المذكرة السابعة
ملاحظة مهمة: حصلت جميع هذه الأحداث بتاريخ (( ٢٠١٥/٥/٢٤ إلى ٢٠١٥/٥/٣٠ ))
وصلت للمطعم المغربي الشهير الواقع خلف مقهى البريد ..
دخلت المطعم مثقلاً بالتعب و الإرهاق ولم أذق لذيذ النوم، كنت في حاجة إلى وجبة دسمة تطفئ لهيب جوعي و تلجم عصافير بطني.
لفت انتباهي شخص يقوم بتحضير (( البايلا الاسبانية )) بكمية كبير تكفي عشرات الأشخاص، وكأنني وجدت ما كنت ابحث عنه، وجبة دسمة (( ترم العظم )) وتجعل منك أسد المكان و الزمان.
ماهي البايلا ؟
عبارة عن طبق إسباني شهير، يحتوي على الرز و جميع المأكولات البحرية في داخله
أحضر لي الجرسون طبق من البايلا، التهمته بكل جنون و كأنني كنت ضائعاً في جبال الأطلسي لعدة أيام بدون مأكل ولا مشرب.
انتبهت لي امرأة تجلس بجانبي، كانت تنظر لي باستغراب ! حيث انني كنت التهم وجبتي بطريقة جنونية، وهي في حقيقة الأمر لم تعلم ما مررت به من احداث مثيرة.
دفعت ثمن وجبتي وغادرت المكان.
قررت الذهاب إلى ساحة جامع الفنا، ولكن لن أذهب قبل تناول كأساً من (( الزيزفون الهيدروليكي ))، أحتاج إلى الاسترخاء و تهدئة أعصابي و ذهني قبل الذهاب بالاضافة إلى أن الساعة لم تتجاوز الثالة ظهراً.
اتجهت إلى مقهى البريد (( Grand Café de la Poste )) الواقع أمام ماكدونالدز في الطرف الآخر من الشارع ..
دخلت المقهى .. تفاجأت من روعته، عند رؤيتك للمقهى من الخارج تشعر بأنه مقهى عادي، ولكن عند دخولك تتفاجأ من فخامة تصميم ديكوراته وحسن الاستقبال من قبل العاملين فيه .
اتجهت نحو الدور العلوي و جلست على أحد الكنبات، الإضاءة خافتة و الموسيقى هادئة و المكان يريح الأعصاب، وهذا ماكنت احتاجه بالضبط.
طلبت زيزفوني المفضل وبعض من الحلوى المغرقة بصوص الشوكولاتة، أرحت ظهري و ارخيت رأسي نحو الخلف و أغمضت عيني، و أخذت شهيقاً طويلاً و تنفست الصعداء.
ارتشفت من زيزفوني، و استمعت إلى الموسيقى الهادئة، و طردت جميع الأفكار السلبية من رأسي وخاصة ما حدث خلال الساعات السابقة مع اللعينة.
أقنعت نفسي بأن هذه الأحداث غير محسوبة و مجرد عثرة في طريقي، وسأستمع بباقي الأيام في مراكش.
بعد قرابة الساعتين في المقهى وبعد الحصول على الاسترخاء و الهدوء، قررت الذهاب إلى ساحة جامع الفنا.
خرجت من المقهى و اتجهت نحو طرف الشارع للحصول على تاكسي يأخذني نحو ساحة جامع الفنا ..
لكن قبل مغادرتي تذكرت الفتاة وهي نائمة في الشقة ولم يهدأ لي بال، وبالفعل اتجهت نحو الشقة، فتحت الباب و دخلت و وجدت الفتاة تغط في نوم عميق و بدون احساس ! .. فكرت كثيراً في طريقة لإيقافظها من النوم و اخراجها بطريقة مهذبة.
اتصلت على الحارس و طلبت منه الصعود إلى الشقة ..
