المذكرة الثالثة
قبل صعودي على متن الطائرة تذكرت و دننت في نفسي .. رائعة (( في سلم الطائرة )) للراحل طلال مداح
في سلم الطائرة بكيت غصبا بكيت .. على محبين قلبي عندما ودعوني
أشوف م قلبي بين نخلة وبيت .. يناظر الطائرة يبغى يحرك شجوني
قمت بالجلوس في مقعدي بالطائرة، ربطت الحزام استعداداً للاقلاع ..
الطائرة بها مزيج من الركاب من مختلف الجنسيات، منهم من سيذهب للسياحة ومنهم من حن شوقاً للعودة إلى دياره للقاء أهله و صحبته .
أقلعت الطائرة رقم HV5753 في تمام الساعة ٤:٢٥ عصراً متوجه إلى مطار المنارة بمراكش .
يالله .. ماهذا الَّذِي فعلته ! ما كل هذا التهور من دون حسبان .
لم تكن مراكش في بالي عندما ذهبت إلى أوربا، و لم أفكر بها مطلقاً في يوم من الأيام .
الأقدار تسوقك إلى حيث لا تعلم .. إنها مشيئة الله يا سادة
ماذا ستخبئ لي هذه الرحلة من مفاجآت !
كيف سيكون شكل مراكش في عيني، هل ستكون ممتعة أو ستكون تجربة سيئة تجعلني أندم على كل لحظة تهور قمت بها عندما حجزت من دون تفكير في عواقب الأمور .
الطائرة تحلق على نحو ثلاثون ألف قدم في السماء و عقلي ازداد تحليقه و تجاوز المدى من كثرة التفكير !
بي حالة مختلطة من المشاعر، و ممزوجة بالقلق و التوتر و الفرح و الاشتياق لما هو قادم .
رغبت في الاسترخاء فطلبت من المضيفة أن تحضر لي مشروب خفيف لعله يُطفئ توتري و يريح عقلي قليلاً.
غفوت بعدها من دون احساس وهذا ماكنت احتاجه ..
أُشعِلت علامة ربط الحزام استعداداً للهبوط ..
اقتربت الطائرة على نحو منخفض من أرض مراكش الحمراء، ألقيت نظرة من شباك الطائرة و شاهدت منظر النخيل البديع و الَّذِي غطئ مساحة شاسعة من أرض مراكش .. ازدادت نبضات قلبي و اقترب موعد الهبوط
هبطت الطائرة في تمام الساعة ٧:٢٠ مساءً ..
دخلت صالة المطار و بدى لي مطار مراكش صغيراً ولكنه حميمياً في نفس الوقت.
اتجهت نحو منطقة الجوازات، الصف كان طويلاً بسبب وصول أكثر من رحلة في نفس الوقت.
الصف بطيء جداً في تحركه و بدأ الملل يصيبني من كثرة الوقوف ..
تم فتح صف جديد و أشار لنا موظف الجوازات بيديه بأن نملأ الصف الجديد، فخرجت مسرعاً وكان من حظي بأنه لم يبقى سوى ثلاثة أشخاص و أنهي تختيم الجواز .. فرجت الحمدلله
أتى دوري و مددت جوازي وبطاقة معلومات الدخول لموظف الجوازات و ألقيت السلام عليه .
قال لي .. مرحبا بيك أخويا
قلت له .. مرحبا بك
قال لي .. يتضح لي من خلال الكمبيوتر بأنها أول زيارة لك للمغرب
قلت له .. بالفعل هذه أول زيارة
قال لي .. أين ستسكن ؟ فندق أو شقة ؟
قلت له .. شقة
قال لي .. عنوان الشقة غير واضح
قلت له .. مكتوب في الورقة أمامك
قال لي .. مكتوب بأن عنوان الشقة في منطقة جيليز فقط لا غير
قلت له .. هذا هو العنوان الوحيد الذي حصلت عليه من صاحب الشقة
قال لي .. هذا العنوان غير مقبول وخاصة أنك أول مرة تزور المغرب، و يجب عليك أن تتصل حالاً بصاحب الشقة لأخذ العنوان بالتفصيل
قلت له .. سأتصل به حالاً
وبالفعل اتصلت عليه و لم يكن هناك أي شبكة في جهازي .. جهاز جوالي الملعون لا يريد الاتصال !
قلت له .. لا يوجد شبكة في جوالي
قال لي .. هل يوجد شخص في المطار سيستقبلك ؟
قلت له .. نعم، هناك شخص ينتظرني في الخارج وهو من سيستقبلني ولكني لا اعرف رقمه للأسف
قال لي .. سأختم جوازك لكنك لن تغادر المطار حتى نعرف عنوان شقتك بالتفصيل، سأرسل معك شخص يذهب معك للخارج و ستقابلون الرجل الَّذِي سيستقبلك، سنأخذ منه معلومات العنوان و ستأخذ جوازك و تغادر المطار
قلت له .. لا يوجد مشكلة
ختم الجواز و ذهب برفقتي موظف من الجوازات، اتجهت نحو سير الشنط و أخذت شنطتي و تجاوزنا منطقة التفتيش و خرجنا نحو صالة الاستقبال .
