المذكرة الثامنة
ملاحظة مهمة: حصلت جميع هذه الأحداث بتاريخ (( ٢٠١٥/٥/٢٤ إلى ٢٠١٥/٥/٣٠ ))
قمت بعدها سعيداً و نشيطاً و الفرح يملأني و اتجهت نحو مقهى (( Brasserie de Flore )) الموجود في ساحة البلازا بمنطقة جيليز ..
أخترت أحد الطاولات في المنتصف و جلست، تلفت يميناً و يساراً فوجدت نفسي في مرتع للغزلان و كأنه حان وقت حان وقت الصيد و البحث عن فريسة .
تذكرت قصيدة لمحي الدين بن عربي في العصر العباسي
لقدْ صارَ قلبي قابلاً كلَّ صورةٍ
فمَرْعًى لغِزْلاَنٍ وديرٌ لرُهْبانِ
وبَيْتٌ لأوثانٍ وكعبةُ طائفٍ
وألواحُ توراةٍ ومصحفُ قرآنِ
أدينُ بدينِ الحبِّ أنَّى توجَّهتْ
رَكائِبُهُ فالحُبُّ ديني وإيماني
لنا أُسْوَةٌ في بِشْرِ هندٍ وأُخْتِهَا
وقيسٍ وليلى ، ثمَّ مي وغيلانِ
المعنويات مرتفعة و المزاج قد تحسن بعد قيلولة هادئة ..
المقهى (( عامر )) بمرتاديه، الجو رائع و نسمات الهواء المراكشي تدغدغ وجناتي، طقطقت أصابعي استعداداً لأمسية رائعة .
ألتفت يميناً و يساراً وازدادت شجوني، الصبايا يملؤن جنبات المكان، منهم من ينظر لك بعين الصياد الباحث عن فرائسه، ومنهم من يتصفح جواله بنظرة سرور لمحادثة رائعة بينه وبين طرف آخر في عالمه الافتراضي.
و بينما كنت أتلفت ارجاء المكان، حدثت عدة مشاهد أمام عيني ..
المشهد الأول .. طاولة مليئة بمجموعة من الشباب السعوديين المراهقين صغار السن، يتبادلون النظرات مع أحد الفتيات في طاولة تبعد عنهم مسافة بسيطة .
المشهد الثاني .. مدير المقهى يتشاجر مع أحد الفتيات بسبب أنها قامت بمحادثة شاب يجلس في طاولة أخرى .
المشهد الثالث .. شاب عراقي يعاتب رفيقته بسبب اختفائها لعدة أيام .
المشهد الرابع .. ثلاثة فتيات في قمة الحسن و الجمال يتهامسون و يتضاحكون بصوتِ عالي بسبب موقف حصل لهم .
المشهد الخامس .. جرسون مبتسم و يحمل في يده (( أتاي )) نحو أحد الطاولات .
المشهد السادس .. فتاة تردد جملة (( هلا بالعيال )) لكل من حضر و ذهب ..
جملة (( هلا بالعيال )) سمعتها كثيراً و أصبح لها صدى واسع في أرجاء المقهى، و يبدو بأن هذه الجملة تعجب (( ربعنا )) كثيراً، لذلك هي تردد كثيراً بدون توقف .
على أحد الطاولات، حاولت فتاة بأن تستميل رواد المقهى ولكنها لم تستطيع، حاولت كثيراً دون جدوى حتى أصابها اليأس .
ألتفت نحوي وقامت بتجهيز شباكها من أجل إيقاعي في مصيدتها الناعمة، ابتسمت لي و قامت ترمقني بعينيها الوسيعتين و شعرها الأصهب، ولكنني تثاقلت عليها ولم اعرها اي انتباه، فأغضبها تصرفي .
قمت من مكاني و اتجهت نحو دورة المياه في الدور العلوي، فقامت و تبعتني من دون أشعر بها، عند خروجي من دورة المياه وجدتها واقفة بانتظاري ..
فقالت لي .. أريد رقمك ؟
قلت لها .. لماذا ؟
قالت لي .. من دون لماذا ! أعطني رقمك
قلت لها .. أنا لا أعطي رقمي للغريب
قالت لي .. آه فهمت، أنت شاذ
قلت لها .. بسببك سأصبح شاذ يا قبيحة
قامت بلعني و شتمي بشكل جنوني بكل أنواع السباب .. تركتها بابتسامة و غادرت نحو طاولتي، قلت في نفسي .. ما كل هذا الجنون في هذه المدينة الحمراء، لا يزال حظي يوقعني في اللعينات المجنونات .