قلت له .. أنا سأذهب إلى ساحة جامع الفنا و أريد منك بعد مغادرتي أن توقظها من النوم و تخبرها بأن خالد قام بتسليم الشقة وتطلب منها المغادرة في الحال
قال لي .. هذا طلب صعب ولكن سأفعله من أجلك
قلت له .. تعامل معها بهدوء لأنها غير طبيعية
قال لي .. أخفتني يا سيدي، لماذا ؟
أخبرته بما حدث ليلة الأمس و تفهم الوضع و اخبرني بأنه سيحل الموضوع بطريقته، فشكرته وغادرت.
اتجهت نحو ساحة جامع الفنا و ترجلت من التاكسي ..
دخلت الساحة و بينما أنا في وسطها باغتني رجل من خلفي و وضع (( الثعبان )) على كتفي من دون استئذان، غضبت جداً وكانت ردة فعلي واضحة.
قلت له .. لماذا فعلت ذلك ؟
قال لي .. مرحبا اخويا
قلت له .. لا مرحبا ولا سهلا و أنا لست أخوك، كيف تضع الثعبان فجأة على كتفي من دون استئذان ؟
قال لي .. هل أنت خائف من الثعابين ؟
قلت له .. أنا لست خائف و أرجوك أن تذهب في حال سبيلك
قال لي .. أريد عشرين درهم بركة للثعبان
قلت في نفسي .. اللهم صبرك ياروح، تجاهلته و غادرت من جانبه .
اتجهت نحو السوق القديم و تجولت بداخله و بين جنباته، السوق غني بكل ما يخص الثقافة المغربية من ملبوسات و اكسسوارات و تحف و نثريات .. كنت على وشك الشراء ولكنني اجلتها إلى اليوم الأخير، لا مزاج لي للشراء و لا اريد أن أحمل بيدي أي شيء.
بسبب ارهاقي لم أتحمل زحمة الناس و قررت تأجيل جولتي في ساحة جامع الفنا إلى يوم آخر ..
تذكرت مقهى (( Rooftop Cafe )) شاهدته على أحد مواقع الانترنت، وهو قريب من ساحة جامع الفنا و يبعد قرابة ١ كلم عن الساحة، وكنت متشوقاً لزيارته بسبب أنك تستطيع مشاهدة منظر علوي للمدينة القديمة من أعلى المقهى .
خرجت من الساحة و اتجهت نحو أحد الفنادق القريبة للسؤال عن موقع المقهى، وجدت شخص يعمل في الفندق و يقف أمام الباب الخارجي و بيده سجارته، سألته باللغة الانجليزية عن المقهى و يبدو انه أعتقد بأنني سائح غربي لا يتحدث العربية، و رد عليّ بالانجليزية الركيكة وقال لي بأنه سيرسل معي شخص ليوصلني للمكان .
أشار بيده لشخص يقف على مسافة بعيدة، فأتى ذلك الشخص مسرعاً نحونا ..
فقال له .. هذا (( المكلخ )) يريد الذهاب إلى مقهى قريب من هنا، تصرف معه، والصراحة ضحكت في نفسي على كلمة (( مكلخ )) ولكنني (( عملت نفسي ميت )) وضللت ساكتاً .
رد عليّ الشخص الآخر ايضاً بلغة انجليزية ركيكة بأن الحق به نحو المكان، وبالفعل لحقت به .. ضَل يأخذني من شارع لشارع و أدخلني نحو أحد الأزقة مما اثار استغرابي ! حتى وصلنا لمكتب سياحي صغير .
كان في المكتب فتاتين محجبتين، استقبلوني بابتسامة لطيفة و طلبت أحد الفتيات بأن أجلس لتشرح لي ما لديهم من عروض و رحلات سياحية، فقلت لها بأنني كنت أريد الذهاب لأحد المقاهي ولكنه جلبني إلى هنا ..
قالت لي .. يبدو بأنه فهمك بشكل خاطئ.
الكل يتحدث معي باللغة الانجليزية معتقدين بأنني سائح اجنبي، و أنا اعرف بأن هذا الشخص سيحصل على نسبة مالية عند احضاري للمكتب، ومجاملة مني قمت بالاستماع إلى عروضهم السياحية.