وجدت من سيستقبلني حاملاً لوحة مكتوباً عليها اسمي، ألقيت السلام عليه و قلت له أريد عنوان الشقة بالتفصيل ليكتبه الموظف في بطاقة المعلومات .. كتب تفاصيل العنوان (( منطقة جيليز، خلف مسجد تركيا، زنقة بن تومرت، بناية الأندلس رقم ٣ )) في بطاقة المعلومات، سلم البطاقة لموظف الجوازات ثم سلمني الجواز و غادر .
قلت له .. أرجوك أن تنتظرني دقائق معدودات، أريد الذهاب إلى دورة المياه و أصرف مبلغاً من الصراف و أريد أيضاً استخراج شريحة رقم جديد .
قال لي .. خذ راحتك و أنا بانتظارك يا صاحبي.
ذهبت لدورة المياه و غسلت وجهي، خرجت بعدها نحو الصراف و ادخلت البطاقة و طلبت صرف مبلغاً آخر .. ادخلت مبلغ و قدره ٥٠٠٠ آلاف درهم ولكن جهاز الصراف لم يقبل !
اخرجت البطاقة و اتجهت نحو أحد العاملين في أحد البنوك الموجودة وسألته عن حد الصرف !
قال لي .. أعلى حد صرف تستطيع إخراجه هو ٢٠٠٠ درهم لكل عملية سحب و تستطيع تكرار العملية أكثر من مرة .
وبالفعل اتجهت نحو جهاز الصراف و سحبت مبلغ ٢٠٠٠ درهم على دفعتين .
اتجهت بعدها نحو شركة اتصالات المغرب لاستخراج رقم جديد .. ولكنني وجدتهم للأسف غالقين !
ذهبت نحو الرجل و قلت له .. هيا بنا نغادر المطار
خرجنا خارج المطار .. السماء ملبدة بالغيوم و هنالك مطر خفيف (( هتان )) يتساقط علينا و الجو يفتح النفس و يطيب الخاطر .. و يبدو بأن هذا فأل طيب بما انني وجدت هذا الجو العليل في استقبالي .
ركبنا السيارة و اتجهنا نحو مقر سكني، ونحن في الطريق جلست أتأمل مراكش بكل ما فيها .. النخيل يحيطها من كل جانب و (( الموطورات )) تذهب في كل اتجاه و بيوتها الحمراء تملأ جنباتها و المطر الخفيف يتساقط عليها من دون هوادة و بكل جمال .. إنها بالفعل مراكش الحمراء
وصلنا لمقر سكني، ساعدني في إنزال الشنط و قال لي وداعاً
قلت له .. وداعاً ! من سيستقبلني ؟
قال لي .. الحارس سيأخذك نحو الشقة و سيأتي شخص اسمه (( سمير )) من طرف صاحب الشقة ليأخذ معلوماتك و يسلمك المفتاح و يعطيك كافة المعلومات التي تحتاجها .
ألقيت السلام على الحارس و أخذني نحو الشقة .
دخلت الشقة و وضعت شنطتي و أغراضي في غرفة النوم، قلت للحارس متى سيأتي سمير ؟
قال لي .. دقائق و سيكون هنا
قلت له .. لا بأس، سأنتظره
قال لي .. أنا اسمي عبدالله و أنا في خدمتك دائما، لو احتجت أي شيء أنا موجود في الأسفل وهذا رقم جوالي
شكرته و غادر .
بعد قرابة الربع ساعة .. حضر سمير و ألقى السلام عليّ بكل حفاوة و ترحيب .
قال لي .. مرحبا بيك اخويا، أنا (( سمير )) وكيل صاحب الشقة
قلت له .. مرحبا بك
قال لي .. أريد جوازك لتسجيل المعلومات في هذه الورقة
قلت له .. تفضل الجواز
كتب معلومات الجواز في ورقة و أخذ مني جميع المعلومات و أعطاني الرقم السري للـ (( Wifi )) في الشقة
قلت له .. أنا أول مرة أزور مراكش ولا أعرف أي شيء عنها
قال لي .. أنت تسكن في منطقة جيليز، من أفضل المناطق الحيوية في مراكش، يوجد العديد من المقاهي و المطاعم في هذه المنطقة بالاضافة لساحة البلازا الشهيرة و التي تبعد من هنا شارع واحد فقط.
