اعتذر عن الاطالة و الغياب القسري بسبب انشغالي خلال الفترة السابقة
و سأكمل معكم الموضوع
لي علاقة وثيقة بالطاجن المغربي الأصيل ..
اعشقه بكل ما فيني و استمتع بطعمه بكل جوارحي .. وخاصة طاجن اللحم بالبرقوق
عندما استيقظ يومياً أتخيّله امامي و أشعر بوجوده و أشم رائحته .. يا للهول ! ما كل هذا العشق الطاجني !
استيقظت بعد ليلة جميلة، كانت مليئة بالمفاجآت الغير متوقعة ..
أعددت كوباً من القهوة الطازجة و خرجت إلى البلكونة و أشعلت سيجارتي و استنشقت هواء الأطلسي ..
استرخيت و تنفست بشكل هاديء و استجمعت قواي و رتبت افكاري من أجل قضاء يوم جديد في معشوقتي كازا .
أخذت (( دُشاً )) دافيء و أعددت ملابسي و جهزت أغراضي و استعديت من أجل الخروج .. و أنا اتسائل في داخل نفسي عما ينتظرني في هذا اليوم من مفاجآت أو مواقف ربما تكون عادية أو جنونية.
خرجت في تمام الساعة الثالثة ظهراً .. و أنا حقيقة لا أعرف أين سأذهب في هذا اليوم ؟ محتار جداً !
ولكن يجب أن أذهب إلى مقهى من أجل استجماع افكاري ثم الانطلاق بعد ذلك لأكثر من وجهه ..
فقررت الذهاب إلى منطقة المعاريف و تحديداً مقهى (( VENEZIA ICE )) بجانب الـ Twin Towers
ترجلت من التاكسي و وقفت على باب المقهى لكي اختار طاولة (( استراتيجية )) من أجل تشغيل الرادار الرأسي و على مستوى ٣٦٠ درجة، و يجب أن يكون مدار الرؤية شامل جداً من أحل الحصول على متعة أكبر في النظر و من أجل إرضاء الفضول الداخلي :)
المقهى شبه (( خاوي )) من البشر .. لكن الشارع (( عامِرٌ )) بالمارة بجميع اشكالهم، تارةٌ يمر رجل عجوز في كامل أناقته و تساعده عصاه في التنقل و تارةٌ تمر فتاة أنيقة بكعبٍ عالي و شعر (( أزعر )) و تارةٌ يمرون مجموعة من الأطفال و بصحبتهم والدتهم .. إلخ
جلست لطاولتي الاستراتيجية .. طرحت أغراضي على الطاولة .. و وضعت قدمي بطريقة (( رِجلٌ على رِجلْ )) من أجل البرستيج المصطنع و أشعلت سيجارتي المستوردة (( Captain Black )) الأمريكية الصنع .
بعد أن تأكدت بأنني اتخذت موضوعي بشكل ممتاز على طاولتي .. أشرت للجرسون بيدي الكريمتين .
حضر الجرسون بتباطؤٍ شديد و يبدو أن مزاجه متعكِرٌ جداً لهذا اليوم ..
نظرت له بابتسامة لطيفة و قلت له .. أسعد الله مساؤك بكل خير.
رد عليّ ببرود شديد و الدنيا مسوده أمام عينيه و قال لي ماذا تطلب !
قلت له .. احضر لي (( أتاي )) منعنش برائحة النعناع و بجانبه بعض الحلوى.
ارتشفت بعضٌ من (( الأتاي المنعش )) و أشعلت سيجارتي المستوردة و استمعت من خلال (( جهازي المحمول )) إلى
بعضٌ من الموشحات الحلبية و الموالات ذات الطابع الأندلسي بصوت مؤسس الطرب صباح فخري.
جاءت معذّبتي في غيهب الغسقِ
كأنّها الكوكب الدُرّي في الأفقِ
فقلت نوّرتِنِي يا خيرَ زائرةٍ
أما خشيتِ من الحُراس في الطرقِ
فجاوبتني ودمعُ العين يسبقها
من يركب البحر لا يخشى من الغرقِ
أصبح مزاجي في أعلى مستواه، نبضات قلبي مستقرة بشكل عادي، مستوى ضغط دمي ممتاز، دورتي الدموية تجري بكل سلاسة في عروقي، مستوى التركيز أعلى من المتوسط .. إذاً سيكون التفكير في كيفية قضاء هذا اليوم ممتع جداً.
استمريت على حالي و في مكاني لمدة لا تقل عن ساعة و نصف، تلفحني نسمات الهواء العليل و صباح فخري يشجيني و يزيد من شوقي و سيجارتي المستوردة ترفع مستوى مزاجي و عيني تلاحق المارة يميناً و يساراً لكي ترضي فضولها.
بعد برهة من الزمان، جلسوا بجانبي مجموعة من الفتيات في العقد الثاني من عمرهم، ولفت انتباهي محور حديثهم.
كانت واحدة منهم تروي لهم قصتها في (( اغادير )) وكيف انها استطاعت أن تنصب و تسلب المال من (( خليجي )) تعرفت عليه حديثاً في رحلتها !
طبعاً في بداية حديثها كان صوتها واضح و عالي جداً و كانت تتبجح بطريقة نصبها .