قالت لي .. يوجد لدينا رحلات سياحية نحو الصحراء ستعيش من خلالها حياة البدو .. إلخ
قلت لها .. أولاً أنا أتحدث العربية و أنا من السعودية تحديداً، و ثانياً السعودية مليئة بالصحاري و حياة البدو منتشرة فيها .
أحرجت جداً و ضحكت و اعتذرت مني .
قلت لها .. بما أنني وصلت إلى هنا و بما أنك تحدثتِ بلطف فأنا أبحث عن رحلة سياحية لشلالات الأوريكا
أخبرتني عن الرحلة و تفاصليها، أخذت منها التفاصيل و معلومات الاتصال .. شكرتها و غادرت المكان.
خرجت من المكتب و لحق بي و قال بأنه سيأخذني نحو المقهى، فقلت له أرجوك خذني مباشرة إلى المقهى من دون لف ولا دوران .. وصلنا لأحد الفنادق و دخلنا، فقلت له أين المقهى !
قال لي .. لماذا تريد المقهى ؟ هذا الفندق به شيء أجمل من المقهى
قلت له .. ما هو هذا الشيء ؟
قال لي .. يوجد بداخل الفندق مقهى وبه فتيات (( زوينات ))، تفاهم معهم و تستطيع أن تحصل على غرفة لمدة ساعتين لقضاء وقت ممتع
شخص قذر و سلوكه مشين و يسعى للحصول على المال بأي طريقة .
غضبت و خرجت نحو الشارع .. أشرت للتاكسي بيدي و رجعت إلى جيليز .
وصلت للبناية .. قابلت الحارس عند باب البناية، وأخبرني عن ماحدث مع الفتاة وكيف كانت ردة فعلها الغاضبة عندما طلب منها المغادرة
قلت له .. اخبرني عن ما حدث
قال لي .. أخبرتها بأن تذهب لأن خالد قام بتسليم الشقة، غضبت كثيراً و قالت لي: لماذا لم يخبرني خالد وكيف تركني نائمة و غادر، أريد رقم خالد لأتصل به
قلت له .. هل قمت بإعطائها رقمي ؟
قال لي .. لا
قلت له .. برافو عليك يا صاحبي .. فلتذهب الملعونة للجحيم
تنفست الصعداء لأنها غادرت، و صعدت نحو الشقة، دخلت غرفتي و أنا مثقلاً بالتعب، فأستقليت كالجثة الهامدة على فراشي، نمت حتى الساعة الـثامنة ليلاً .
قمت بعدها سعيداً و نشيطاً و الفرح يملأني و اتجهت نحو مقهى (( Brasserie de Flore )) الموجود في ساحة البلازا بمنطقة جيليز ..
أخترت أحد الطاولات في المنتصف و جلست، تلفت يميناً و يساراً فوجدت نفسي في مرتع للغزلان و كأنه حان وقت حان وقت الصيد و البحث عن فريسة .
تذكرت قصيدة لمحي الدين بن عربي في العصر العباسي
لقدْ صارَ قلبي قابلاً كلَّ صورةٍ
فمَرْعًى لغِزْلاَنٍ وديرٌ لرُهْبانِ
وبَيْتٌ لأوثانٍ وكعبةُ طائفٍ
وألواحُ توراةٍ ومصحفُ قرآنِ
أدينُ بدينِ الحبِّ أنَّى توجَّهتْ
رَكائِبُهُ فالحُبُّ ديني وإيماني
لنا أُسْوَةٌ في بِشْرِ هندٍ وأُخْتِهَا
وقيسٍ وليلى ، ثمَّ مي وغيلانِ
يتبع ..
التعديل الأخير تم بواسطة Khaledsfzg ; 2016-10-06 الساعة 12:12 AM
2016-10-04, 10:35 AM
المواضيع المتشابهه للموضوع: قصة عشق .. عشتها بين أمستردام و مراكش
العرض العادي
الدرهم المغربي مقابل عملات الخليج