاثينية تحمل اكياساً و تذهب في حال سبيلها، و هناك (( موطوراً )) يحمل رجلاً مثقلاً بأمور الحياة، و امرأة عجوز تنظر لي بعين الشفقة من أجل الحصول على بعض المال الذي يقيها من شر الفقر، و شاباً افريقياً يستعرض مجموعة من الساعات من أجل الحصول على لقمة العيش، و خلفه فتاتين تمشيان بغنج بانتظار من يقع فريسة لمصيدتهم .
قمت بتذكر الفتاة المجنونة و بأنها لم تزل نائمة في الشقة، و تخيلت بأنها صحت فجأة من النوم و قامت بتكسير كل ماهو حولها و تركت الباب مفتوحاً و خرجت .
وقلت في نفسي .. تعوذ من الشيطان و اهدأ و استمتع ببقية اليوم و اترك عنك الهواجس .
بعد مرور ما يقارب الساعتين في المقهى.. بدأ الجوع يداهمني و قامت عصافير بطني بعزف أعذب الألحان .
تذكرت المطعم المغربي الَّذِي اخبرني به الحلاق فأنطلقت نحوه، قطعت الشارع للطرف الآخر و مررت بجانب مقهى البريد و اتجهت نحو الشارع الخلفي و وجدت المطعم كما وصفه لي .
يتبع ..