قررت أن أقوم سريعاً بتسجيل جزء من حديثها عن طريق (( جهازي المحمول )) من أجل المتعة و ليس شيئاً آخر !
أكملت قصتها بكل بجاحة و وقاحة و نظراً لصوتها الشبه عالي، قام جهازي بألتقاط تفاصيل حديثها و تسجيله بكل سلاسة .
سأحكي لكم قصتها فيما يلي :
تقول بأنها كانت تجلس في مقهى بجانب البحر، وكان هنالك شخص شاب يبادلها النظرات معلناً اعجابه.
قامت هي بتبادل النظرات معه بكل حنية و رومانسية .. قام و جلس معها في طاولتها و قال لها:
أنا أعمل لدى رجل أعمل (( خليجي )) أربعيني، ورجل الأعمال هذا يرغب في عمل سهرة خفيفة ظريفة بمقر إقامته، هو لا يريد منك سوى أن تكوني موجودة بجانبه في هذه الليلة من أجل قضاء وقت ممتع !
قالت له أنا موافقة.
تقول بأنها ذهبت لمقر إقامته و بصحبتها فتاة أخرى، دخلت و ألقت التحية عليهم وجلست بجانب رجل الأعمال.
كان هنالك رجل الأعمال و اثنين من أصدقاءه، وكلهم تترواح أعمارهم في الأربعين.
اتفقت هي و صاحبتها بأن يتشاجرون مشاجرة قوية و عنيفة و من ثم يطلبون المال من أجل المغادرة أو سيقومون بتضخيم المشكلة.
و بالفعل تشاجروا و قاموا بتكسير كل ما هو موجود أمامهم .
تقول بعدها وهي تضحك .. أن رجل الأعمال و أصحابه هربوا مسرعين نحو الغرفة و أقفلوا على أنفسهم الباب .. وبعد بدقائق خرج واحدٌ منهم و أتى مسرعاً نحوهم و قال لهم نحن لا نريد المشاكل و خذوا (( فلوسكم )) و اذهبوا من هنا.
قالت له .. هذا المبلغ قليل جداً و لن نغادر الا بمبلغ أكبر .. وبالفعل قام الرجل بإخراج مبلغٍ أكبر و سلمها في يدها و من ثم خرجت.
نهاية القصة ..
و طبعاً (( جهازي المحمول )) قام بتسجيل معظم قصتها :)
بعدها قمت بالتفكير (( الشيطاني )) .. و خطرت على بالي فكرة جهنمية خبيثة جداً و انتقامية !
و قمت بتنفيذها فوراً، وهي كما يلي:
طلبت الحساب من الجرسون و دفعت المبلغ و استعيدت للمغادرة.
ألتفت نحو، (( السارقة )) وهي تبعد عني مسافة بسيطة جداً .. أخرجت جهازي و فتحت التسجيل الصوتي و رفعت الصوت لكي تسمعه.
قامت بالدوران مباشرة و هي مصعوقة بأن صوتها هو الَّذِي يصدح من جهازي و بأن قصتها أصبحت مسجلة و هي الآن في عداد الأموات.
قلت لها .. أنا قمت بتصويرك أيضاً و بدون علمك، و سوف أذهب إلى أقرب قسم (( شرطة )) من أجل التبليغ عن فعلتك و ستنالين عقابك على ما فعلتيه .
السارقة غضبت جداً، وقامت بشتمي بكل أنواع (( السِباب )) و صوتها ارتفع بشكل غير عادي :)
قمت بمغادرة المكان مباشرة و أنا أشعر بطعم الإنتصار، قطعت الشارع من أجل الحصول على تاكسي من الجهة الأخرى .
والغريب في الموضوع بأن الفتاة (( السارقة )) قامت بملاحقتي نحو الطرف الثاني من الشارع و كأنها تأبطت شراً و في عينيها السوداويتين انتقام شديد.
وبيني وبينكم أنا شخص هاديء جداً و بعيد عن المشاكل و حذر في تصرفاتي و لم أعلم بأن الموضوع سيتضخم بهذا الشكل.
وقفت على الشارع من أجل الحصول على تاكسي و كانت هي واقفة بمسافة قريبة مني، تنظر لي بصمت بعينيها السوداويتين.
هي جميلة و عمرها في بداية العشرينات و شكلها بريء .. ولكنها شيطانة جداً و تعرف من أين تؤكل الكتف !
قمت بالتأشير للتاكسي .. وقف .. و فتحت الباب و ركبت في الخلف و قامت هي مباشرة بفتح الباب الآخر و الصعود معي في نفس التاكسي من دون أن تتكلم معي بأي كلمة.
لم أقل لها أي شيء و عرفت بأنها تبحث عن طريقة لكي لا أخبر الشرطة بما فعلت !
و قلت في نفسي .. أنني سوف أذلها بهذا التسجيل بقدر ما أستطيع.
قلت لصاحب التاكسي .. خذني نحو مطعم الدلفين (( LA TAVERNE DU DAUPHIN )) وهو بالمناسبة مطعم سمك شهير بكازابلانكا
اتجهنا نحو المطعم و بجانبي (( السارقة )) تنظر لي بِحقدٍ مُدقع و أعتقد بأنها تفكر في سرقة (( جهازي المحمول )) لكي تنهي هذه القصة بكاملها :)
يتبع ..