قلت له .. كيف أذهب لساحة البلازا ؟
قال لي .. عند خروجك من هنا، أقطع الشارع حتى تشاهد مجموعة بنايات البلازا في الطرف الآخر، أيضاً في ساحة البلازا يوجد بعض المقاهي، و ماكدونالدز يبعد من هنا مسافة قريبة ايضاً
سلمني سمير مفتاحين، مفتاح لباب البناية الخارجي و مفتاح الشقة .. ودعني بكل أدب و احترام و اعطاني رقم جواله و قال لي (( اتصل عليّ في أي وقت اذا كنت تحتاج أي شيء ))
الساعة قاربت العاشرة مساءً ..
أنا متعب و مرهق من أثر السفر و في نفس الوقت بي طاقة غير عادية للتجول في مراكش ليلاً ..
التوتر و القلق يملأ ذهني و جسدي بما أنني أول مرة أزور مراكش .
قلت لنفسي .. هدئ من روعك و خذ (( دش )) بارد و قم بتغيير ملابسك، وبالفعل أخذت دشاً بارداً و قمت بإخراج ملابس من أجل الذهاب للسهر .
خرجت و اتجهت نحو ساحة البلازا .. وجدت بأن معظم المحلات أغلقت ولم يبقى سوى بعض المقاهي .
تضورت جوعاً و اتجهت نحو مالكدونالدز .
دخلت لماكدونالدز و طلبت وجبتي المفضلة (( بيج ماك )) ..
أخذت طلبي واتجهت نحو الجلسات الخارجية، اخترت أحد الطاولات و جلست، ألتهمت وجبتي بغير حسيب و لا رقيب و كأنني أحد السباع والتي لم تأكل منذ عدة أيام.
بعد الانتهاء من وجبتي، رفعت رأسي و وجدت بأن هناك العديد من الفتيات في المكان.
كان بعضهم ينظر إلي و كأنني وجبة (( بيج ماك )) بالنسبة لهم !
أشعلت سجارتي ..
فجأة، وجدت شخصاً من (( المتسولين )) يطلبني سيجارة ! .. رفضت إعطاءه
قال لي .. لماذا لا تعطيني سيجارة ؟
قلت له .. أنا حر ولا أريد إعطاءك
قال لي بغضب .. هل تبخل عليّ بسجارة ؟
قلت له .. إن لم تذهب من هنا سأخبر الشرطة في الحال
ذهب وهو يتمتم بعبارات لا اسمعها .. !
قامت فتاة و جلست مباشرة على الطاولة المقابلة لي ..
قالت لي (( هلا بالعيال )) بصوت عالي يسمعه الجميع
أحرجت من وقاحتها و جرأتها، وكل من كان على تلك الطاولات سمع صوتها .
تضايقت من الوضع فغادرت المكان باتجاه ساحة البلازا .
لحقت بي و أنا لا أعلم ..
فاجأتني من الخلف وهي تقول لي .. لو سمحت
قلت لها .. ماذا تريدين ؟ كيف تتحدثين معي بصوت مرتفع أمام الناس ؟
قالت لي .. شكلك خجول و خائف
قلت لها .. أنا لست خجولاً و لست خائفاً ولكنني لا أحب الجرأة و الوقاحة من شخص لا اعرفه
قالت لي .. أين تسكن ؟
قلت لها .. لماذا ؟
قالت لي .. سأذهب معك لنسهر مع بعض !
قلت لها .. أنا لا أسهر مع شخص من الشارع
قمت بتجاهلها و اتجهت نحو شقتي .. لكنها استمرت بملاحقتي بكل جرأة
غيرت رأي في الذهاب للشقة و وجدت تاكسي واقفاً بجانب الرصيف .
قلت له .. فاضي ؟
قال لي .. تفضل
صعدت التاكسي و ضحك بصوت عالي !
قلت له .. لماذا تضحك ؟
قال لي .. هذه البنت (( صاحبة مشاكل )) و معروفة في جيليز من قبل الشرطة، و كنت محظوظاً جداً لأنك لم تعرها أي انتباه
قلت له .. صحيح بأنني أول مرة أزور مراكش، ولكنني لست فريسة سهلة لكل من هب و دب
قال لي .. أين تريد الذهاب ؟
قلت له .. أريد الذهاب للسهر
قال لي .. أنصحك بالذهاب للـ (( النرجس ))
قلت له .. إذاً فلنذهب للنرجس يا صاحبي
في طريق ذهابنا (( للنرجس )) تحدثنا طويلاً و حدثني عن مراكش و عن بعض أماكن السياحة و السهر بها .
يتبع ..
التعديل الأخير تم بواسطة Khaledsfzg ; 2016-09-29 الساعة 11:19 PM
2016-09-29, 11:11 PM
المواضيع المتشابهه للموضوع: قصة عشق .. عشتها بين أمستردام و مراكش
العرض العادي
الدرهم المغربي مقابل عملات الخليج