رجعت لطاولتها و الغضب يخرج من عينيها، رمقتني بنظرات مليئة بالاستياء و كأن حال نفسها يقول لها بأن محاولاتها بائت بالفشل .. حضرت صديقة لها و جلست بجانبها و أخبرتها عن ماحدث لها و قامت بالاشارة نحوي .
تركت المقهى و تجولت بين أزقة بنايات البلازا، ولفت انتباهي صوت مطرب يغني لوردة الجزائرية (( العيون السود )) من داخل أحد المطاعم، سحبني نحو المطعم لأكتشف المكان، فتحت الباب و دخلت. و وجدت ما يسر الناظرين و ماكنت ابحث عنه .
مطعم صغير بديكورات رائعة، مزدحم برواده و مطرب يغني أعذب الألحان .. استقبلني الجرسون و سألني ان كنت أريد طاولة أو أجلس بجانب البار، فتوجهت نحو البار و جلست.
طلبت عشاء شهي (( Checkn cordon blue )) و زيزفوني المفضل .
كان بجانبي على البار شخص سمين في العقد الرابع من عمره و بصحبته فتاة تتغنى بها كل الغنادير، رمقني بنظرة غير محببة و لسان حاله يقول (( تركت جميع الطاولات و جلست بجانبي أيها اللعين ))، قمت بتحيته بنظرة لطيفة ولكنه رفض الرد و امتعض .. تجاهلته و استمتعت بالطرب الأصيل بصوت المطرب المغربي الشاب، و استلذيت بوجبتي و زيزفوني العبق بطعم الكرز .
استأذن السمين من صديقته و ذهب لدورة المياه، و بمجرد ذهابه التفت نحوي و ابتسمت و ألقت التحية و اعتذرت نيابة عنه .. قلت في نفسي عذرك مقبول يا من يسر له الخاطر و الوجدان، و أما هو فليذهب إلى الجحيم .
قامت بعدها بفعلٍ جنوني .. سحبت (( جوالي )) من على الطاولة و قامت بكتابة رقمها بشكل سريع، وما هي الا ثواني، رجع صديقها من دورة المياه، فحمدت الله بأن السمين لم يشاهد ما حدث .
ما كل هذا الجنون الَّذِي يحدث لي و أنا لم اتجاوز يوم واحد منذ وصولي لمراكش ! .. يالا جنونك يا مراكش الحمراء .
أرسلت لها رسالة على (( جوالها )) و أخبرتها بأن هذا هو رقمي، فردت برسالة بأن اسمها هو (( مليكة ))
قلت في نفسي .. ما أروع أسمك يا (( مليكة )) و ما أجمل ملامحك .
السمين لا يعلم بأننا نتبادل الرسائل .. ما ألعن الغدر و الخيانة !
حضر المطرب نحوي و سألني ما إذا كنت أريد أغنية محددة !
فقلت له .. أرجوك اشجيني بأغنية (( عيون القلب )) لنجاة الصغيرة
عيون القلب سهرانة ما بتنامش
لا أنا صاحية .. ولا نايمة .. مابقدرش
يبات الليل .. يبات سهران .. على رمشي
و أنا رمشى ماداق النوم .. وهوا عيونو تشبع نوم
روح يانوم من عين حبيبى .. روح يانوم
يالا روعة هذا المكان و ما أجمل هذه السهرة بحضور (( مليكة )) ..
سرقت (( مليكة )) من يد السمين بدون علمه و كأنني أحد الجبابرة في العصر الجاهلي، اكره الغدر ولكن (( مليكة )) تستحق أن أغير مبادئ من أجل حسنها و جنونها .
يبدو بأن السمين اصابه التعب و الإعياء و قرر المغادرة، دفع حسابه و غادر المكان و بصحبته (( مليكة )) ..
بعد مغادرة (( مليكة )) بدى لي المكان كئيباً و لا لزمة لي بالبقاء في هذا المكان الموحش .
غادرت إلى شقتي لكي أغير ملابسي استعداداً لسهرة جديدة في (( النرجس )) ..
بمجرد دخولي للشقة، أتتني رسالة من (( مليكة )) لتسألني عن (( برنامجي )) لهذه الليلة، اخبرتها بأنني سأذهب للسهر في (( النرجس )) و أتشرف باصطحابها معي .
رحبت (( مليكة )) بالفكرة و اخبرتني بأنها ستقابلني هناك .
لم تغادر (( مليكة )) ذهني و رددت في نفسي ..
من يوم شفته والحشا فيه مبهور
حلو الوصايف كل شينٍ يتعداه
لامر طيفه يرقص القلب مسرور
ويتبع سروره رغبةٍ في ملاقاه
يتبع ..
التعديل الأخير تم بواسطة Khaledsfzg ; 2016-10-08 الساعة 12:02 AM